ماذا يقلق الشباب في ألمانيا والعالم العربي ؟
١٠ أكتوبر ٢٠١٠منذ عام 1991 يجري معهد استطلاع الرأي" ار فاو فيرزيشيرونغ" سنويا دراسة خاصة تدعى "لانغزاينت"، وتتناول هذه الدراسة أهم القضايا التي تثير قلق الشباب الألمان.
وأظهرت نتائج دراسة هذا العام، أن أغلب الشباب الألماني غير راضيين عن الوضع الاقتصادي لبلدهم، إذ رأى أكثر من 70 بالمائة من المشاركين في هذه الدراسة أن تصاعد الأسعار بشكل غير طبيعي مؤخرا هو أكثر ما يثير قلقهم.
ويرى د.مانفريد شميدت أستاذ العلوم السياسة في جامعة هايدلبرغ الألمانية في حديث له مع دويتشه فيله، أن هذه النتيجة ليست بالشيء الجديد واستطرد قائلا: " إن عدم استقرار الأسعار إضافة إلى صعود سعر العملة وهبوطها هو ما يزيد قلق الشباب الألمان على وضع بلدهم الاقتصادي"، وهو أمر له أسباب تاريخية تعود إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية على حد قوله.
الخوف من الكوارث الطبيعية
ويعد تزايد الخوف من الكوارث الطبيعية لدى الشعب الألماني هو أكثر ما لفت انتباه القائمين على الدراسة هذا العام. إذ أظهرت نتائج الاستطلاع وللمرة الأولى في تاريخها، تزايد الخوف لدى الألمان من الكوارث الطبيعية، وعبر 64 بالمائة من المشاركين عن خوفهم من الفيضانات المتتالية التي تحدث في أوروبا والهزات الأرضية التي تحدث في شتى أنحاء العالم.
ووفقا للدراسة فقد عبر55 بالمائة من المشاركين أنهم غير راضين عن أداء الحكومة ويشككون في قدرة السياسيين على حماية بلادهم وحل مشاكلهم، وتعد نتيجة هذه الدراسة بمثابة ناقوس خطر يشير إلى اهتزاز ثقة الشعب الألماني في عدالة أساليب الحكم والإدارة المتبعة.
"الخوف من البطالة مبالغ فيه في ألمانيا"
أما النتيجة التي لم تكن متوقعة هذا العام فكانت انخفاض نسبة الخوف من البطالة لدى الألمان بنسبة أربعة بالمائة مقارنة بالعام الماضي رغم الأزمة الاقتصادية العالمية، إذ احتلت قضية الخوف من البطالة المرتبة السادسة في لائحة مخاوفهم. ورغم تراجع نسبة الخوف من البطالة لدى الشباب الألماني، إلا أن الشابة ابتهال التي تدرس الترجمة وتعيش في ألمانيا، ترى أن خوف الشباب الألماني من المستقبل مبالغ به، إذا ما قارنا وضع ألمانيا بالبلدان العربية "رغم الأزمة الاقتصادية إلا أن نظام التكافل الاجتماعي في ألمانيا قائم على دفع إعانة شهرية لأي عاطل عن العمل، يكفل له مستوى معيشي مناسب وهذا لا نراه في أي بلد عربي".
أما على صعيد العالم العربي فيبدو الأمر مختلفا عما هو عليه في ألمانيا، إذ تؤكد الإعلامية نادية النشار من مصر أن نتائج الدراسة الألمانية تعكس هموم العالم بأكمله، إلا أن تراجع خوف الألمان من مشكلة البطالة يختلف كثيرا عما هو عليه الحال في مصر حيث أن " قضية البطالة تتصدر قائمة القضايا التي تثير قلق الشباب المصري". وهو أيضا ما أكده الصحفي يونس مسكين من المغرب، إذ يرى يونس أن هاجس البحث عن العمل يقع في مقدمة الهموم التي تشغل بال الشباب المغربي. إذ بات أغلب الشباب ومنذ السنة الأولى في الجامعة يسجلون أنفسهم في لائحة العاطلين عن العمل للحصول على عمل مناسب لدى تخرجهم "لدرجة أن بعض شوارع العاصمة المغربية أصبحت ساحة لكرنفال يومي للشباب الراغبين في الحصول على عمل".
"قلق إزاء المستقبل"
وفي البحرين يؤكد المدون والناشط حسين في حديث خاص له مع دويتشه فيله، على أنه رغم الدراسات التي تشير إلى اختفاء جزيرة البحرين مع تواصل الاحتباس الحراري التي تعاني منه كرتنا الأرضية، إلا أن التغيرات المناخية لا تقلق شباب البحرين بقدر التقلبات السياسية والأمنية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ، ويضيف أيضا أن الشباب في منطقة الخليج العربي، لديه قلق كبير إزاء المستقبل ويحاول البحث عن هويته. ويعلل حسين سبب هذا الخوف قائلاً :"جيل الشباب الحالي في البحرين عاش أجواء الطفرة النفطية وتعود على الرفاهية، وهو يعلم تماما أن بلاده تفتقر إلى الإنتاج الصناعي والزراعي، وأن حاله لن يكون أفضل من حال البلاد الفقيرة، في حال نفذت خزائنه من الذهب الأسود".
أما ابتهال فتؤكد على أن أكثر ما يثير قلقها كشابة عربية تعيش في ألمانيا هي مسألة "الاندماج ومدى تقبل المجتمع الألماني لها"، إذ ترى أن الصورة السيئة التي يظهرها بعض الأجانب المقيمين في ألمانيا ، لها تأثير سلبي كبير على مستقبلها المهني في ألمانيا.
"الفضائيات تضاعف هموم الشباب"
وعلى صعيد آخر، يرى الكثيرون أن التطور التقني الهائل الذي يشهده العصر الحالي ضاعف هموم الشباب، وهذا ما تراه الإعلامية نادية أيضاً مشيرة إلى أن انتشار الفضائيات يفسح المجال للاطلاع على الأخبار العالمية، ما يجعل المرء يعيش مشاكل العالم إلى جانب همومه الشخصية، وهو تماما ما تشعر به أيضاً من خلال عملها في المجال الإعلامي حيث تقول:"أصبت بحالة قلق شديدة منعتني من النوم لمدة أسبوع عندما كلفت بكتابة مقالة حول طبقة الأوزون، حينها أدركت الخطورة التي تواجهها كرتنا الأرضية بسبب التلوث البيئي ". وهو ما يشعر به يونس أيضا عندما يكتب مقالات تتناول الوضع السياسي والاقتصادي في المغرب "طبيعة عملي تزيد من قلقي على وطني ومستقبلي".
جدير بالذكر أن أكثر ما حير القائمين على الدراسة هذا العام هو تدني نسبة الخوف من انهيار الشراكة الزوجية ، إذ أظهرت الدراسة أن انهيار العلاقة الزوجية هو أمر لا يكترث به الشباب الألماني ولا يقلقهم، وتأتي هذه النتيجة في الوقت الذي تشهد فيه ألمانيا تزايد في نسبة الطلاق.
دالين صلاحية
مراجعة: هبة الله إسماعيل