مسلمون في إسبانيا: "نتفهم الغضب" بعد اعتداء برشلونة
١٨ أغسطس ٢٠١٧انضمت برشلونة لقائمة المدن الأوروبية التي شهدت في الفترة الأخيرة حوادث دهس لمدنيين، إذ أسفر هجوم بشاحنة صغيرة، في منطقة سياحية ببرشلونة، عن مقتل 14 شخصا وإصابة العشرات بجروح. امتدت أصداء الحادث لمناطق عديدة، إذ ينحدر الضحايا من أكثر من 20 دولة.
وبعد ساعات من الهجوم أعلن "تنظيم الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا بـ"داعش" مسؤوليته عن الحادث، كما قالت السلطات الإسبانية إنها أحبطت هجوما ثانيا معلنة عن هوية أحد المشتبه بهم في الاعتداء ويدعى إدريس أوكابيير، مغربي مقيم في إسبانيا.
وسائل التواصل
هوية المشتبه به كانت أكثر النقاط التي أثارت الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تنوعت ردود الفعل بين أصوات رأت ضرورة أن ينزل المغاربة الإسبان إلى الشارع للتنديد بالحادث والتبرء من الجريمة. فيما طالبت أصوات أخرى بالتأني، لاسيما بعد ما ورد من أنباء عن أن المشتبه به قال للسلطات إنه فقد أوراقه الشخصية.
أصوات أخرى تخوفت من تأثير الحادث على المغاربة المقيمين في إسبانيا بشكل عام، كما لم تخل التعليقات من استعراض "نظرية المؤامرة"، إذ رأى أحد المعلقين على موقع إخباري، أن "الحادث مختلق نتيجة لرغبة إقليم كتالونيا في الإنفصال عن إسبانيا".
الروابط الإسلامية
من جهتها سارعت الروابط الإسلامية المختلفة في إسبانيا إلى التنديد بالحادث بطرق متنوعة، ففي الوقت الذي دعت فيه بعض الأطراف إلى الوقوف دقيقة صمت على أرواح الضحايا وطالبت بخروج المسلمين في تظاهرات للتنديد بالحادث، دعت جهات أخرى كالمركز الثقافي الإسلامي في مدريد، لمؤتمر صحفي لتؤكد فيه أن "الجناة وإن كانوا يحملون أسماء إسلامية، إلا أنهم لا يمتون للإسلام الحقيقي بصلة وليسوا على دراية بالإسلام ولا حتى يمارسون شعائره"، كما قال الدكتور سامي المشطاوي، مسؤول الشؤون الثقافية والإعلامية بالمركز في حوار مع DW عربية.
المفوضية الإسلامية في إسبانيا أعلنت الوقوف دقيقة حداد على أرواح الضحايا، ودعت المصلين للوقوف أمام المساجد عقب صلاة الجمعة للتنديد بالحادث والتعبير عن الحزن على أرواح الضحايا، بنفس الطريقة التي عبرت بها الحكومة المركزية والحكومات المحلية في إسبانيا عن حزنها.
"كمسلمين نتفهم حالة الغضب"
رصد المركز الثقافي الإسلامي، التابع لرابطة العالم الإسلامي، ردود فعل متفاوتة من الجانب الإسباني منذ وقوع الحادث كما يوضح المشطاوي، الذي أشار إلى أن بعض ردود الأفعال كانت غاضبة وأضاف "كمسلمين وكمسؤولين عن مركز إسلامي، نتفهم هذا الغضب كما حاولنا امتصاصه عن طريق إجراء مقابلات إعلامية نوضح فيها موقفنا من هذه الجريمة الشنيعة".
وأعرب المشطاوي عن أمله في ألا يؤثر الحادث على صفو العلاقات بين المجتمع الإسباني والمسلمين، الذين يقدر عددهم في إسبانيا حسب تصريحاته التي استند فيها إلى بيانات رسمية، بقرابة المليوني شخص.
أما إيهاب فهمي، منسق المفوضية الإسلامية بإسبانيا، فاستبعد تأثير الحادث بشكل سلبي على المسلمين في إسبانيا وأشار، في حوار مع DW عربية، إلى "التعامل الراقي من الشعب الإسباني عقب تفجيرات مدريد في آذار/مارس عام 2004 والتي خلفت 192 قتيلا". وأضاف فهمي "أظهر رد الفعل أن غالبية الشعب الإسباني يعرف أن الجناة لا يمثلوا الدين الإسلامي والمسلمين في إسبانيا"، لكن فهمي أشار في الوقت نفسه إلى بعض "الحوادث الفردية" المتمثلة في إلقاء مولوتوف أو أحجار على أبواب مساجد.
وعن كيفية تحسين سبل التواصل مع الشباب بشكل خاص، للحيلولة دون وقوعهم في دائرة التطرف، شدد فهمي على ضرورة تضافر جهود كافة الأطراف لتحقيق هذا الهدف وأوضح: "يجب أن يعمل الجميع، الساسة ووسائل الإعلام. كما أن الحقوق الدينية للمسلمين يجب أن تكون مكتملة والخطاب الديني سواء داخل العائلة أو الوطن الأصلي يجب أن يبتعد عن العنصرية [..] يجب على المسلمين أيضا الوقوف ورفض كل ما يحض على الإرهاب. فمع الأسف لا يمكن إنكار وجود خطاب يتسم بالعدائية، وكلها أمور تحتاج للمراجعة".
ابتسام فوزي