كأس القارات تجربة ناجحة قبل بطولة العالم 2006
نجحت ألمانيا خلال بطولة كأس القارات 2005 في الظهور كبلد مُضيف ومتسامح قادر على تنظيم بطولات عالمية واستضافة العالم. يعود الفضل في ذلك بالدرجة الأولى إلى أداء المتطوّعين البالغ عددهم 2075 الذين تطوّعوا لتقديم كل مساعدة لازمة لإنجاح البطولة. كان المتطوّعون الذين قدّموا أكثر من 25 ألف ساعة عمل يؤدون وظائفهم بمزاج طيّب وحماس كبير أثار إعجاب العالم بأكمله وعلى رأسه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتير الذي أثنى على ألمانيا ووصفها بأنها بلدٌ مضياف.
ملاعب
استضافت خمس مدن ألمانية ( فرانكفورت وكولونيا ولايبزغ وهانوفر ونورنبيرغ ) مباريات البطولة التي كان بعضها مثيراً لدرجة تحبس الأنفاس كالمباراة النهائية التي جمعت بين الغريمين التقليديين المنتخب البرازيلي ونظيره الأرجنتيني. وحظيت ملاعب هذه المدن التي بلغت تكاليف ترميمها وتجهيزها لاستضافة البطولة 540 مليون يورو، حظيت بإعجاب اللاعبين والمسؤولين الإداريين وعشاق الكرة المستديرة الذين حضروا إلى الملاعب لمشاهدة المباريات ومؤازرة فرقهم المفضلة.
وأكثر ما تمتاز به الملاعب متوسطة الحجم التي تتراوح سعتها بين 42 ألف إلى 48 ألف مشجع، هي الأجواء المثيرة والحماسية التي تُخيّم على أرضها حتى لو لم تكُن مليئة بالمشجعين. ظلّت الأمور تسير على ما يُرام حتى المباراة النهائية التي استضافتها مدينة فرانكفورت حيث تبيّن أن هناك خطاً في تصميم سقف الملعب الجديد الذي تمزّق جزء منه جراء الأمطار الغزيرة، مما أدى إلى تعرّض المشجعين إلى شلال من المياه.
الناحية الأمنية
لم تشهد بطولة العالم المصغرة أي أعمال شغب أو مواجهات تُذكر بين مشجعي المنتخبات المشاركة في البطولة. لذا لم تُواجه قوى الأمن أي تحدّ يُذكر يُظهر قُدراتها على ضبط الأمن وفرض النظام، باستثناء بعض الحالات الفردية التي لم يكُن أحد يتوقعها على ما يبدو، مثل دخول بعض المشجعين إلى أرض الملعب أثناء المباريات. في حين أعرب بعض المسؤولين عن قلقهم إزاء هذه الظاهرة، أي اقتحام بعض المشجعين لأرض الملعب، وصف رئيس اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم 2006 فرانتس بيكنباور هذه الظاهرة بأنها "فضيحة" لا يجوز غض البصر عنها أو تجاهلها.
أسعار البطاقات
في حين كانت أسعار بطاقات حضور المباريات ( ابتداء من 17 يورو ) مقبولة، كان على الجمهور دفع 6 يورو ونصف مقابل زجاجة كولا أو ماء زائد يورو رهناً على كل زجاجة، مما يُعتبر باهظ الثمن. يبدو أن التجار والمستفيدين من وراء المشروبات استغلّوا حظر إدخال أي مشروب إلى داخل الملعب.
56 هدفاً في 16 مباراة
شهدت بطولة كأس القارات 56 هدفاً أُحرزت في 16 مباراة، أي بمعدل 3،5 هدفاً لكل مباراة، الأمر الذي يزيد من إثارة كرة القدم والرغبة في اتّباع أساليب هجومية في اللعب، لا سيما أن كثرة الأهداف تُثير فرحة الجماهير وتزيد من حماسهم ورغبتهم في مشاهدة المباريات. أكبر عدد من الأهداف أحرزها النجم البرازيلي المتألق أدريانو المحترف في صفوف فريق إنترميلانو الإيطالي الذي تُوّج هدفاً للبطولة وأفضل لاعب فيها.
540 ألف مشجّع أتوا إلى الملاعب
اجتذبت المباريات الـ 16 أكثر من 540 ألف مشجع إلى الملاعب، مما يعني أن الملاعب كانت مليئة بعشاق كرة القدم بنسبة 85 %. كانت الأجواء السائدة في الملاعب حماسية ومثيرة زادت من شعور الجمهور بالفرحة والمُتعة أثناء مشاهدة المباريات الرائعة التي قدّمتها جميع الفرق المشاركة بشكل عام والفريق البرازيلي بشكل خاص الذي قدّم عروضاً ساحرة وقوية تؤكد جدارته في تصدّر ترتيب المنتخبات العالمية.
ألمانيا
قدّم المنتخب الألماني المضيف عروضاً جيدة استأسرت قلوب عشاقه وأعادت له هيبته وسُمعته الطيبة على الصعيد العالمي. صحيح أن الفريق الألماني لم يُحقق هدفه في الفوز بكأس البطولة المقامة على أرضه وأمام جمهوره، إلا أنه استعاد ثقته بنفسه اللازمة لمُجاراة الفرق العالمية الكبيرة، مثل بطل العالم وكأس القارات المنتخب البرازيلي ووصيف بطل أميركا الجنوبية المنتخب الأرجنتيني الذي يُعدّ ثاني أفضل منتخب في العالم بعد غريمه التقليدي المنتخب البرازيلي.
تألق في صفوف المنتخب الألماني بشكل خاص كابتن المنتخب ونجم فريق بايرن ميونيخ ميشائيل بالاك، إضافة إلى اللاعبيْن الصاعدين باستيان شفاينشتايغر الذي يلعب في صفوف بايرن ميونيخ ومهاجم فريق كولونيا لوكاس بودولسكي. وفي ختام البطولة أعرب المدير الفني للمنتخب الألماني أوليفر بيرهوف عن رضاه عن أداء اللاعبين الشباب الذين نجحوا في استغلال البطولة لإثبات جدارتهم وقُدراتهم على اللعب على مستوى عال. وأضاف بيرهوف أن المستوى الذي قدّمه الفريق الألماني يُشكّل أساساً قوياً لتشكيل فريق قادر على خوض بطولات عالمية كبيرة.
مشاركة عربية في البطولة
كان المنتخب التونسي الفريق العربي الوحيد الذي شارك في البطولة مع سبع منتخبات أخرى هي البرازيلي والأرجنتيني والألماني والأسترالي والياباني واليوناني والمكسيكي. قدّم بطل إفريقيا 2004 عروضاً جيدة خلال البطولة توّجها بفوزه على بطل أوقيانوسيا المنتخب الأسترالي بهدفين للاشيء، وذلك رغم خسارته أمام المنتخبين الأرجنتيني ( 1 : 2 ) والألماني ( 0 : 3 ). تألّق في صفوف المنتخب التونسي بشكل خاص اللاعب سيلفا دوس سانتوس البرازيلي الأصل الذي أحرز هدفي تونس في مرمى أستراليا في آخر مباريات الدور الأول للمجموعة الأولى.
الآن وقبل عام من انطلاق نهائيات كأس العالم 2006، أثبتت ألمانيا جدارتها وقُدرتها على استضافة كبرى البطولات العالمية. صحيح أن بطولة كأس القارات 2005 ليست إلا بطولة مصغرة لكرة القدم العالمية تضم 8 منتخبات فقط، إلا أنها كانت مليئة بالإثارة والحماس بشكل غير مسبوق منذ البدء بتنظيم هذه البطولة الكروية التي نُظّمت للمرة الأولى عام 1992 في السعودية.