مصر: تمرد داخل حركة "تمرد" يهدد مستقبلها السياسي
٢٥ ديسمبر ٢٠١٣دشن منشقون عن حركة "تمرد" المصرية حملة جديدة باسم "تمرد تصحيح المسار"، بعد إعلان عدد من قيادات الحركة أبرزهم محمود بدر، وحسن شاهين، ومحمد عبد العزيز تحول الحملة إلى حركة سياسية، فيما انضم بعض الأعضاء البارزين لحملة "مرشح الثورة" التي تطالب بدعم مرشح مدني للرئاسة، بعد تصريح قيادات بالحركة بدعم وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي كمرشح للرئاسة، فيما دشن عدد آخر حملة جديدة موازية على "فيس بوك"، لسحب توقيعاتهم من "تمرد"، لما اعتبـروه "انحراف الحركة عن المسار الذي وقعّوا عليه في استمارات سحب الثقة من الرئيس المعزول".
انشقاقات واتهامات
إسلام همام - أحد مؤسسي الحملة المنشقين ومدير مكتبها الإلكتروني قال لـ DW عربية "عندما أسسنا حملة تمرد كان لهدفين هما؛ إسقاط الرئيس محمد مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. نجحنا في المطلب الأول، وما زلنا ننتظر تحقيق الهدف الثاني، وبالتالي فإن أي أشخاص يحاولون أن يأخذوا شكلاً مختلفاً عن الحملة فهو بالتالي خارج الحملة، مثلما قام عدة أشخاص لا يتعدى عددهم 14 شخصا يتزعمهم محمود بدر وحسن شاهين ومحمد عبد العزيز باتخاذ قرار منفرد بتحويل الحملة إلى حركة سياسية".
ويوضح همام الفرق بين الحملة والحركة قائلا "الحملة تعبر عن جموع الشعب المصري وهي أكبر من أي حركات سياسية، فالحركات السياسية تنطوي تحتها وتدخل في الحملة مثلما حدث قبل عزل مرسي عندما أعلنت الحركات السياسية عن تضامنها معنا والاستجابة لدعوتنا للنزول إلى الشارع لإسقاطه".
أما محب دوس، المنسق العام لحملة تمرد وأحد مؤسسي الحملة الأصلية، فيتهم بعض قيادات الحملة التي تحولت إلى حركة، قائلا "هناك بعض الشبهات المالية تثار حولهم، خاصة تلقيهم أموال لخدمة الحملة وحصلوا عليها لمنافع شخصية، ووضح آثار هذه الأموال على الأوضاع المادية للبعض، وكنا ننتظر رداً منهم على هذه الاتهامات لكنهم لم يردوا".
يضيف لـDW أن تحالف بعض مؤسسي الحركة مع النظام الحالي وموافقتهم على كل ما يفعله كان من ضمن الأسباب الرئيسية التي أدت لانشقاقهم، واصفا هذا التحالف بـ"المشبوه"، موضحا أن من بين المواقف رفضهم إدانة السلطة على خلفية وقف البرنامج الساخر لباسم يوسف لسخريته من شعبية الفريق عبد الفتاح السيسي.
من جانبها تقول منى سليم، التي انشقت عن الحملة بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة من قبل الجيش والشرطة مما أدى إلى مقتل المئات، حيث رفضت الحملة إصدار بيان تدين فيه العنف المفرط في فض الاعتصامين؛ "كنا مختلفين حول فكرة التفويض وفض الاعتصام بالقوة، وأنا كنت من ضمن الذين يرفضون أن تقوم قوات الشرطة والجيش لقتل كل هذا العدد من المصريين حتى لو كان هناك سلاح داخل الاعتصام"، مطالبة بتحقيق مستقل في كل الأحداث السابقة.
وحول حملة "مرشح الثورة" التي انضمت إليها مؤخرا تقول منى لـDW: "هذه حملة مستقلة وتهدف للالتفاف حول مرشح مدني للرئاسة للحفاظ على فكرة المرشح المدني وعدم نجاح أي عسكري في سباق الرئاسة وأقصد هنا بالخصوص الفريق أول عبد الفتاح السيسي"، مضيفة أن من يطرحونه كمرشح للرئاسة هو حمدين صباحي، مؤكدة أن الحملة ليس لديها مانع أن تدعم أي مرشح مدني آخر إذا توافقت عليه القوى المدنية والثورية.
في المقابل رفض حسن شاهين المتحدث باسم الحركة الرد على هذه الاتهامات، حيث قال شاهين لـ"DW": لا تعليق ردا عليهم..وهذه الاتهامات لا تستحق الرد في ظل حالة التخبط التي تعيشها البلد.. لابد لفصائل الثورة أن تضع لنفسها خطة وتتحول من الاندفاع الثوري إلى الحكمة".
وحول تحالفهم مع النظام الحالي برر شاهين ذلك قائلا: "من الممكن أن تكون هناك شراكة في مرحلة ما مثل المشاركة في لجنة الخمسين حتى أصل لمرحلة استقرار بالبلد لأنه حتى الآن ليس هناك نظام ولا دولة"، معترفا في الوقت ذاته بأن هناك انتهاكات جسيمة ترتكب من السلطة الحالية".
وحول الانقسام الذي يعصف بالحركة من جديد بسبب المرشح الرئاسي يقول شاهين: "هناك وجهتين نظر مختلفتين داخل الحركة.. هناك من يرى أن السيسي بطل شعبي ويجب أن يخوض الانتخابات الرئاسية، وهناك من يرى أيضا مثلي أنه بطل شعبي ويجب ألا يخوض الانتخابات الرئاسية حرصا على مكانته اللي اكتسبها".
تأثير الانشقاقات على مستقبل الحركة
تقول مي وهبة، المتحدثة باسم حركة تمرد نحن سنخوض الانتخابات البرلمانية وأنا من ضمن المرشحين في الانتخابات وسندعم الشباب والثوريين، وسنتحول إلى حزب سياسي بعد الانتخابات البرلمانية.
يوضح من جانبه حسن شاهين أن الثورة لا تنتهي مع عزل الرئيس.. لكن يجب أن تأتي الثورة بنظام محسوب على خطها الثوري وقدم كوادر حقيقية بدلا من كوادر الحزب الوطني التي تحاول أن تستنسخ نفسها. وكذلك كوادر بديلة عن جماعة الإخوان".
وفي الناحية الأخرى يقول محب دوس أحد المنشقين: قلنا في أول مؤتمر صحفي لتدشين حملة تمرد في 26 أبريل الماضي أننا لا نعرض أنفسنا كبديل للسلطة، وبالتالي فإننا لن نخوض أي انتخابات، ولن ندعم أحدا من المرشحين للرئاسة، فقط سندعم مواصفات ومعايير للمرشح الرئاسي والناس هي التي ستختار، حتى نضمن أننا نبقى حملة شاملة لكل المصريين.
من جانبه، يرى الدكتور عبد المنعم المشاط أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن حملة تمرد "قادت ثورة 30 يونيو بجدارة وبنجاح" وبعضهم يتحول من ناشط سياسي إلى سياسي من خلال ترشحه في مجلس النواب أو المجالس المحلية "وهذا شيء جيد.. فأي حركة سياسية تبدأ بالناشطين السياسيين لابد أن تتحول فيما بعد إلى حركات سياسية عملية تتعلق بالسياسات العامة وبالتالي يحدث بعض الانشقاقات لأن البعض يفضل أن يظل ناشطا سياسيا".
أما الدكتور سامح راشد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، فيرى أن "تحول أي حملة إلى حركة يستلزم تطوير الأهداف، ويصبح لها برنامجا يعرفه الجمهور، وهذين الشرطين غير متوفرين في حركة تمرد".
وحول فرص الحركة في الحصول على أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية قال راشد لـDW إن "فرصهم في النجاح محدودة للغاية لأن تواجدهم في الشارع ضعيف، وأعني ذلك بالتأييد الشعبي والعضوية وارتباط من المواطنين بالبرنامج أو بالرؤى السياسية للحركة، فكل ما نراه حتى الآن هي بيانات متعلقة بالتطورات السياسية أو بالمرشح الرئاسي، أما نجاحهم في عزل مرسي فإن ذلك حدث لأنه لم يكن هدفاً خاصاً بهم، ولكن توافقت عليه قوى وتيارات كثيرة وتوافق مع الغضب والاستياء الشعبي الذي كان قد وصل ذروته".
مصطفى هاشم ـ القاهرة