مقاهي غزة : مأوى للعاطلين ولعشاق كرة القدم
١٦ أبريل ٢٠١٣في السابق اقتصر رواد المقاهي في قطاع غزة على الشباب اليافعين والعاطلين عن العمل، لكن المقاهي انتشرت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، وأصبح روادها من فئات مجتمعية مختلفة.
وتنتشر المقاهي على ساحل بحر غزة وفي المحافظات، وسط منافسات شديدة من أصحاب المقاهي لتقديم أفضل الخدمات والديكورات العصرية. القواسم المشتركة عند الزبائن كما أعلن بعضهم ل DW عربية هي "الهموم والمآسي والبطالة والحصار".
آخرون وصفوا هذه المقاهي" بالملاذ للتحرر من قيود الأسرة ". فيما وصفها غيرهم "بمكان لمضيعه الوقت و أرض خصبة لرفقة السوء"، إلا أن اللافت أن مقاهي المحافظات الجنوبية افتقرت إلى الأقسام العائلية، نظرا للضوابط الخاصة التي تفرضها قوى امن داخلية حماس على أصحاب هذه المقاهي، وفق تعبيرهم. فضلا إلى بعض العادات والموروثات المجتمعية التي تختلف من محافظة الى أخرى.
"الفراغ يطارد الشباب ويدفع بهم إلى المقاهي"
احمد وخالد ومحمود وسعد أربعة شباب يلعبون الورق(الشدة) في أحد المقاهي على شاطئ غزة وهم يتبادلون الحديث بصوت مرتفع. اثنان منهم خريجا جامعة، فيما الآخران عاملان ، لكنهم جميعا حاليا عاطلون عن العمل. احدهم في حديث مع لـDWعربية قال " لولا المقهى والشدة لفقعنا من الهم اللي إحنا فيه..إحنا بنحاول نقتل الفراغ لأننا يأسنا من البحث عن عمل ..شو بدك نعمل نقعد في البيت زى الحريم!". جمال أبو حامد صاحب مقهى ( الأماكن) أشار إلى أن اكتظاظ مقهاه بالشباب المشغولين بألعاب الجيم على الفيديو ومشاهدة المباريات وبشرب الشيشة (النرجيلة ) والقهوة والشاي يعود " لأوقات الفراغ الكبيرة لدى شريحة واسعة من الشباب والتي تدفعهم إلى قضاء أوقات فراغهم خارج منازلهم والهروب من واقعهم الصعب". ويبرر جمال غياب النساء عن المقهى بالقول:
" لا يوجد قسم للعائلات عندنا لخصوصياتها بشكل كبير وبسبب الانزعاج من التفتيش المستمر من قبل المباحث العامة لداخلية حماس على المقاهي ".
" نبحث عن حلول لهمومنا المتراكمة"
أطباء ومحامون وأساتذة جامعات ومهندسون وطلبة وغيرهم من الطبقات المثقفة وكبار السن أصبحوا مؤخرا من رواد المقاهي العصرية في محافظات القطاع. أبو على أبو عاصي خريج دراسات إسلامية من جامعة مونستر في ألمانيا مقيم في مقهى الباشا وكشف انه يعمل "بار مان" في المقهى اندهشنا! ولدى سؤاله عن سبب ذلك؟ قال" قطاع غزة ساحة محدودة لا مجال للإبداع فيه ومجتمعه استهلاكي نظرا لقلة الموارد الطبيعية و الحصار "، مضيفا " مجتمعنا يعتمد فقط على طبقة الموظفين الحكوميين ولا يوجد إنتاج ومجتمع غزة شباب يافع فاقت نسبته 60%ونرى الخريجين بنسبه عالية عاطلين " ، وهذا وفق تصوره احد أهم الأسباب التي تدفع هذه الشريحة أن يكونوا من رواد المقاهي.
المهندس سالم إتفق مع هذا الرأي مشيرا إلى أن الذي يرتاد المقهى بشكل شبه يومي هو العاطل عن العمل ومؤكدا أن " بسبب أوضاع قطاع السياسية المترهلة صار شباب القطاع بلا أفق ولا مستقبل ونالهم الإحباط " فصاروا يلتقون مع بعضهم البعض في المقهى " علنا نجد حلولا لهمومنا المتراكمة" كما قال سالم.
مشجعو المقاهي يعيشون مناخ الملاعب أثناء المباريات
يهتم أصحاب المقاهي بشكل كبير بروادها من عشاق كرة القدم ، فينشرون وقت مباريات الدوري العربي والغربي شاشات العرض التلفزيوني الكبيرة ويخصصون أماكن للمشجعين فيستقطب ذلك الشباب الذين يهربون من منازلهم إما خوفا من أزمة انقطاع الكهرباء المستمرة أو للاستمتاع بجو الإثارة من المشجعين الشباب المكتظين في ممرات وأركان المقاهي الذين تختلف ولاءاتهم حسب تعدد الفرق.
الشباب كبارا وصغارا يتحلّقون داخل المقاهي كُلّ يشجع فريقه. المحاسب نادر عبد الله الذي يعمل في احد البنوك قال إنه يتابع الدوري الأوروبي والعربي في المقاهي برفقة أصدقائه بعيدا عن المنزل هربا من إزعاج عائلته من الصوت المرتفع أثناء الحماسة في عمليه التشجيع لفريقه، مضيفا: "شاشات العرض الكبيرة والمشجعون الشباب في المقاهي ينقلوننا إلى أجواء الملاعب أثناء مشاهدة مباراة كرة القدم".
البنات عنصر نادر في المقاهي
يتخوف بعض أهالي وأولياء أمور اليافعين من الشباب من رفقاء وأصدقاء السوء عندما يتنامي لمسامعهم أن أبناءهم يقضون أوقات فراغهم في المقاهي، وهم يخشون أن تغير المقاهي سلوك أبنائهم الاجتماعي لتجعله سلوكا عدوانيا. وهكذا فقد اعتبر أبو عزيز الحاج المقاهي "ظاهرة سلبية ومفسدة على مجتمع غزة، ومضيعة للوقت"، ومنع أبناءه من ارتيادها تخوفا من الشباب الفاسد.
إحدى الزبونات وقد كانت برفقة صديقتين أعتبرت "أن المقاهي ليست بهذا السوء ، فهذه الأماكن تتيح للجميع أن يعيشوا جوا اجتماعيا مع الأصدقاء ليقضوا وقت الفراغ" ، فيما ذهب المختص النفسي د. ماجد عواد إلى أن المخاوف تكمن في ارتياد بعض الفتيات لهذه المقاهي وان كان لهن ركن خاص، واصفا بعضهن بالمتمردات على العادات.