مارسيل رايش رانيسكي ـ ناقد لا يعرف المهادنة
تارة يُتهم بالخائن لإعتقاد البعض بوشايته بالكثيرين خلال فترة عمله لدى المخابرات البولندية، وتارة أخرى يوصف بالضحية لما تعرض له على أيدي النازيين الألمان. أما الحقيقة التي لا جدال فيها فهي أن مارسيل رايش رانيسكي هو أعظم نقاد ألمانيا المعاصرين. يملك ما لا يملك غيره من السلطة والنفوذ في هذا المجال، علامة مميزة ونجم إعلامي حتى أنه لقب بـ "بابا الأدب". نبرة صوته ونطقه المميز لحرف الـ "ر" علامتان تميزانه عن غيره من الناس. إن رفع إبهامه للأعلى تحظى الرواية بنجاح عظيم، أما إذا أشار به للأسفل، فقد يعني ذلك نهاية كاتبها. رانيسكي رجل موهوب أحدث ثورة في النقد الأدبي الألماني لما يتمتع به من أسلوب بديع رشيق وشيق ولكن لاذع وجارح في نفس الوقت. يلقي قراءاته بشكل منظم وبليغ وكأنها مسرحية أدبية لها شخوصها وحبكتها وعناصرها. يخشاه الكتاب ويحبسون أنفاسهم إذا وقعت أعمالهم بين يديه. كان حلمه منذ الصغر بأن يصبح ناقداً أدبياً.
حياته
ولد رانيسكي في بولندا عام 1920 وبقي فيها حتى سن التاسعة. ثم توجه مع والديه عقب ضائقة مالية للعيش في برلين، حيث أنهى فيها تعليمه المدرسي عام 1938. لم يسمح له الالتحاق بالجامعات الألمانية كونه من أصول يهودية، ما دفعه إلى عمل تدريب مهني في شركة للتصدير. في نفس العام تم ترحيله وعائلته إلى بولندا ليزج بهم النازيون في معسكر وارسو النازي، حيث تعرف على زوجته تيفيلا عام 1943. نجح بعدها الإثنان بالهرب والاختباء لدى عائلة بولندية. انضم عام 1946 للحزب الشيوعي بعد تحرير بولندا على يد الجيش الأحمر الروسي ثم انسحب منه لما أظهره الحزب من مواقف معادية للسامية. بعدها بعامين تقلد منصب رئيس القنصلية البولندية في لندن. ثم توجه إلى بولندا ليعمل هناك في دار للنشر حيث تخصص في الأدب الألماني. توجه بعد ذلك إلى ألمانيا للعمل في أشهر صحيفة ألمانية "فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ" بعد اكتشاف أحد مراسليها في بولندا لمواهبه الأدبية. عمل بين عامي 1960 و 1973 في صحيفة "دي تسايت" الألمانية المشهورة حيث كتب عن الكثير من الأدباء المعروفين مثل ألفريد أندرش وإنغيبورغ باخمان و مارتن فالزر وغيرهم من كتاب عصره. اصدر في عام 1963 كتابه الأول بعنوان "الأدب الألماني في الشرق والغرب". ثم درّس في العديد من الجامعات الأمريكية. في عام 1970 قام رانيسكي بنشر أشهر أعماله الأدبية
"اللسان اللاذع" (Lauter Verisse). عمل من عام 1973 وحتى عام 1988 مديراً للقسم الأدبي في صحيفة " فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ ". كان بين عامي 1971 و 1975 بروفسور زائر في ستوكهولم وأوبسولا ويعمل منذ عام 1974 كبروفسور فخري في جامعة توبينغن الألمانية. بعد انتهاء فترة عمله في صحيفة " فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ " في عام 1988 انتقل إلى التلفزيون ليقوم بتقديم برنامجه المشهور "المربع الأدبي" الذي حقق نجاحاً مبهراً وارتقى ليصبح أشهر البرامج الأدبية على شاشة التلفزيون الألماني. بعد انتهاء البرنامج عام 2001 قام بتقديم العديد من البرامج تحت عنوان "سولو".