مؤتمر الحوار الإعلامي الألماني - العربي فرصة لإلقاء نظرة نقدية على المشهد الإعلامي العربي
٢٣ نوفمبر ٢٠٠٧شارك مجموعة من الصحفيين العرب والألمان في مؤتمر الحوار الإعلامي الألماني العربي الذي احتضنته مدينة القاهرة ونظم في أحد فنادق الفخمة هناك. جاءت المشاركة الألمانية بناءاً على دعوة وجهتها وزارة الخارجية الألمانية ومعهد العلاقات الخارجية الألمانية لحضور المؤتمر الذي حمل شعار "الإعلام والتغيير الاجتماعي"، وشارك فيه صحفيون من مصر ولبنان وفلسطين وقطر والمملكة العربية السعودية، فضلا عن صحفيين وخبراء إعلاميين من ألمانيا. تناول الحوار تقديم نظرة تحليلية- نقدية للأوضاع السائدة، لاسيما من قبل الزملاء العرب. وقد تحدث هؤلاء عن العجز الذي يواجهه الإعلام في بلدانهم. وبدوره ركز الجانب الألماني على هذا العجز وكأن الإعلام الألماني لا يواجه مشاكل تتعلق بمواكبة التحديات الاجتماعية وتوضيحها للجمهور.
نقل الوقائع دون تجميلها
دار الحوار بين المشاركين بشكل مفتوح، ربما لأنه تم الاتفاق على عدم تسريب أقوال منسوبة للمشاركين في المؤتمر إلى خارج قاعة الاجتماع. وقد أجمعت غالبية الحاضرين من خلاله على أن الحكومات الشمولية والفاسدة في كثير من الدول العربية تمثل عائقا كبيرا أمام استقلالية الصحافة. ويرى الحاضرون بأن ضعف المشاركة في صنع القرار يولد تذمرا اجتماعيا يشكل تربة خصبة للتطرف الديني والسياسي. وعلى ضوء ذلك دعوا إلى ضرورة دعم حربة الصحافة في سياق تقوية دعائم المجتمع المدني بدلاً من النزول بها إلى مستويات متدنية تتحول بفعلها إلى أداة بيد جماعات ذات مصالح معينة.
على صعيد آخر لا حظ المشاركون في مؤتمر الحوار الإعلامي أيضا أن كثيراً من الصحفيين- رغم الثورة التي أحدثتها الفضائيات العربية وجرأة صحفيي شبكة الإنترنت، مازالوا حتى الآن يتطرقون إلى المحرمات بحذر. ويقف وراء ذلك حقيقة أن النخبة السياسية والاقتصادية التي تسيّر أجهزة الدولة توجه الإعلام وكيفية تعاطيه مع القضايا الاجتماعية. ومن ناحية أخرى اختلفت آراء المؤتمرين حول ما إذا كان المناخ الشمولي السائد في العديد من الدول العربية مقرون بالنفوذ الأمريكي أو سياسة الاحتلال الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية.
ظروف عمل أصعب للصحافيين العرب
يعمل الصحفيون العرب في ظروف أصعب من ظروف عمل زملائهم الألمان. فقد أظهر التقرير السنوي الذي تصدره منظمة "مراسلون بلا حدود" أن عشر دول عربية مصنفة ضمن ثلاثين دولة احتلت ذيل القائمة من ناحية احترامها لحرية الصحافة. ومن بين تلك الدول مصر التي تتخذ إجراءات قمعية وتأديبية ضد الصحفيين الذين ينتقدون تدخلات الشرطة وتعذيب المعتقلين وغياب استقلالية القضاء. ورغم انه بات من الممكن انتقاد الرئيس المصري وأسرته، إلا أن ذلك يستدعي جرأة أكبر بكثير، مما يتطلبه توجيه لوم للمستشارة الألمانية على أسلوب قياديتها للحكومة من قبل أحد المراسلين الصحفيين.
الرقابة والرقابة الذاتية
يتم تفعيل الرقابة والرقابة الذاتية بشكل واسع خاصة حين يتعلق الأمر بمسائل دينية أو تلك التي ترتبط بالتصورات والمشاعر الأخلاقية التقليدية. ويتم أيضا اللجوء إلى مثل هذا الإجراء أيضاً لأن أي مساس بهذه المشاعر من شأنه أن يولد ضجة يمكنها بالتالي أن تقوي تيار الإخوان المسلمين المعارض الذي يستمد قوته بالدرجة الأولى من الطبقات الفقيرة والمحافظة. بالنسبة للفقر فهو منتشر بشكل واسع إذ تشير الإحصائيات إلى أن واحدا من بين خمس مصريين يعيش تحت خط الفقر وأن أربعين بالمائة من سكان البلاد لا يجيدون الكتابة والقراءة.
تقوم النخبة الحاكمة في مصر بتحجيم الإخوان المسلمين حتى الآن من خلال إجراءات قمعية أحيانا أو عن طريق غض النظر أحيانا أخرى. هذا الوضع يخفي وراءه منبعاً لصراع مستمر يجبر وسائل الإعلام على كسر المحرمات بشكل مباشر أو غير مباشر حسب تعبير أحد الصحفيين المصرين على هامش أعمال المؤتمر.
واستطرد الصحفي يقول: "إذا كان يسمح في مصر للصحفيين فعلا التطرق إلى التحديات الاجتماعية والسياسية بدون محرمات، سيكون لديهم فرصة مد الجسور داخل المجتمع والمساهمة إحداث التغيرات الاجتماعية بشكل إيجابي. وبالمقابل فإنهم قد يفشلون في تحقيق هذا المبتغى بشكل يؤدي إلى تعميق الأزمات الاجتماعية رغماً عنهم.
راينر زوليش - من القاهرة / إعداد: ابراهيم محمد/ طارق انكاي