"مقديشو" ـ فيلم جديد يركز على معاناة ضحايا منظمة الجيش الأحمر
٢٦ نوفمبر ٢٠٠٨اهتم الفن السابع في ألمانيا بشكل كبير بفترة عرفت "بالخريف الألماني"، وهي الفترة التي عانى فيها المجتمع الألماني بجميع أطيافه من إرهاب تنظيم الجيش الأحمر، الذي كان وراء عدد من العمليات الإرهابية من اختطاف واغتيال لمسؤولين ألمان بارزين واختطاف طائرات، بلغت أوجها في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي. وفي هذا السياق، تترقب دور السينما الألمانية عرض فيلم "مقديشو"، للمخرج الألماني رولاند س. ريشتار، الذي يتحدث عن حادث اختطاف طائرة "لانديس هوت" التابعة لشركة خطوط لوفتهانزا الألمانية عام 1977 إلى مطار مقديشو.
وعكس جل الأفلام التي تناولت هذه الحقبة المؤلمة من التاريخ الألماني، والتي سلطت الضوء فقط على أعضاء ومؤسسي هذا التنظيم ، كفيلم "بادر-ماينهوف"، الذي واجه مؤخرا انتقادات جمة، كونه تعاطف مع قادة الجيل الأول للتنظيم من دون الاكتراث بمعاناة الضحايا، يعالج فيلم "مقديشو" المعاناة التي تعرض لها الضحايا وعائلاتهم،
التركيز على الإرهابيين ونسيان الضحايا
وحافظت السينما الألمانية منذ سبعينيات القرن الماضي على تقليدها في التركيز على الإرهابيين، وذلك على حساب الضحايا، في ما لم تخرج الأفلام التي عرضت في السنوات الأخيرة عن تلك القاعدة، كفيلم "الصمت بعد إطلاق الرصاص" و"الأمن الداخلي" وفيلم "بادر-ماينهوف" للمخرج أولي إيدل، الذي كشف عن تفاصيل حياة كل من الصحفية السابقة أولريكه ماينهوف وأندرياس بادر، مؤسسا ما أطلق عليه آنذاك، تنظيم "بادر-ماينهوف".
إلا أن فيلم "سكين على الرأس"، والذي يعود إلى عام 1978 يحكي ولأول مرة عن قصة رجل، اتهم خطأ من قبل رجال الأمن بانتمائه إلى التنظيم، فأطلق عليه الرصاص، ما أدى إلى إصابته بإعاقة ذهنية وبدنية، أطاحت بذاكرته وقدرته على الكلام. وقد استند بيتر شنايدر في كتابته للسيناريو على تفاصيل محاولة قتل الشيوعي الراحل رودي دوتشكي عام 1968، الذي تعرض لمحاولة اغتيال، عبر إطلاق الرصاص عليه في الرأس، ما تسبب له في خلل دماغي، استلزم سنوات طوال من الرياضة الذهنية لاستعادة الذاكرة.
عروض تمهيديه بحضور المختطَفين
وكما هو الحال بالنسبة لفيلم "الصمت بعد إطلاق الرصاص"، يركز فيلم "مقديشو" على النتائج المأساوية التي خلفتها تلك المرحلة، لكم من منظور الضحايا. وبالتالي ركز الفيلم على مختطفي طائرة "لاندس هوت"، وبيّن بكل وضوح ما تعرض له ركاب الطائرة وطاقمها، وقد بلغ مجموعهم 87 شخصا.
واستبق العرض الخاص للفيلم، عروضا تمهيدية أقيمت على شرف المختطَفين السابقين، الذين أبدوا إعجابا شديدا به وأشادوا بواقعيته الكبيرة في تصوير الأحداث، كما عايشوها. في حين عبرت أرملة قبطان الطائرة يورغان شومان عن ارتياحها من أن الفيلم دحض أخيرا، رواية محاولة هرب زوجها، عندما حطت الطائرة في اليمن الجنوبية، وكشف عن شخصيته البطولية، التي حاولت حتى آخر رمق الحفاظ على سلامة الراكبين.
إذا، الفيلم رسم زوايا أخرى للتعاطي مع موضوع إرهاب الجيش الأحمر، وحمل المشاهد إلى تفاصيل معاناة الضحايا، حيث يوجد هناك بطل من بينهم، ألا وهو قبطان طائرة "لاندس هوت"، الذي ضحى بحياته من أجل الآخرين. كما أن فيلم "مقديشو" حافظ وبنجاح على حبكته المثيرة والمشوقة، وذلك من دون الإستعانة بالإرهابيين، فقد اكتفى بتقديمه على هذا الأساس: أنهم إرهابيون.