منافسة شديدة قبيل الانتخابات العامة الألمانية وتخوف من ضعف نسبة المشاركة
٢٦ سبتمبر ٢٠٠٩يتوجه يوم الأحد (27 سبتمبر/أيلول 2009) الناخبون الألمان إلى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد وتحديد شكل الحكومة الجديدة التي ستقود البلاد لأربع سنوات قادمة. واستغل قادة الأحزاب المتنافسة السويعات المتبقية من الحملة الانتخابية لمواصلة سباقهم من أجل كسب الأصوات الانتخابية. ففور عودتها من بيترسبورغ الأمريكية حيث شاركت في قمة مجموعة العشرين، توجهت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى جامعة برلين، وألقت من هناك كلمة طالبت فيها أعضاء حزبها بمواصلة الحملة الانتخابية حتى دقائقها الأخيرة، معلنة: "يجب وإلى غاية ساعات الليل المتأخرة التحدث إلى كل جار وصديق"، وأشارت ميركل إلى أن نحو ثلث الناخبين الألمان في حالة تردد، وأكدت بعد مشاركتها في قمة مجموعة العشرين بالولايات المتحدة أن لألمانيا صوتاً مسموعاً في أنحاء العالم. وشددت ميركل على ضرورة تشكيل حكومة "صحيحة" تعمل على تقوية ألمانيا وأضافت: "من أجل هذا يجب أن نهتم بكل صوت انتخابي".
ومن جانبه، أوصى فرانك فالتر شتاينماير المرشح عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في مدينة دريسدن أنصاره بالتحلي بالشجاعة كون "الأمر لم يحسم بعد" مؤكداً أن حزبه قادر على الاحتفاظ بمركزه داخل الائتلاف الحاكم. وتوقع وزير الخارجية الألماني أن تختلف نتيجة الانتخابات تماماً عما تنبأت به استطلاعات الرأي قبل أسابيع قليلة. وقال شتاينماير في آخر كلمة له وسط جمع من مواطنيه اليوم السبت في دريسدن إنه يرى حزبه الاشتراكي الديمقراطي قويا وأنه "لم يسمح بأن تسلب أخلاقه". ورأى شتاينماير الذي يتولى أيضا منصب نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن تحالف ميركل المسيحي الديمقراطي "ينهار كما ينهار الورق المقوى عندما يتبلل بالماء". وناشد شتاينماير أنصاره بأن يواصلوا معركتهم الانتخابية "المبهرة" حتى اللحظة الأخيرة قبل إغلاق صناديق الاقتراع.
كولر: "العازفون عن الانتخابات غير ممثلين في البرلمان"
كذلك دعا الرئيس الألماني هورست كولر مواطنيه إلى الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المقررة غدا الأحد. وقال كولر في تصريحات لصحيفة "بيلد آم زونتاج" الألمانية الصادرة غداً الأحد إن الذهاب إلى الانتخابات يعني الاهتمام بأن تعبر نتائجها بالفعل عن رغبة الشعب. وتحدث الرئيس في ندائه عن ضجر بعض المواطنين من السياسة قائلاً: "أعلم أن البعض غير راض عن الساسة والقرارات السياسية، فالساسة بشر مثل كل واحد منكم، لديهم نقاط قوة وضعف، لكن هذا ليس سببا لعدم الذهاب إلى الانتخابات... فكروا في أن العازفين عن الانتخاب غير ممثلين في البرلمانات، وعندما لا تنتخبون لا يصبح لديكم شخصا يمثل رغباتكم في البرلمان، وربما تدعمون بذلك أيضا الذين لا يتصرفون وفقا لرغباتكم، فليس هناك سبب ذكي لخوض هذه المخاطرة". وفي الوقت نفسه، شجع كولر مواطنيه على تحديد مستقبلهم بأنفسهم ، قائلاً: "المواطنون في أيديهم حق تحديد مصير بلدهم، فكل صوت يحسب، وكل صوت له نفس القيمة".
ويأتي هذا النداء في الوقت الذي يخشى فيه المراقبون تراجع نسب المشاركة، خصوصا وأنها سجلت في الانتخابات العامة الأخيرة عام 2005 بنسبة 77.7 في المائة، فيما يعد أدنى معدلاتها في تاريخ البلاد منذ تأسيسها. وموازاة للجدل الدائر حول إقرار قانون الانتخاب الإلزامي كما هو الحال في بعض الدول الأوروبية كاليونان وبلجيكا ولوكسمبورغ، أجرى معهد "إيمند" لقياس الرأي استطلاعا للرأي، تنشر نتائجه في صحيفة "بيلد أم زونتاغ " يوم غد، كشف فيه أن أغلبية المواطنين الألمان ترفض أي قوانين تجبر المواطن على الإدلاء بصوته في الانتخابات العامة. وصَوت 49 في المائة ضد القوانين الملزمة، بينما وافق عليها حوالي 47 في المائة من مجموع المستطلعين آرائهم.
ازدياد حدة التنافس
من ناحية أخرى، ومع اقتراب موعد الانتخابات، بدا التنافس شديداً بين الأحزاب الكبرى، إذ أوضح استطلاع الرأي الذي أجراه معهد فورسا لصالح محطة (ار.تي.ال) التلفزيونية الخاصة، حصول التحالف المسيحي الديمقراطي الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل على نسبة 33 بالمائة من أصوات الألمان وهي نسبة تقل بنحو 2 بالمائة عن نتيجة الأسبوع الماضي. وأظهر الاستطلاع الذي نشر أمس الجمعة حصول الحزب الاشتراكي الديمقراطي مع مرشحه فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية على نسبة 25 بالمائة من أصوات الألمان متراجعا بذلك نقطة واحدة عن استطلاع الأسبوع الماضي. وفي المقابل استطاع حزب اليسار الحصول على نسبة 12 بالمائة بزيادة 2 بالمائة عن الاستطلاع الماضي، كما حصل الحزب الديمقراطي الحر على نسبة 14 بالمائة بارتفاع قدره نقطة واحدة، فيما حقق حزب الخضر نسبة 10 بالمائة متراجعا بنقطة واحدة عن الاستطلاع الأخير. وفي حال تحقق هذه النتائج في الانتخابات المقبلة سيحصل التحالف المسيحي الذي تقوده ميركل مع الحزب الديمقراطي الحر على نسبة 47 بالمائة وهي نفس النسبة التي سيحصل عليها المعسكر اليساري الذي يضم الحزب الاشتراكي والخضر واليسار. كما ستحصل الأحزاب الصغيرة الأخرى مجتمعة على نسبة 6 بالمائة من أصوات الألمان ولن يحق لها دخول البرلمان الألماني نظرا لأن قانون الانتخابات ينص على تمثيل الحزب الواحد في البرلمان الألماني في حال حصوله على نسبة 5 بالمائة على الأقل على مستوى ألمانيا بالكامل.
وأظهر استطلاع آخر أعدته القناة الثانية بالتلفزيون (ZDF) الألماني تقدم تحالف حزب ميركل المسيحي مع الحزب الليبرالي الحر بنسبة 49 في المائة مقابل 47 في المائة لمعسكر اليسار. لكن نسبة الألمان الذين لم يحسموا أمرهم في اختيار حزبهم المفضل في هذه الانتخابات وفقاً للاستطلاعات، بلغت حتى الآن 26 بالمائة وهي نسبة كفيلة بقلب التوقعات رأسا على عقب.
(و.ب/د.ب.آ/أ.ف.ب/إي.بي.دي)
مراجعة: سمر كرم