مؤتمر بون يتعهد بمساعدة أفغانستان شريطة أن تساعد نفسها
٥ ديسمبر ٢٠١١بعث مؤتمر بون لدعم أفغانستان الذي عقد الاثنين (5 ديسمبر/ كانون الأول) في مدينة بون الألمانية رسالة مزدوجة مفادها أن المجتمع الدولي لن يتخلى عن أفغانستان فيما يتعلق بالأمن وإعادة الأعمار، لكن على أفغانستان أن تؤدي واجباتها فيما يتعلق بمكافحة الفساد وتعزيز الديمقراطية. ويؤكد موفد دويتشه فيله للمؤتمر، الزميل منصف السليمي، أن قرارات المؤتمر الدولي تركزت على عدة محاور أساسية، ويضع المحور الأول منها الإطار العام للشراكة بين أفغانستان والمجتمع الدولي، سيما بعد انسحاب القوات الدولية في 2014، وتمتد هذه الشراكة لمدة عشر سنوات، إذ سيوفر المجتمع الدولي مساعدات مالية لأفغانستان حتى عام 2024 لاستخدامها في الأعمار وفي بناء الشرطة وقوات الأمن.
وكان الرئيس الأفغاني حميد كرزاي دعا الأسرة الدولية إلى مواصلة التزامها في بلاده حتى العام 2024. وقال في كلمة الافتتاح أمام شخصيات جاءت من مختلف أنحاء العالم إلى بون لتجديد دعمهما لأفغانستان التي تشهد نزاعا مسلحا "سنحتاج إلى دعمكم لعقد جديد على الأقل" بعد انسحاب القوات الدولية. وينتشر نحو 140 ألف جندي أجنبي في أفغانستان، ومن المقرر أن تنسحب جميع القوات القتالية بقيادة الحلف الأطلسي من البلد بنهاية 2014 حيث ستتسلم قوات الأمن الأفغانية مسؤولية الأمن في البلاد.
الشراكة المشروطة
وفي مقابل ذلك يطالب المجتمع الدولي أفغانستان بانتهاج سياسة إصلاح واضحة باتجاه حكم أكثر رشدا وباتجاه مكافحة الفساد بشكل أكثر صرامة وتعزيز الديمقراطية بمشاركة المجتمع المدني. وجاء في البيان الختامي للمؤتمر أن "هذه الشراكة المتجددة بين أفغانستان والمجتمع الدولي تنطوي على التزامات ثنائية قوية في مجال الحكم والأمن وعملية السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعاون الإقليمي". وأضاف البيان أن "حماية المدنيين وتعزيز حكم القانون ومكافحة الفساد بكافة أشكاله لا تزال من بين الأوليات الرئيسية". وفي بند تحت عنوان "الديمقراطية كهدف"، شدد المؤتمر على ضرورة توطيد المؤسسات الانتخابية في أفغانستان وضرورة ترسيخ مجتمع القانون والديمقراطية تضمن فيه حقوق الإنسان.
ويأتي هذا المؤتمر بعد عشر سنوات على انعقاد اجتماع مماثل في بون أدى إلى وصول كرزاي إلى سدة الحكم في أفغانستان بعد أن أطاحت قوات دولية بقيادة الولايات المتحدة بنظام طالبان عقب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة.
محاربة الإرهاب وتحقيق المصالحة
كما تعهد المشاركون في المؤتمر ومن بينهم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بالوقوف إلى جانب أفغانستان في مساعيها لإحلال الأمن والاستقرار في البلاد. ويقول موفد دويتشه فيله إلى المؤتمر، إن وثيقة بون شددت على أن أفغانستان ستحظى بدعم كامل من المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، مع تأكيدها على ضرورة تحقيق المصالحة في أفغانستان، لاسيما مع حركة طالبان التي تغيبت عن المؤتمر. وكان وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله أكد في المؤتمر أن ألمانيا والمجتمع الدولي يدعمان كابول لتحقيق المصالحة، وهو ما ورد في قرارات المؤتمر التي جاء فيها أن" المجتمع الدولي يدعم استمرار عملية المصالحة مع المسلحين مثل حركة طالبان وذلك من خلال المبادئ التالية: التخلي عن العنف ونبذ الإرهاب الدولي، واحترام الدستور الأفغاني وحقوق الإنسان"
وكانت مسالة المصالحة الوطنية إضافة إلى انتقال السلطة إلى كابول والالتزام الدولي بعد العام 2014، على رأس جدول أعمال المؤتمر في الأساس. إلا أن هذه الآمال تبددت بعد أن توقفت "الاتصالات" التي بدأت منذ مطلع العام بين الحكومة وحركة طالبان اثر واغتيال كبير المفاوضين الرئيس السابق برهان الدين رباني. غير أن كرزاي أكد انه لا يزال منفتحا على المحادثات.
ظل باكستان الغائب
ويقول موفد دويتشه فيله إلى مؤتمر بون حول أفغانستان، إن مقاطعة باكستان لهذا المؤتمر ألقت بظلالها على التوقعات المنتظرة، وجعلت الشكوك تحوم حول فرص تحقيق المصالحة في أفغانستان، إلا أن وزيرة الخارجية الأمريكية حاولت تخفيف وطأة ذلك، حينما أشارت اليوم إلى التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني والتي تشير إلى استمرار التعاون بين الدولتين. وقالت كلينتون إنها تشعر بـ"التشجيع" من تصريحات جيلاني والتي توقع فيها "استمرار التعاون بين الولايات المتحدة في عدد من المجالات ذات الاهتمام المشترك والتي يأتي في صدارتها قتالنا المشترك ضد الإرهاب".
غير أن كلينتون قالت إنه "من المؤسف" ألا تشارك باكستان في مؤتمر بون بشأن أفغانستان. وأضافت :"مؤتمر اليوم محطة هامة على الطريق صوب نوع الاستقرار والأمن الذي يعد مهما لباكستان ولأفغانستان أيضا". وتابعت :"أتوقع أن تشارك باكستان في دفع الأمور إلى الأمام ونتوقع أن تلعب دورا بناء".
(ي ب/ دويتشه فيله، د ب ا، رويترز، ا ف ب)
مراجعة: عبده جميل المخلافي