مخاوف من تزايد حالات أنفلونزا الخنازير في العالم العربي في الشتاء
٢٤ ديسمبر ٢٠٠٩يوما بعد يوم تزداد في بلدان جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط والتي تضم أيضا عددا من البلدان العربية حالات الأنفلونزا المعروفة بأنفلونزا الخنازير. الأرقام الرسمية مثلا في الجزائر تحدثت عن حوالي 600 إصابة مؤكدة وأكثر من ثلاثين حالة وفاة. كما تم في تونس رصد ثلاثة آلاف إصابة بهذا المرض المعدي إضافية إلى أكثر من 14 حالة وفاة. وفي المغرب تم تسجيل حوالي 40 حالة وفاة و2800 إصابة بالفيروس المسمى بـ"اتش 1 ان1" وقد ترتفع هذه الأرقام أو تنخفض بالنسبة لمصر والسودان والكويت والسعودية أو غيرها من البلدان العربية بسبب عدم وجود أرقام مؤكدة حول انتشار هذه العدوى.
وتتوقع منظمة الصحة العالمية ازدياد انتشار هذا النوع من الأنفلونزا خلال الشهرين المقبلين بسبب موسم الشتاء الحالي وازدياد أمراض الأنفلونزا الموسمية خلاله.
صعوبة تتبع المرض في المنطقة العربية
وتتجلى الصعوبة في تحديد مستويات انتشار المرض في المنطقة بشكل دقيق في كون عدد من دولها لا يقوم برصد الحالات وتبليغها إلى منظمة الصحة العالمية أو بسبب وجود مستويات مختلفة في أنظمة الرصد. وفي هذا السياق، يشير المستشار الخاص لدى المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية الدكتور زهير حلاج في حوار لدويتشه فيله إلى أنه "ليست هناك من دولة في المنطقة أكثر تأثراً من الأخرى فيما يتعلق بانتشار هذه الأنفلونزا"، مضيفا أن قيام بعض هذه الدول بالإبلاغ عن أرقام "قد يعطي في بعض الأحيان انطباعاً مختلفاً عن الواقع".
وحتى مع إعلان بعض دول المنطقة عن وفيات وحالات إصابات، فإن نسبة تلك الوفيات قليلة إذا قورنت بعدد الحالات التي تحدث في الواقع. ويضيف الدكتور زهير الحلاج أنه تم إلى حد الآن التبليغ عن نحو 55 ألف حالة مثبتة مختبريا في المنطقة. وهو يعتبر أن هذا الرقم لا يمثل إلا نسبة واحد بالمائة من الحالات المتوقعة. كما إن هذه الأرقام لا تمثل حقيقة عدد الإصابات والوفيات "بسبب عدم الاتفاق على ما هو مقصود بالوفيات الناجمة عن الأنفلونزا أو المرتبطة بالأنفلونزا" كما يضيف الخبير.
المشكل هو عدم توفر اللقاح في المنطقة
ويعزي الدكتور زهير حلاج المستشار الخاص للمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أسباب انتشار أنفلونزا الخنازير في عدد من دول المنطقة العربية إلى "عدم توفر الكمية الكافية لجرعات اللقاح حيث أن الشركات المنتجة للقاح تقوم أولا بتغطية احتياجات الدول المتعاقدة معها قبل توزيع ما تبقى لديها على الدول غير المنتجة".
وقد تمت إثارة قضية إنتاج وتوزيع اللقاح في منظمة الصحة العالمية، حيث تمكنت المنظمة من الحصول على كمية من اللقاح وقدمته إلى دول فقيرة. ومع وجود إمكانيات تمويلية لا بأس بها لدى أغلبية الدول العربية، فهي لن تستفيد من مثل هذه التبرعات. وقد دخلت معظم الدول العربية في مفاوضات مع الشركات المنتجة للحصول على اللقاح، حيث من المقرر أن يصل إلى المنطقة ابتدءا من شهر يناير/كانون الثاني المقبل ولكن على دفعات. كما إن بعض الدول في المنطقة حصلت قبل غيرها على كمية من اللقاح لتطعيم الحجاج مثلاً غير أن الكمية الأكبر من الجرعات المتعاقد عليه لن تسلم إلا بعد شهرين.
اهتمام أكبر في المنطقة العربية بالأنفلونزا الموسمية
ويبدو أن اهتمام الناس في المنطقة العربية بموضوع الأنفلونزا عامة ازداد منذ بداية الحديث عن أنفلونزا الخنازير. ويتحدث مستشار منظمة الصحة العالمية دكتور حلاج عن وجود تحول لدى الناس في دول المنطقة بشكل عام، حيث لم يكن هناك سابقا اهتمام كبير بأنفلونزا الموسمية أيضاً. ويضيف "أن ظهور الفيروس الجديد كأنفلونزا جائحية زاد من هذا الاهتمام لدى الناس"، علما أن "عدد الوفيات الناجم عن أنفلونزا الخنازير أقل بكثير من عدد وفيات الأنفلونزا لموسمية". ويضيف الخبير أن الفارق بين الأنفلونزا الموسمية والأنفلونزا الجائحية التي تجتاح العالم ككل هو أن هذه الأخيرة "تصيب من هم أقل من سن الستين أكثر بكثير من الأنفلونزا الموسمية التي يكون ضحيتها غالباً من كبار السن".
وعبر مستشار منظمة الصحة العالمية الدكتور زهير الحلاج عن اعتقاده أن وعي الناس بمخاطر هذه العدوى يختلف حسب مقدار المعلومات التي تأتيهم من قبل وسائل الإعلام وخاصة المحطات التلفزيونية. ويستدرك أن التعامل مع هذا الموضوع لم يكن جدياً في بدايته خصوصاً بعد تقليل البعض من أهمية اللقاح وهو ما دفع بعدد من المؤسسات الصحية العالمية للقيام بحملات توعية تؤكد بشكل علمي أنه "لا خوف من هذا اللقاح الذي يتم تصنيعه بنفس الطريقة التي يصنع بها لقاح للأنفلونزا الموسمية"، مؤكداً أن هذا اللقاح يعتمد على المعايير التي تضعها منظمة الصحة العالمية".
الكاتب: عبد الحي العلمي
مراجعة: سمر كرم