"منطقة التجارة الحرة الخليجية الأوروبية المشتركة على الأبواب"
١٤ نوفمبر ٢٠٠٦بعد سنوات من التعثر والركود استمرت منذ عام 1988، وصلت المفاوضات الخاصة بالتوصل إلى اتفاقية لإقامة منطقة تجارة حرة خليجية أوروبية مشتركة إلى مراحلها النهائية خلال جولات المحادثات المكثفة التي عُقدت منذ أواسط العام الماضي 2005. وقال رئيس بعثة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في بروكسل السفير حمد بن أحمد بن عبد العزيز العامر إن جميع الخلافات الرئيسية قد حلت ولم يبق سوى جزئيات تتعلق بتحرير قطاعات الخدمات والاستثمار والمشتريات الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي. وتوقع السفير في مقابلة خص بها موقعنا على هامش الندوة التي نظمتها غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية والأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي حول تنمية التعاون الاقتصادي بين ألمانيا ودول المجلس يوم 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري في برلين، ان يتم الاتفاق بشأن التفاصيل العالقة خلال جولة المفاوضات القادمة في الرياض قبل نهاية هذا العام، فيما يلي نص المقابلة:
دويشته فيله: إلى أين وصلت المفاوضات بشأن إقامة منطقة التجارة الحرة الخليجية الأوروبية المشتركة؟
حمد العامر: بعد سنوات طويلة من الثبات النسبي تجاوزنا خلال جولات المفاوضات التي تم تكثيفها بين لجان المفاوضات الخليجية والأوروبية منذ أواسط العام الماضي جميع العقبات الرئيسية ولم يبقى سوى الجزئيات. وعلى ضوء ذلك يمكن القول إن منطقة التجارة الحرة الخليجية الأوروبية أصبحت على الأبواب ونحن نتوقع توقيع الاتفاقية الخاصة بها قبل نهاية العام الجاري.
دويشته فيله: ما الذي يعنيه تجاوز العقبات الرئيسية بشكل أكثر دقة؟
حمد العامر: هذا الأمر يعني إن الاتحاد الأوروبي أصبح مستعدا لإعفاء المنتجات الخليجية غير النفطية وفي مقدمتها المنتجات البتروكيماوية ومنتجات الألمنيوم من الرسوم الجمركية. وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي الست، السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان، فإنها وافقت من حيث المبدأ على فتح أسواقها في مجال الخدمات والاستثمارات والمشتريات الحكومية أمام الجانب الأوروبيي.
دويشته فيله: لكن هناك معلومات تفيد بأن هناك صعوبات كبيرة تواجه الاتفاق على الخطوط الأساسية لتحرير قطاعات الخدمات والمشتريات الحكومية والاستثمارات المباشرة في دول المجلس؟
حمد العامر: هذا الكلام غير دقيق لأنه تم تجاوز 90 إلى 95 بالمئة من الصعوبات، ولم يبق سوى تفاصيل قليلة تتعلق بالتوصل إلى تحرير هذه القطاعات بنفس المستوى في دول المجلس.المشكلة إن هذا المستوى متفاوت بين البحرين أو السعودية عنه في الكويت ودول أخرى مثلا. وحتى يتم التوصل إلى سقف موحد على هذا الصعيد لا بد من وقت إضافي، وهو أمر لا يتفهمه الاتحاد الأوروبي الذي يصر على تحقيق هذا السقف قبل توقيع الاتفاقية، أي قبل نهاية العام الجاري.
دويشته فيله: كيف تقيم الإصرار الأوروبي على توحيد سقف تحرير قطاع الخدمات قبل التوقيع على الاتفاقية؟
حمد العامر: هذا المطلب عادل برأيي. غير أنه لا ينبغي تأجيل توقيع الاتفاقية الخاصة بإقامة منطقة التجارة الحرة بسبب الجزئيات الباقية التي لا تتعدي نسبة 5 بالمئة من مجمل نقاطها وبنودها. وهذا هو موقف دول مجلس التعاون العربية التي ترى إنه يمكن التوقيع على الاتفاق أولا ومن ثم إيجاد الحلول للجزئيات الباقية خلال ستة اشهر أو سنة. وتدعمها في هذا الموقف سوابق قام بها الاتحاد عندما وقع مع بلدان أخرى مثل الأردن اتفاقيات مماثلة قبل أن يتم بحث جميع التفاصيل والاتفاق عليها.
دويشته فيله: هل أنت متفائل بالتوقيع على الاتفاقية قبل نهاية العام رغم ذلك؟
حمد العامر: نعم، وهذا ما تشير إليه نتائج زيارات عدد من المسؤولين الأوربيين مؤخرا إلى دول الخليج وفي مقدمتهم بيتر ماندلسون مفوض التجارة الأوروبي ونائب المدير العام لإدارة التجارة الخارجية في المفوضية الأوروبية كارل فالنكبيرغ. وعلى ضوء زيارة هذين المسؤولين وزيارة وزير التجارة الخارجية الإيطالية مؤخرا للإمارات هناك حديث عن اتفاق على تجاوز التفاصيل العالقة خلال جولة المفاوضات القادمة في الرياض أواخر/ تشرين الثاني/ نوفمبر 2006.
دويشته فيله: ما الذي يعنيه توقيع الاتفاقية وإقامة منطقة التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي؟
حمد العامر: يعني ذلك توقيع أول اتفاقية من نوعها بين تكتلين اقتصاديين بهذا المستوى من القدرات والموارد الاقتصادية والبشرية. وستنعكس نتائج ذلك بشكل إيجابي على دولهما في مجالات تتجاوز التجارة والاستثمار والخدمات إلى تعزيز التعاون السياسي والأمني على مختلف الأصعدة.
دويشته فيله: هل يعني ذلك إن دول مجلس التعاون لا تخشى من تبعات سلبية قد تنشأ عن الاتفاقية بسبب القدرة التنافسية العالية لدول الاتحاد الأوروبي؟
حمد العامر: لا أعتقد أن هناك مساوئ تذكر بالنسبة لدول الخليج والأوروبيين مقارنة مع المزايا التي تجلبها الاتفاقية على مختلف الأصعدة. بالنسبة لهذه الدول سيكون أمامها فرصة كبيرة لتنويع صادرتها بحيث تشمل إلى جانب النفط ومشتقاته البتروكيماويات والألمنيوم التي تشكل العمود الفقري للتجارة الخليجية. أما الجانب الأوروبي فسيكون أمامه سوق تجارية واستثمارية ضخمة قوامها 38 مليون مستهلك وناتجها المحلي بحدود 600 مليار دولار.
دويشته فيله: هل هناك من دور متميز لألمانيا على صعيد دفع المفاوضات الخليجية الأوروبية مؤخرا؟
حمد العامر: نعم، ألمانيا من الدول المتحمسة لإنهاء المفاوضات والتوقيع على الاتفاقية بأسرع وقت ممكن على ضوء نمو مصالحها التجارية بشكل سريع مع دول مجلس التعاون الخليجي. ويزيد من اهتمامها قرب استلامها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي خلال العام القادم. وفي هذا السياق تأمل حكومة برلين بإنهاء المفاوضات قبل هذا الاستلام بهدف البدء بتنفيذ بنود الاتفاقية وتعزيز التعاون السياسي والأمني إلى جانب التعاون الاقتصادي مع هذه الدول.
حمد بن أحمد بن عبد العزيز العامر: دبلوماسي بحراني يرأس بعثة مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى بروكسل. والسفير العامر من المسؤولين الخليجيين الذين يشاركون في جولات المفاوضات الخليجية الأوروبية منذ سنوات وهو على إطلاع دقيق بمجرياتها.
أجرى الحوار ابراهيم محمد