قمة فايمر الثلاثية: تأكيد الدعم للبنان وتصعيد الضغط على تركيا
٥ ديسمبر ٢٠٠٦تستضيف مدينة ميتلاخ الواقعة في ولاية سارلاند الألمانية أعمال الدورة السابعة لقمة فايمر الثلاثية بين كل من ألمانيا وفرنسا وبولندا. وكان من المقرر ان تعقد القمة في الثالث من تموز/يوليو الماضي، لكن اعتذار الرئيس البولندي ليش كاشينزكي عن الحضور أخر عقدها الى نهاية العام الجاري. تباينت أسباب الاعتذار بين مرض الرئيس البولندي والفتور الذي طرأ على العلاقات البولندية-الألمانية، بعد ان نشرت صحيفة تاجستسايتونج الألمانية رسماً ساخراً للرئيس البولندي. ومن المنتظر ان تتميز هذه القمة كسابقاتها باختلاف في وجهات النظر بين الأطراف الثلاثة حول قضايا عدة كالفيتو البولندي على محادثات الاتحاد الأوروبي مع روسيا، بالإضافة الى تحفظات وارسو على مشروع أنبوب الغاز الروسي الألماني. الجدير بالذكر ان تاريخ القمة يتسم بانقسامات كثيرة في وجهات النظر، ففي عام 2005 صوت الفرنسيون ضد مشروع الاوروبي بعد عشرة أيام فقط من قمة ذلك العام. كما أن تأييد بولندا للولايات المتحدة في حربها على العراق أدى الى برود في علاقاتها مع فرنسا، الأمر الذي انسحب هو الآخر على أعمال القمة. وتعقد قمة فايمر الثلاثية منذ 15 عاماً، إذ تجتمع زعامات الدول الثلاث كل عامين لمناقشة سبل التعاون المشترك بينها.
اتفاق ألماني-فرنسي بشأن مباحثات انضمام تركيا
على هامش القمة الثلاثية، تم عقد لقاء تشاوري ثنائي بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي جاك شيراك بخصوص قضايا عدة، كان من أهمها مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. وفي تنسيق كلا البلدين خلال اللقاء غير الرسمي لاتخاذ موقف موحد من سير المفاوضات تم بحث أمكانية توجيه إنذار نهائي الى أنقرة للوفاء بشروط الانضمام. في هذا السياق أكد البيان المشترك عن اللقاء على ضرورة تصعيد الضغوط على أنقرة لفتح موانئها ومطاراتها أمام السفن والطائرات القبرصية. الجدير بالذكر ان هذا الرفض التركي كان سبباً رئيسياً في تعليق المفاوضات جزئياً مع تركيا، ويتعارض مع الاتفاق الذي وقع عام 2005 ويُدعى بروتوكول أنقرة لتوسيع منطقة الاتحاد الأوروبي الجمركية. وعشية انعقاد القمة أعلنت برلين عن رغبتها في ان يأخذ الاتحاد الأوروبي المزيد من الوقت في دراسة التقدم الذي أحرزته تركيا، قبل ان تقرر دول الاتحاد استئناف مفاوضات الانضمام مع أنقرة. أسمت برلين اقتراحها هذا "ببند المراجعة". والحكومة الألمانية، التي تقف على أعتاب رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي، ترى ان من المهم إقران اقتراحها بالمفاوضات مع تركيا، كما جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية الألمانية توماس شتيج.
الشأن اللبناني على جدول أعمال القمة
كما تم خلال اللقاء الثنائي بين ميركل وشيراك التطرق الى الأزمة التي يمر بها لبنان حالياً، نتيجة عزم المعارضة المؤيدة لسوريا على إسقاط حكومة السنيورة بحجة عدم التمثيل السياسي المتوازن. وفي إعلان مشترك صدر عن اللقاء، دعت كل من ألمانيا وفرنسا الحكومة السورية الى "الامتناع عن دعم القوى التي تسعى الى زعزعة استقرار لبنان والمنطقة". وفي هذا السياق شدد الإعلان المشترك عن رفض البلدين لكل "أشكال التدخل الخارجي في شؤون لبنان الداخلية". كما أكد كلا الطرفين على ضرورة ان تقوم العلاقة بين دمشق وبيروت "على المساواة والاحترام المتبادل". الجدير بالذكر ان وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير كان قد أختتم يوم أمس في سوريا جولة له في منطقة الشرق الأوسط. وخلال لقاءه بالرئيس السوري بشار الأسد أوصل شتاينماير رسائل واضحة الى الحكومة السورية. أكدت هذه على دعم ألمانيا لحكومة لبنان الحالية وعلى ضرورة استخدام دمشق، كلاعب أقليمي رئيسي في منطقة الشرق الأوسط، لنفوذها على حلفائها اللبنانيين والفلسطينيين للمساعدة في النهوض بعملية سلام شاملة لازمة الشرق الأوسط. وربط بيان ميركل-شيراك المشترك بين تغيير سلوك الحكومة السورية وبين خروجها من عزلتها الدولية عن طريق استعادة علاقاتها الطبيعية مع المجتمع الدولي، وخصوصاً مع الاتحاد الأوروبي.
عدم الاتفاق على المباحثات مع روسيا
من القضايا الأخرى التي ألقت بظلالها على القمة الثلاثية هو التحفظ البولندي على علاقات الاتحاد الاوروبي مع روسيا. ويشكل الموقف البولندي الرافض للشراكة الاستراتيجية مع روسيا في ضوء استمرار موسكو فرض حظر على استيراد اللحوم والمنتجات الزراعية البولندية إحراجا لجهود الاتحاد الاوروبي. وفي هذا السياق قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني (البوندستاغ) روبرشت بولينتس في مقابلة مع صحيفة برلينر تسايتونج ان على برلين إقناع بولندا بالتخلي عن تحفظاتها تجاه هذه المباحثات. ولكن الرئيس البولندي كاشينزكي كان قد وجه انتقادات لاذعة لروسيا في مقابلة أجريت معه قبل توجهه الى ألمانيا. وقال كاشينزكي معلقاً على الفيتو البولندي المتعلق باستئناف المباحثات مع روسيا بخصوص اتفاقية شراكة جديدة مع الاتحاد الأوروبي: "لدينا الحق في تضامن الآخرين معنا، فنحن متضامنين مع قضايا الآخرين". الجدير بالذكر ان ألمانيا تعير سير المباحثات أهمية كبيرة وتجعلها من محاور رئاستها للاتحاد الأوروبي.