كورونا .. قطاع غزة يهدده انهيار النظام الصحي
٢٥ نوفمبر ٢٠٢٠نداء نجدة من قطاع غزة، فوباء كورونا يتطور بشكل مقلق، والناس الذين يعيشون هناك يحتاجون بشكل ملح للمساعدة الدولية. وإذا ما تخلفت هذه المساعدة، فإن كارثة إنسانية تهدد، كما يحذر أياد أبو كرش، مدير في وزارة الصحة الفلسطينية: "في غزة لا يوجد بالأصل مقومات حياتية لمواجهة أي وباء أو أزمات"، كما قال أبو كرش. وعلى كل حال تمكنت وزارة الصحة من رفع عدد الأسرة الخاصة بمرضى كوفيد 19 بفضل جهود مضنية من 100 إلى 150 سرير، يضيف أبو كرش: "وفي الأسابيع المقبلة سنحاول الحصول على 30 سرير إضافي".
ظروف انتشار مثالية
لكن هذه الإجراءات قلما تكون كافية إذا ما واصل الوباء الانتشار بالسرعة المسجلة حاليا. وهذا ممكن، لأن قطاع غزة به ظروف سيئة للسيطرة على الفيروس. ففي المنطقة التي تتسع على مساحة 362 كيلومتر مربع يعيش حاليا نحو 1.9 مليون من الناس. وهذا يعني كثافة سكانية بـ 5328 نسمة للكيلومتر المربع الواحد. وللمقارنة نذكر أنه في المانيا يعيش في نفس المساحة في عام 2018 في المتوسط 232 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد.
كما أن الوضع في سوق السكن جد متوتر، بحيث أن قطاع غزة يحتاج على الأقل لـ 120.000 وحدة سكنية جديدة، كما أعلن نائب وزير السكن ناجي سرحان في يناير من العام الجاري قبل تفشي الوباء بأسابيع قليلة. وبالتالي هناك ازدحام داخل الشقق، الأمر الذي يساعد على انتشار الفيروس.
"كارثة"
وعلى هذا النحو تكون ظروف الحياة صعبة بالنسبة إلى كثير من الناس. "إنها كارثة"، يقول أحمد النجار من مدينة غزة في حديث مع دويتشه فيله. وقد أُدخل المستشفى في النصف الثاني من نوفمبر بعوارض صعبة، وتمكن من الارتياح ومغادرة المستشفى بعدها.
" إنه وضع سيئ"، كما يصف النجار التطور الحالي: "جميع أفراد أسرتي مصابين وكذلك جيراننا. فلا يوجد شارع ليس فيه إصابات". والضيق في السكن هو الذي يثقل كاهل الناس: "هذا يؤثر علينا جدا، لأنه بخلاف الفيروس نحن نعاني من ظروف نفسية حادة يأتي بها المرض، وهي مثقلة لاسيما في أوضاع الضيق".
حاجة اقتصادية
وما يزيد الطين بلة هو الوضع الاقتصادي المتردي لكثير من المواطنين. فنسبة البطالة وصلت قبل مدة قصيرة إلى 45 في المائة، وكانت مرتفعة أكثر في صفوف الشباب. وبسبب الوباء ارتفعت البطالة، كما أعلن الثلاثاء مدير اتحاد النقابات في قطاع غزة، سامي العمسي، ففي الأثناء يوجد 82 في المائة من مجموع السكان بدون عمل. وبسبب الوباء تم إلى حد الآن فقدان نحو 160.000 موطن عمل.
وحوالي 13.000 شخص يتلقون راتبا من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي هي أكبر رب عمل في قطاع غزة. "السكان هناك يعولون في نسبة كبيرة على المساعدة الدولية"، كما قال مديرها فليب لازاريني مؤخرا في مقابلة مع دويتشه فيله، علما أن وكالة اللاجئين الفلسطينيين تعاني من نقص في التمويل. فبعض الخدمات تهدد بالزوال. وداخل شارع عمر المختار وسط مدينة غزة تنشط حركة الناس.
أحمد البنا يبيع هناك الكمامات، وفقد عمله كنجار نتيجة انتشار الوباء. "أعمل هنا يوميا بعض الساعات"، يقول الرجل البالغ من العمر 25 عاما في حديث مع دويتشه فيله: "وفي الساعة الخامسة مساء وجب علي جمع أغراضي، بالنسبة إلى يمثل الجوع خطرا أكبر من الفيروس". ولا يتوفر على سكن، وبالتالي هو يعيش في بيت عائلته." والدي مريض، ولا نحصل على مساعدة، ولذلك أنا اذهب إلى العمل رغم كل المخاطر. وكذلك ألتزم بإجراءات السلامة بالتعقيم ولبس الكمامة حتى وأنا متجول".
ارتفاع كبير في الإصابات
وحاليا يرتفع عدد الإصابات بشكل مقلق. فيوم (الثلاثاء 24 تشرين الثاني/ نوفمبر) أعلنت جامعة جون هوبكنز عن تسجيل 73.196 حالة أصابة و 645 حالة وفاة في الضفة الغربية وكذلك قطاع غزة. وفي اليوم التالي ارتفعت هذه الأرقام.
وإذا ما استمرت الحال على هذه الوتيرة، فإن الوضع سيخرج بعد عشرة أيام عن السيطرة، يقول خبير الفيروسات عبد الرؤوف المنامة من الخلية التي أنشأتها الحكومة لمكافحة الوباء: "فلن نصبح في وضع يمكننا من مواجهة هذا الارتفاع. ومن الممكن أن لا يحصل جميع المرضى على مكان في مراكز الطب". وحتى عبد الناصر صبح، منسق المساعدة الطارئة لمنظمة الصحة العالمية في قطاع غزة حذر من انهيار محتمل للرعاية الصحية لمرضى كورونا. "في الأسبوع المقبل لن يكون بوسعنا تقديم الرعاية للمرضى في وضع حرج"، كما أعلن الثلاثاء. ونسبة الإصابة بين الخاضعين للاختبارات تصل في الأثناء إلى 21 في المائة، علما أن عدد المصابين يزداد بين الذين تفوق أعمارهم 60 عاما. "وهذا مؤشر خطير، لأن الغالبية سيحالون على المستشفى"، كما حذر صبح.
وعلى المدى القصير يحتاج قطاع غزة للمساعدة الطبية، وهناك دعوة موجهة للمجتمع الدولي من أجل توفير الأجهزة الطبية، كما قال فتحي أبو وردة، مستشار وزير الصحة الفلسطيني. وإذا لم تصل هذه المساعدة، فإن أعداد الإصابة والوفيات ستزداد.
كرستين كنيب/ م.أ.م