معسكر النجاة: دواءٌ لكل موظف مدلل

يستلقي أحد الرجال على الأرض في الغابة ويصرخ من الألم. لقد تمزق سرواله والتوت ركبته ونزفت الدماء من جرح أصيب به في رأسه. فجأة تخرج مجموعة من رجال الإنقاذ من مخيم قريب باتجاه المصاب وسرعان ما يقلبونه على ظهره برفق ويبدؤون بتحليل الموقف.

للوهلة الأولى، يبدو المشهد وكأنه حقيقي، لكن شيئاً فشيئاً يتضح أنه مجرد مشهد تمثيلي ضمن التدريب في "معسكر النجاة، أومعسكر التدرّب على البقاء" Survival Training في غابة بولاية ساكسونيا أنهالت الألمانية. ورغم ذلك يأخذ المشاركون التدريب على محمل الجد. الشخص المصاب، وهو في الواقع مدرِّب بالمعسكر يُدعى رينيه ألباني يتم نقله بكل عناية إلى المخيم القريب، والمجموعة لا تعي أن هناك من يراقب كل حركاتهم وردود أفعالهم بمنتهى الدقة. إذ يجلس كريستيان دوست وهو المدرب الثاني بالمعسكر، على بُعد بضعة أمتار من المشهد التمثيلي ويدون ملاحظاته، وهو راض بشكل عام عن أداء المجموعة.

معسكر النجاة لتطوير مهارات الموظفين

تتكون المجموعة من عشرة موظفين في إحدى شركات البناء الألمانية، وقد أقدم مدير الشركة بيتر سوتر على دعوتهم إلى هذه التجربة المثيرة والتي تستمر ثلاثة أيام. فهو يرى أن مدراء الشركات الكبيرة مدللون، ويقيمون عادة في فنادق فاخرة لحضور دورات تدريبية غالباً ما تكون مملة، على حد تعبيره ومكلفة للغاية. ويكون الهدف وراء كل تدريب في النهاية هو تطوير مهارات العمل الجماعي، ويرى بيتر سوتر أن الغابة والتدريبات القاسية هي المكان الأنسب للتعرف على طبيعة الأشخاص في المواقف الاستثنائية.

تبدأ المجموعة في المحطة التالية للتدريب ببناء كوخ خشبي للاحتماء به في الغابة. ويبدو على البعض التعب والإرهاق والملل أيضاً، إلا أنهم ينجزون في النهاية ما كلفوا به وإن كان بعد عناء. كل ما يتمناه الجميع بعد اجتياز المهمة هو وجبة دسمة شهية. لكن عليهم الصبر قليلاً على طبق لحم الغزال البري والنشويات، وقبل ذلك عليهم تناول المقبلات المكونة من الجراد والديدان. أمر يعد تحدياً كبيراً أمام البعض، لكن الجميع يجتاز هذه المحطة أيضاً.

هل ينجح الجميع في إنجاز المهمات التالية؟

في اليوم التالي يوزَّع المشاركون العشرة على مجموعات صغيرة. وتقوم حافلة صغيرة بنقلهم إلى وسط الغابة. والتحدي هو الوصول إلى النهر الذي يبعد نحو أربعة كيلومترات عن المكان الذي يتواجد فيه المشاركون، شريطة ألا يستخدموا المسارات بل أن يعتمدوا على الخريطة والبوصلة في ذلك، كما طلب منهم المدرب. ورغم أن الأمر لم يكن بالسهل إلا أن المجموعات بدأت تتوافد إلى النهر بعد مرور حوالي ساعتين. وقد فوجأ الجميع فور الوصول بالتكليف التالي: بناء مركب صغير من جذوع الأشجار والإطارات المطاطية خلال ساعتين والطفو به على سطح النهر إلى الضفة الأخرى. وتلك كانت المهمة الأخيرة ضمن المعسكر التدريبي وقد أنجزها الجميع أيضاً بتفوق.

المدير المسؤول عن المجموعة بيتر سوتر كان سعيدا للغاية بهذه التجربة، وقد تمكن من التعرف على طبيعة موظفيه بشكل أفضل، والطريف هو أن الأشخاص التي ظن أنها خجولة أظهرت سلوكاً جريئاً مخالفاً تماماً لما كان يتصوره.

روني أرنولد/دينا جودة

مراجعة: عبد الرحمن عثمان