"مشكلة القمامة تزداد سوءا عاما بعد عام"
٥ سبتمبر ٢٠١٢تعاني غواتيمالا شأنها شأن كثير من بلدان العالم النامي من مشكلة النفايات. وعلى مدى عقود، كان يتم التخلص من النفايات بإلقائها في مكبات دون فصلها، وكان التخلص من مياه الصرف الصحي يتم بصبه في الأنهار والبحيرات القريبة دون معالجته. مثال على ذلك هو بحيرة أتيتلان في مرتفعات غواتيمالا. لكن تلوث مياه البحيرة تسبب في خلل كبير للتوازن الطبيعي هناك. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2009، تلوثت البحيرة بالكامل بالبكتيريا الزرقاء ولم تعد صالحة للصيد، الأمر الذي قد يلحق أضرارا دائمة بقطاع السياحة.
الألماني يورغان كات يعيش منذ عام 1986 في بحيرة أتيتلان، وقد كافح لأكثر من عشرين عاما في سبيل بناء نظام فعال للتخلص من النفايات. وقبل 20 عاما قام بجلب أول شاحنة للقمامة من ألمانيا إلى غواتيمالا، كما دعم كات مؤسسة أتيتلان Atitlan e.Vلبناء محطة بيولوجية خاصة لمعالجة مياه الصرف الصحي.
DW: منذ حوالي 20 عاما كنت قد صدرت أول شاحنة قمامة إلى غواتيمالا. لماذا قمتم بذلك؟ فهذه الشاحنة ليست من الأشياء التي يأخذها المرء عادة من وطنه إلى مكان آخر.
يورغان كات:منذ الثمانينات يتنامى قطاع السياحة في غواتيمالا بوتيرة سريعة. ومع تزايد عدد السياح تزايدت كمية النفايات. لكن هناك في ذلك البلد، لا توجد بنية تحتية جيدة، ولا توجد شاحنات مناسبة لنقل النفايات. ويتم التخلص من النفايات برميها ببساطة في الأنهار، وهذا يؤدي إلى تلوثها وبالتالي إلى تلوث مياه الشرب، كما في بحيرة أتيتلان على سبيل المثال. آنذاك عندما انتقلت إلى البحيرة، وجدت أن الناس هناك يكادون يدمرون الأساس الذي يعتمدون عليه في حياتهم. لم أكن أرغب أن أقف متفرجا على كل ما يحدث، لقد وقعت في حب هذا البلد، ورأيت أن من واجبي أن أفعل شيئا. وبمساعدة صديق قديم لي من أيام المدرسة، عثرنا على شاحنة مستعملة مناسبة، وقمنا بصيانتها ونقلها عبر الأطلسي. وفي عام 1989 بدأت شاحنة النفايات بالعمل.
DW: وهل لا تزال تعمل حتى الآن؟
كات: لقد كانت شاحنة مرسيدس من طراز قديم، ولكن حتى السيارات ذات الجودة العالية تبلى في نهاية المطاف بعد سنوات طويلة على استخدامها. كانت السيارة تجوب الطرقات كل يوم، حتى توقفت عن العمل في عام 1997. ولقد وفرت بعض أجزائها المختلفة قطع غيار للشاحنة الجديدة التي تم إحضارها بعد ذلك.
DW: شاحنة نفايات واحدة في المنطقة لا تكفي، فهلساعدت في تحسين نظام التخلص من النفايات هناك؟
كات: في الوقت الراهن هناك العديد من الشاحنات. ولكن المشكلة تزداد سوءا عاما بعد عام. عدد السكان في المنطقة المحيطة بالبحيرة تضاعف ثلاث مرات عما كان عليه قبل 20 عاما. في نفس الفترة ازدادت كمية النفايات إلى عشرة أضعاف. صحيح أن معظم مكبات القمامة لم تعد توجد على مقربة من البحيرة، ولكن التخلص من النفايات يتم بحرقها وذلك يحدث بشكل يومي، ومعظم المصادر التي يتم استخراج الماء منها، تقع بجوار مكبات القمامة.
DW: لماذا لم يتم اتخاذ خطوات حيال ذلك؟
كات: هناك يفتقر الناس إلى المعرفة والخبرة، كما يفتقرون أيضا إلى التمويل اللازم. ويمكن أن تكون النتيجة سيئة للغاية، إذا لم يتم توصل إلى حل دائم وملزم. الأمر الحاسم هو أن مواقف الناس ونظرتهم إلى التعامل مع النفايات يجب أن تتغير، وهناك حاجة أيضا إلى تنمية الوعي البيئي.
DW: وهذا يعني أن إملاء المهام وحده لا يكفي، وإنما يجب أيضا إشراك السكان بشكل فاعل.
كات: بالتأكيد، ذلك أمر ضروري للغاية. نحن كضيوف على هذا البلد، لا يمكننا أن نملي على السكان المحليين ما يتعين عليهم فعله أو تركه. نحن نقدم المساعدة التي نقدر عليها دون أي شروط مسبقة، مع استثناءات قليلة جدا.
DW: وكيف تحاولون إشراك السكان المحليين؟
كات: معظم المساعدات التي نقدمها تركز على دعم للسكان ليستطيعوا بعدها مساعدة أنفسهم. نحن نعمل بشكل رئيسي مع الأطفال في المدارس. الأطفال لديهم فكرة جيدة عن هذا الموضوع، لأنهم يشعرون بشكل فطري أن الأمر يرتبط بمستقبلهم. في الواقع، لاحظنا في الآونة الأخيرة أن الأطفال ينبهون آباءهم وأمهاتهم إذا ما قاموا برمي النفايات بإهمال في الشارع.
DW: على مقربة من كومالابا تحاول منظمة Long Way Homeالتخلص من النفايات بأسلوب غير عادي بعض الشئ، حيث يتم تشييد المساكن والمدارس من النفايات. هل هذا يمثل جزءا من الحل أم الأمر لا يتعدى كونه مجرد دعاية؟
كات: لا يمكن إلا الترحيب بأي شكل من أشكال إعادة تدوير، هناك محاولات أيضا على بحيرة أتيتلان منذ سنوات عديدة، تهدف إلى محاولة الاستفادة من النفايات واستخدامها كمواد للبناء. حيث تتم تعبئة زجاجات البلاستيك بالنفايات ولتقفل بعد ذلك بشكل محكم لتستخدم في تزيين الجدران، وبهذه الطريقة يتسنى إخفاء القمامة، وبطبيعة الحال هذه الوسيلة أفضل من تلويث المياه الصالحة للشرب، أو أفضل أيضا من تلويث الهواء كما يحدث في حال التخلص من النفايات بإحراقها. وبالطبع فإن هذا الحل غير صالح للتعميم.
DW: يبدو أن المنظمات الخاصة هي التي تأخذ على عاتقها وبشكل رئيسي مهمة وضع حلول لمشكلة النفايات وهي تتولى كذلك مسألة توفير الأموال اللازمة لذلك. هل تتمنى المزيد من المساعدة من جانب الحكومة؟
كات: نعم هذه الأمنية قائمة منذ أواخر التسعينيات. لقد قامت زوجة الرئيس السابق الفارو كولوم بالمشاركة على نطاق واسع، وكانت تؤمن بأن البحيرة تفتقر إلى الأوكسجين، وسعت إلى ضخ الأكسجين فيها باستخدام أجهزة عائمة. إلا أن هذا المشروع فشل فشلا ذريعا للأسف الشديد، إذ غرقت الأجهزة بفعل الرياح والأمواج. بعض المنظمات الحكومية بالإضافة إلى عدد من المؤسسات الدولية الخاصة تحاول تقديم المساعدة حاليا، وجميعها تعمل بأسلوب مماثل لأسلوبنا لإنقاذ بحيرة أتيتلان.
DW: ما هو أكبر نجاح تمكنتم من تحقيقه حتى الآن؟
كان على كل رئيس بلدية يريد الحصول على شاحنة لجمع النفايات من مؤسستنا الالتزام بالعثور على موقع مناسب لإنشاء مكب جديد للنفايات بعيد عن البحيرة، والآن اختفت خمس مواقع حول البحيرة كانت في السابق تستخدم بشكل مصرح به ولكن أيضا بشكل غير مصرح به. ولكن كانت هناك بالطبع أيضا حالات من الفشل.
DW: هل يمكنكم إعطاء مثال على حالات الفشل تلك؟
كات: عندما اجتاح إعصار ستان غواتيمالا في عام 2005 ، انهارت محطة معالجة المياه والصرف الصحي، وتدفقت المياه الملوثة في البحيرة على مدى سنوات. وعبر التبرعات وبالتعاون مع السكان المحليين، تسنى لنا في نهاية المطاف بناء محطة بيئية لمعالجة مياه الصرف الصحي، وقد استوعبت ما لا يقل عن 60 في المئة من المياه الملوثة. ثم كانت الصدمة، حين وقفنا عاجزين عندما دمرت كارثة طبيعية ثانية تلك المحطة. وعلى عجل بنيت محطة أخرى، ولكن بعد بضعة أشهر تم تدميرها بعد هطول امطار غزيرة. كانت تلك التجربة الأكثر إيلاما التي مررت بها كمدير لمشروع من اتيتلان في غواتيمالا منذ عام 1991.
DW: هل سيكون هناك في المستقبل القريب نظام صرف صحي جيد في غواتيمالا؟
كات: لن تتمكن الحكومة من السيطرة على جبال النفايات بمفردها في غضون العقدين القادمين. لا يمكن التوصل إلى حل في وقت منظور، إلا إذا تم توكيل إحدى شركات القطاع الخاص الأجنبية المتخصصة. وبطبيعة الحال أنا أفكر في شركة ألمانية لإعادة التدوير، لأنها تملك الخبرة اللازمة لجمع النفايات والتخلص منها، وهي تملك تحديدا التكنولوجيا المناسبة. التخلص من النفايات بدقة ألمانية، من شأنه أن يكون الآن أفضل علاج لاستعادة بحيرة اتيتلان عافيتها.