"معرض الفضائح" يعرض محطات مثيرة في تاريخ ألمانيا الحديث
٢٦ يناير ٢٠٠٨يقام في الفترة من 12ديسمبر/ كانون الثاني 2007 ولغاية 24 مارس/ آذار 2008 معرضا لأهم الفضائح التي شهدتها جمهورية ألمانيا خلال الفترة من عام 1945 وحتى اليوم. المعرض الذي يقام في صالة المعارض في متحف "بيت تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية في بون"، يلقي الضوء على تاريخ ألمانيا من زاوية غير معتادة؛ أي من خلال الفضائح التي حدثت عبر التاريخ الحديث للبلاد.
لكن هذا المعرض يسلط الضوء على محطات مثيرة في تاريخ ألمانيا، كما يعكس بطريقة أو بأخرى طبيعة مسار التطور الديمقراطي في ألمانيا وكذلك يوضح فاعلية وقوة الرأي العام في توجيه "ترمومتر" الحياة السياسية في البلاد وقدرته على التأثير على مجريات الأمور.
لولا الإعلام لما ظهرت الفضائح إلى العلن
عندما يسمع المرء كلمة "فضيحة"، فإنه يتبادر إلى الذهن فورا أن الأمر ينطوي على عمل غير أخلاقي ومشين، كالفضائح الجنسية وغيرها. لكن هذا المعرض يحكي عن فضائح من نوع أخر، فالفضيحة من وجهة نظر القائمين عليه هي أي فعل أو حادثة أو تصرف في أي من مجالات الحياة العامة، تحول - عندما كشف النقاب عنه- إلي قضية رأي عام وأحدث ردة فعل شعبية غاصبة.
ويعكس هذا التعريف للفضائح طبيعة نظام القيم السائد في المجتمع ودور الإعلام في تسليط الأضواء على عمل ما بطريقة أو بأخرى، حيث تكشف وسائل الإعلام أولا الفضيحة للرأي العام ثم تعمل كقوة محركة وموجه للرأي العام في هذا الاتجاه أو ذاك. وهذا يعكس في نفس الوقت درجة حرية الإعلام في المجتمع.
ومما لاشك فيه أن معنى ومفهوم الفضيحة يختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص أيضا، فما كان في الماضي يعد فضيحة أصبح اليوم أمرا عاديا، وما يراه البعض خارجا عن المألوف وغير مقبول أخلاقيا واجتماعيا ودينيا، يعتبره البعض الأخر عملا ثوريا، كما أن ما يعد فضيحة في مجتمع ما قد يكون في مجتمع أخر سلوكا مطلوبا بل وضروريا.
حزمة مختارة من عشرين فضيحة
يقدم المعرض حزمة من 20 فضيحة عرفتها البلاد خلال الستة عقود الماضية. وقد يستغرب البعض أن إحدى هذه الفضائح تمثلت في فيلم حمل عنوان "المذنبة" عام 1951. هذا الفيلم، الذي ما كان سيحدث في الوقت الحالي أي ردة فعل، أحدث حينها موجة عارمة من الانتقادات، لاسيما من قبل الكنيسة الكاثوليكية وقسم كبير من الرأي العام الألماني. دارت أحداث الفيلم حول البغاء والجنس والانتحار والمساعدة على الانتحار وظهرت الممثلة الرئيسية فيه في مشهد قصير عارية، أعتبر حينها بمثابة تهديد للقيم المسحية وللقيم الهشة في مجتمع ما بعد الحرب العالمية الخارج للتو من جحيم النازية.
فضيحة من نوع آخر حددت طبيعة العلاقة بين السلطة والصحافة في ألمانيا الحديثة، حيث قامت السلطات الحكومية عام 1962 بمداهمة وتفتيش مكاتب مجلة "دير شبيجل" وإصدار مذكرات اعتقال بحق المسؤولين عليها بتهمة نشر معلومات خطيرة اندرجت في خانة الخيانة العظمى، على اثر نشر المجلة تحقيقا كشف عن نقاط ضعف في الجيش الألماني. هذه الحادثة لم تثر ردود فعل الرأي العام الألماني وخروج مظاهرات احتجاج غاضبة فحسب، بل كادت أن تسقط حكومة المستشار كونراد آديناور وأجبرت وزير الدفاع حينها على تقديم استقالته. لكن الحادثة ساهمت في رسم معالم العلاقة بين السلطة الحكومية والسلطة الرابعة في ألمانيا حتى اليوم.
من الفضائح الأخرى في المعرض نشير هنا إلى ما اعتبر "فصل أسود" في تاريخ كرة القدم الألمانية، حيث تم عام 1971 الكشف عن فضيحة تلاعب في مباريات الدوري الألماني مقابل دفع رشاوى.