مؤتمر الإسلام في برلين ـ حصيلة عشر سنوات
٢٧ سبتمبر ٢٠١٦لدى افتتاح الجلسة الأولى "لمؤتمر الإسلام" في برلين قبل عشر سنوات، قال وزير الداخلية آنذاك فولفغانغ شويبله "الإسلام جزء من ألمانيا، وهو جزء من أوروبا، وجزء من حاضرنا وكذلك جزء من ثقافتنا". وبحلول الذكرى السنوية العاشرة لانطلاق مؤتمر الإسلام في ألمانيا ستقام الثلاثاء في برلين مراسم احتفال.
ويرى علي إرتان توبراك، رئيس الجالية الكردية أن هذا المنتدى قد فشل، وأوضح أنه عوض تحقيق تقارب، يُسجل "مؤتمر الإسلام تباعدا أكبر، تحديدا في قضايا اعتماد نظام قيم مشتركة والولاء للدولة الألمانية".
"حققنا الكثير"
على عكس ذلك يعتبر وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير أن مؤتمر الإسلام حقق حصيلة إيجابية. وقال بهذا الخصوص، "حققنا الكثير"، مشيرا إلى أن هذا المنتدى كان دوما "منبع نبضات" و"ضامنا لنتائج ملموسة". وأكد أن إدراج تعليم الدين الإسلامي وإيجاد مناصب في التعليم العالي للفكر الإسلامي يمثلان نماذج حية على النتائج الملموسة.
الوزير دي ميزير بعث في 2014 نوعا من الحياة الجديدة داخل المنتدى المنهك بالخلافات حول المفاهيم و المناصب. فبخلاف سلفه هانس بيتر فريدريش الذي ركز حصرا على قضايا التطرف والشراكة الأمنية، لفت دي ميزير الانتباه إلى قضايا الحياة اليومية، مثل إنشاء اتحاد إسلامي للجمعيات الخيرية، وإيجاد هيئة إرشاد إسلامية لدى الجيش الألماني وفي المستشفيات والسجون.
وتضاف إلى ذلك تحديات جديدة، إذ أن آلاف من المسلمين قدموا في السنة الماضية كلاجئين، كما أن اعتداءات إرهابية تُنسب لخلفية إسلامية هزت البلاد. وأشار الوزير إلى أن هذه الاعتداءات غيرت النظرة العامة للإسلام في ألمانيا. وفي هذا السياق حذرت مندوبة الحكومة لشؤون الاندماج، أيدان أوزغوز من "نقاش مبتذل"، داعية إلى إعطاء الأولوية لموضوعات قائمة. ويرى أيمن مازيك، رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا أن من هذه الأولويات "بتفعيل المساواة المؤسساتية بين الإسلام في ألمانيا وديانات أخرى".
من يمثل المسلمين؟
من سيتحدث مع من على مستوى متساو يُعد أحد الخلافات الجوهرية القائمة في مؤتمر الإسلام حتى بعد مرور عشر سنوات على تشكيله. وفي الأثناء يجلس ممثلو الدولة والولايات والبلديات فقط أمام ممثلي اتحادات إسلامية وتركية. صاحب فكرة تنظيم المؤتمر شويبله ضم في السنوات الأولى شخصيات من التيار العلماني، ليكون الخلاف بين القوى السنية المحافظة وطائفة العلويين والعلمانيين مبرمجا منذ البداية.
وتطالب المحامية من أصول كردية، سيران أتيس من برلين، والتي شاركت في الجولة الأولى لمؤتمر الإسلام بين 2006 و 2009 بتجاوز هذه الخلافات. وقالت أتيس في مقابلة مع DW بأنه يجب على السياسة الألمانية أن تقبل "أن الإسلام كدين لا يمكن تأطيره مثل الكنيسة المسيحية، يعني كمؤسسة تتحدث باسم الجميع". وقالت إنه كان خطرا كبيرا من الحكومة الألمانية أن تجتمع فقط مع اتحادات منظمة.
في المقابل يقول البروفيسور ماتياس روهه، خبير في الشأن الإسلامي، ومن المشاركين الأوائل في مؤتمر الإسلام إنه "من يريد المشاركة، يجب عليه أن يقبل التنظيم، وهذا ينطبق على الأصوات الليبرالية والعلمانية".
الأفضل تنظيم مؤتمر الإسلام على مستوى أوروبا؟
رئيس الجالية التركية في ألمانيا غوكاي صوفوغلو، يرى أن مؤتمر الإسلام يحقق نجاحا، ويشدد على أن لا ينقطع الحوار خلال السنوات العشر الماضية رغم كافة التحديات. وأوضح صوفوغلو أن الأجواء السائدة داخل مؤتمر الإسلام بين 2011 و 2013 تدهورت، لأن الكثير من الاتحادات الإسلامية شعرت بأنها وُضعت في خانة الشبهات العامة. وأوصى غوكاي صوفوغلو، بالنظر إلى العلاقة المتوترة بين الحكومة الألمانية واتحاد ديتيب التركي، بالتعقل. وقال في مقابلة مع DW "إنه من المفيد البقاء في حوار، عوض الخوض في الأخذ والرد عبر وسائل الإعلام".
وهيمنت خلافات طوال السنوات العشر الأخيرة حول تنظيم هذه الهيئة، مما أدى إلى إدخال إجراءات تنظيمية مثل تشكيل هيئة توجيه مكونة من تسعة أعضاء يمثلون الدولة والولايات والبلديات إضافة إلى تسعة ممثلين عن الاتحادات الإسلامية. واعتبر غوكاي صوفوغلو أنه يمكن الاستفادة من تجربة مؤتمر الإسلام لمعالجة قضية اللاجئين في ألمانيا، ودعا بالتالي إلى إشراك نوادي المهاجرين في مؤتمر الإسلام الذي هو بحاجة ماسة، كما قال، للإصلاح لطرح حلول شاملة. وأوضح "انتقدت منذ البداية أن يكون الحديث عن مؤتمر الإسلام على مستوى ألمانيا فقط، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى معالجة على المستوى الأوروبي".
ريشارد فوكس/ م.أ.م