Koalition in Israel. Liebermann Außenminister.
١٦ مارس ٢٠٠٩أثار توقيع حزب ليكود الإسرائيلي بزعامة رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو على اتفاق مبدئي لتشكيل حكومة ائتلافية ليلة أمس الأحد (15 مارس/ آذار) مع الحزب القومي المتشدد "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيجدور ليبرمان، بعض المخاوف من أن تتجه الحكومة الإسرائيلية القادمة نحو اليمين المتطرف، ما قد ينعكس على عملية السلام والجهود الدولية المبذولة للتوصل إلى حل يقوم على أساس دولتين إسرائيلية وفلسطينية.
يذكر أن أطروحات وسياسات ليبرمان، الذي سيتولى وفقا للاتفاق حقيبة الخارجية، كانت قد أثارت حنق العرب وقلق المجتمع الدولي.
"ليبرمان لم يرفض من حيث المبدأ حل الدولتين"
وفي محاولة لاستقراء مستقبل عملية السلام وموقف المجتمع الدولي في حال اكتملت التركيبة اليمينية للحكومة الإسرائيلية القادمة، أجرى موقعنا حوارا مع الخبير المختص بشؤون الشرق الأوسط لدى مؤسسة بيرتلزمان الألمانية، شتيفان فوبل. في هذا السياق، يرى الخبير الألماني أن وصول حكومة يمينية إلى سدة الحكم في إسرائيل من شأنه أن يعقد الوضع، لأن المطالب الفلسطينية المتعلقة بالحل القائم على أساس الدولتين وتقاسم مدينة القدس وغيرها من القضايا ليست ممكنة من الناحية الأيديولوجية في ظل حكومة يمينية.
لكن الخبير الألماني لا يستبعد تماما الحل القائم على أساس الدولتين، مشيرا في هذا الصدد إلى أن ليبرمان لم يرفض من حيث المبدأ هذا الحل، حيث كان مطلبه الأساسي هو أن تُشكل حدود تلك الدولة بحيث يعيش العرب الإسرائيليون على أرض تلك الدولة الفلسطينية المستقبلية. وليس معروفا الآن، كما يقول فوبل، إلى أي حد سوف يتسم ليبرمان بالمرونة بعد توليه منصب في حكومة ائتلافية، لكن تجربة الماضي معه تؤكد أنه كان مستعدا للتخلي عن منصبه الحكومي في سبيل التمسك بمواقفه الأيديولوجية. ويخلص الخبير الألماني إلى القول "إن كل المعطيات تشير إلى أن الحل البرجماتي أضحى مستبعدا".
لكن فوبل يؤكد على أهمية التفريق بين الدعاية الانتخابية لليبرمان وبين ما سيحاول في الواقع العملي تطبيقه في إطار التحالف الحكومي. وأضاف في هذا السياق: "من المتوقع أنه سوف يحاول إتباع خط يوفق معه بين إقناع ناخبيه من الإسرائيليين من أصول روسية، وعددهم ليس بالقليل، وبين متطلبات السياسة".
"الولايات المتحدة قد تراجع وسائل دعمها لإسرائيل"
وكان حزب إسرائيل بيتنا وزعيمه ليبرمان، المهاجر من مولدوفا بالاتحاد السوفيتي سابقا والذي ينظر كثيرون لتصريحاته -لاسيما أثناء المعركة الانتخابية- على أنها مناهضة للعرب، قد دعا إلى مبادلة الأرض التي يقيم عليها عرب إسرائيل بالمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية في أي اتفاق سلام يجرى التوصل إليه مع الفلسطينيين. وحث ليبرمان أيضا على اتخاذ خطوات لضمان ولاء كل الإسرائيليين بمن فيهم عرب إسرائيل للدولة العبرية كشرط للاحتفاظ بجنسيتهم، وإلا فإنه يتوجب طردهم. لكن هل سيقف المجتمع الدولي متفرجا، إذا ما اتجهت الحكومة الإسرائيلية المقبلة إلى تطبيق مثل هذه الأطروحات على أرض الواقع؟
في هذا السياق، يقول فوبل إنه سيتم بالتأكيد ممارسة ضغوط دولية كبيرة على الحكومة الإسرائيلية، بحيث لا يصل الأمر إلى هذا الوضع، لاسيما من قبل الإدارة الأمريكية برئاسة باراك أوباما التي لاشك أنها سوف تراجع وسائل الدعم التي تقدمها لإسرائيل، في حالة ما إذ انتهجت الحكومة الإسرائيلية القادمة مثل هذه السياسات الغير ديمقراطية، حسب تعبير الخبير الألماني.
وعند سؤاله حول مدى التناغم المتوقع بين الإدارة الأمريكية برئاسة أوباما، الذي يسعى إلى تطبيق أجندة سياسية جديدة في المنطقة، وبين حكومة إسرائيلية يمينية، يقول فوبل إن أجندة أوباما في المنطقة بها نقاط متعددة، مشيرا إلى أنه يتوجب الانتظار لمعرفة ما إذا كان الرئيس الأمريكي سوف يلقي بكل ثقله في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. لكن فوبل يلفت النظر إلى أن مصالح الإدارة الأمريكية الجديدة ومصالح الحكومة الإسرائيلية ـ بصرف النظر عن توجهها ـ تلتقي عند ضرورة التعامل الحازم مع الملف النووي الإيراني، وهو ما سيجعل الجانبين الإسرائيلي والأمريكي يحرصان على توفير ظروف مواتية من شأنها أن تنعكس إيجابا على ملف النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
" لا تزال هناك نوافذ مفتوحة"
وحول ما إذا كان وصول أحزاب يمينية متطرفة إلى سدة الحكم في إسرائيل في ظل وجود حركة حماس المتشددة على الجانب الفلسطيني من شأنه أن يصعد من التوتر في المنطقة، يقول الخبير الألماني بأنه من "المبكر النظر للوضع بتشاؤم، صحيح أن المؤشرات لا تبشر عموما بالخير، لكن لا تزال هناك نوافذ مفتوحة".
ويشير فوبل إلى التفاعلات السياسية الحالية على الصعيدين الإسرائيلي والفلسطيني. فعلى الجانب الإسرائيلي يشير إلى أنه يتوجب الانتظار حتى تتضح معالم تشكيلة الحكومة الإسرائيلية، فالحكومة الائتلافية لم تتشكل بعد، وما تزال المفاوضات مع أحزاب أخرى جارية، وليس مستبعدا قيام تحالف بمشاركة حزب كاديما، وإن كان ذلك يبدو غير مرجحا. أما على الجانب الفلسطيني فيشير الخبير الألماني إلى الحوار والتقارب بين حركتي فتح وحماس، وبالتالي فإنه في حال التوصل إلى تحالف على الجبهة الفلسطينية ـ الفلسطينية، قد يكون ممكنا مع الوقت بالنسبة لإسرائيل والأسرة الدولية التعامل بشكل أو بآخر مع الفلسطينيين، حسب فوبل.
الكاتب: عبده جميل المخلافي
المحررة: سمر كرم