مجموعات الحراك السلمي في سوريا: المهمة الصعبة
٢٠ مايو ٢٠١٢" أنا المواطن السوري أدعو الرئيس بشار الأسد إلى التنحي صوناً للوطن وحقناً للدماء"، هذا واحد من عشرات الأعمال الفنية التي قدمتها مجموعة "الشعب السوري عارف طريقه" المناهضة للنظام السوري،والتي بدأت نشاطها منذ شباط / فبراير 2011. وقد حصلت المجموعة مؤخراً على الجائزة الذهبية في مسابقة البريكس العالمية للفن والتكنولوجيا عن فئة Digital Community لعام 2012.
وتُعرف هذه المجموعة نفسها على الفيسبوك بأنها "صفحة للحوار حول مصير بلدنا سورية وتأثرها بما يحدث في المنطقة فالتغيير آت آت". لكن السؤال الذي يشغل بال المراقبين هو: بعد عام وثلاثة أشهر من انطلاق الاحتجاجات في سوريا، واتساع رقعة العنف والعمليات العسكرية هل مازال هناك مكان للحوار على الأرض؟ ماذا بقي من الحراك السلمي، والتي تعتبر هذه المجموعة رائدة فيه؟
الحراك السلمي أولا وأخيرا
ويشدد أحد المشرفين على المجموعة لموقع DWعربية على أهمية تطوير الحراك السلمي في الشارع السوري "خوفاُ من أن تنقلب الأحداث إلى صراع مسلح بين طرفين، وبالتالي نهاية الثورة"، على حد تعبيره. ويضيف الناشط السوري قائلا: "علينا أن نأخذ على عاتقنا أيضا مهمة تهدئة النفوس وردود الأفعال التي قد تثيرها أفعال النظام الوحشية ومحاولته زعزعة الثقة بين مكونات المجتمع السوري والمساهمة في تشكيل خطاب جامع لكل السوريين".
وتحاول مجموعة "الشعب السوري عارف طريقه" من خلال مواكبتها لما يحدث في البلد، أن تنشر الفكر السلمي من خلال لوحات (بوسترات) تصمم خصيصاً لمواضيع حساسة ومهمة في حياة السوريين بمختلف توجهاتهم السياسية. ولعل أبرز الموضوعات التي تلقى اهتمام هذه المجموعة هي: أهمية الدولة المدنية، والتحذير من ارتفاع حدة الطائفية، والتشجيع على العصيان المدني. كما تتناول أعمالهم الفنية صور ضحايا الاحتجاجات مرفقة بكلماتهم الأخيرة عبر الاستفادة من ميزات الخط العربي.
ويقول المشرف على المجموعة الذي فضل عدم الكشف عن هويته: "التجارب تبين أننا قد نفشل في كثير من الأشياء التي نخطط لها ولكن كل أشكال النضال السلمي تستحق التجربة، ففي لحظات معينة فعل بسيط كحملة غرافيتي أو توزيع ملصقات أو أي نشاطات رمزية أخرى قد تحدث فرقا كبيرا".
استعادة السلمية
وبين الشمال والجنوب يجد الكثير من المهتمين بحركة الاحتجاج في سوريا عدم التوازن بعدد المظاهرات الاحتجاجية من منطقة لأخرى، ويشكك البعض الأخر في سلميتها، وهذا ما أكده المشرف بقوله: "يبدو أن دعوات التسلح تتناسب طردا مع درجات عنف النظام، فالسلمية هي أساس الثورة ولكن وحشية النظام تجبر الناس على استخدام السلاح. ولذلك تجد لفكرة التسلح شعبية أكثر في المناطق الطرفية والريفية، التي تتعرض لقصف مستمر".
ومع ظهور دعوات لتسليح الحركات الاحتجاجية انقسم السوريون المعارضون بين مؤيد ومعارض لها، مما أربك ذلك دعاة السلمية من أمثال مجموعة "الشعب السوري عارف طريقه". وتعترف هذه المجموعة بوجود السلاح كأمر واقع حالياً، إلا أنها تصر على النضال السلمي في التعبير عن نفسها كمجموعة فنية إعلامية معارضة للنظام السوري.
ويعرب الناشط السوري عن اعتقاده بأن الحراك السلمي استعاد بريقه ودوره بقوة في الفترة الأخيرة خصوصا "بعد معرفة الناس أن دعوات التسلح لم تكن صادقة". وبالفعل أبدع الشباب السوري آليات سلمية جديدة كحملة "أوقفوا القتل نريد أن نبني وطنا لكل السوريين".
وعلى حد تعبير المشرف يوجد هناك الكثير من المجموعات المختلفة التي تعمل في مجال الحراك السلمي والمتعاونة والداعمة لبعضها البعض، كمجموعة "أيام الحرية" وهي إطار عام لمجموعات ثبتت فاعليتها خاصة في دمشق وحلب ودرعا.
مشروع مؤسسة بديلة؟
وتسعى مجموعة "الشعب السوري عارف طريقه" لخلق صوت حر في الفضاء العام أكثر من الاهتمام بالتحول إلى جهة سياسية. وتعتبر أن من أهم مهامها تشكيل شبكة دعم للمواهب السورية بهدف التأثير على الحركة الاحتجاجية من خلال مشاريع عملية داعمة للمجتمع المدني. وتخطط مجموعة الشعب السوري عارف طريقه لمرحلة ما بعد سقوط النظام إذ يضيف هذا المشرف عليها بالقول: "الثورة لن تتوقف بإسقاط النظام السياسي، بل يجب الاستمرار على كافة المستويات الاجتماعية والفكرية والثقافية والاقتصادية. سنعمل دائما على كسر احتكار أي سلطة للفضاء العام سواء كانت سياسية أو دينية أو مالية".
وبالرغم من أن كل هذه المشاريع، التي تتجاوز قدرة مجموعة من الناشطين على تحقيقها، لم يقرر أعضاء المجموعة بعد ما إذ كانوا يشكلون مشروع مؤسسة بديلة، خاصة في ظل حاجتهم لوسط إعلامي جديد لا يعتمد على نقل الخبر وإنما على تقديم المعلومة والفن والرأي. وبهذا الصدد يقول الشمرف على المجموعة: "سنستمر بالتأكيد في المساهمة في إحياء مجتمع مدني في سوريا، وسنواصل تطوير وتوسيع مشاريعنا قدر الإمكان وسنسعى ليكون لنا دور فاعل في التغيير الثقافي والاجتماعي".
رولا أسد
مراجعة: أحمد حسو