لقاء البابا مع ممثلي المنظمات الإسلامية بين التفاؤل والواقعية
في إطار زيارة البابا بيندكت السادس عشر لجمهورية ألمانيا الاتحادية من أجل إحياء ملتقى الشبيبة العالمي الذي يدعو إليه الفاتيكان قام قداسته بزيارة الكنيس اليهودي في كولونيا. ومن هناك ناشد اليهود والمسيحيين للعمل من أجل العيش في عالم أفضل يسوده السلام والوئام بين معتنقي الديانات المختلفة. وقال البابا إبان زيارته التاريخية للكنيس اليهودي: "علينا ألا ننظر فقط إلى الماضي المؤلم وإنما التطلع بتفاؤل إلى مستقبل مشرق كذلك". بعدها ترحم على أكثر من 6 مليون يهودي سقطوا ضحية القهر والعدوان النازي الغاشم أثناء الحرب العالمية الثانية، كما تحدث باستفاضة عن علاقات المسيحيين بإخوانهم اليهود. وتعد هذه الزيارة التي شهد البابا في غصونها صلاة يهودية حدث فريد من نوعه، إذ لم يسبق في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية أن حضر أحد أصحاب الكرسي الرسولي أثناء إقامة الشعائر الدينية اليهودية.
وسيلتقي البابا مساء اليوم السبت 20 أغسطس/ آب 2005 وفداً مكوناً من ممثلي المنظمات الإسلامية في ألمانيا. ويأتي في مقدمتها المجلس الأعلى للمسلمين والاتحاد التركي الإسلامي لإدارة شؤون الدين DITIB.
لقاء ذو دلالات كبيرة
وفي حديث أجراه موقع دويتشه فيلّه مع الدكتور نديم الياس، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا اللقاء اعتبر الياس أن اللقاء هو بمثابة مؤشر هام في تاريخ علاقة المسلمين بالمجتمع الألماني وبالكنيسة الكاثوليكية. على صعيد آخر يحمل اللقاء دلالات كبيرة بعد مجمع الفاتيكان الثاني الذي رتب أواصر العلاقات التي تربط المذهب الكاثوليكي بالديانات الأخرى و مع الإسلام بصورة خاصة. كما يحمل مثل هذه الدلالات على ضوء مواقف البابا السابق يوحنا بولس الثاني التي كانت تتسم بكل التقدير والاحترام تجاه الدين الإسلامي الحنيف. وفي حوار مع بيتر هاينه أستاذ العلوم الإسلامية بجامعة برلين، أكد هاينه على أهمية اللقاء كونه يجسد مواقف الفاتيكان من الحوار مع الديانات السماوية، لاسيما الإسلام، وهنا لا بد من التذكير بأن بابا الفاتيكان السابق يوحنا بولس الثاني هو أول صاحب كرسي رسولي زار مسجد إسلامي هو المسجد الأموي في دمشق.
مواضيع هامة للنقاش
وفي معرض إجابته على سؤال يتعلق بمواضيع اللقاء مع البابا قال الياس"لاشك أننا سنستفيد من هذه الفرصة لطرح عدد من القضايا أهمها تلك التي تتعلق بحوار الأديان. ويرى الياس أن القضايا التي ستطرح ليست موضع خلاف بين ممثلي الجمعيات الإسلامية. ولكن من المعروف عن مثل هذه اللقاءات أنها في الغالب تقليدية وذات سمة رمزية". لذلك يطمح الكثيرون في أن يتعدى لقاء اليوم مستوى اللقاءات الدبلوماسية الرسمية، ليصل إلى مستوى يمكن فيه مناقشة الأمور الحيوية التي تعني المسلمين والمسيحيين وغيرهم في العالم أسره". ويأمل إلياس في ديمومة اللقاء والحوار إذ يقول: "لعله يكون من الممكن أن يتخذ بابا الفاتيكان خلال لقاء اليوم مبادرة هامة وأن يقوم بإنشاء مؤسسة كاثوليكية جديدة ذات صفة دائمة، من أجل تعزيز الحوار مع المنظمات الإسلامية العالمية." ومن أهم المواضيع المطروحة للنقاش هي مسألة اندماج المسلمين في المجتمع الألماني والمشكلات التي قد تحول دون اندماجهم.
وثيقة اعتذار
لأن "الحملات الصليبية" أول ما يترد في أذهان بعض المسلمين عندما يتعلق الأمر بإمكانية إجراء الحوار مع المسيحيين، ولتحفيف الهوة السحيقة التي خلفتها هذه الحروب بين المسلمين والكاثوليك، وإعطاء دفعة غير مسبوقة للحوار الإسلامي المسيحي، فأنه من المتوقع أن يدعو رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بابا الفاتيكان إلى إصدار وثيقة اعتذار للمسلمين عما خلقته الحملات الصليبية من أضرار لحققت بهم خلال القرون الوسطى. ويرى إلياس أنه في حالة إقدام الكنيسة الكاثوليكية على هذة الخطوة فإنها بذلك "ستطوي صفحة أليمة لتبدأ صفحة جديدة من الثقة المتبادلة والتعاون والحوار البناء بين الفاتيكان والعالم الإسلامي."
علاء الدين سرحان