من أنا: فتاة مصرية - ألمانية بين هنا وهناك
٣٠ يناير ٢٠١٤لو لم أكن في المكان والوقت الصحيح لما جلست هنا في القسم العربي الآن. عندما تكبر بين الثقافتين الألمانية والمصرية فهذا شيء يغني حياتي بالكثير من الجوانب والتجارب، التي لم أكن لأتعرف لو وجودي بيه هاتين الثقافتين. أنا تعرفت على مجتمعين و ثقافتين مختلفتين.
من ناحية، المجتمع الألماني، حيث النظام والدقة والانضباط، ومن الناحية الأخرى المجتمع المصري المفعم بالحيوية والتلقائية. الأشخاص الذين أعيش معهم في ألمانيا يضعون الخطط وجداول المواعيد المحددة. أما في مصر فتُؤخذ الأشياء بسلاسة وعفوية، إنهم يعيشون اليوم بيومه.
كبرت وتكلمت اللغتين الألمانية والمصرية العامية بطلاقة. وبسبب تواجدي في ألمانيا طوال السنة، لا أجد الوقت أو الطاقة في معظم الأحيان للتمرن على قراءة اللغة العربية وكتابتها في منزلي. ولذلك أجيد القراءة والكتابة باللغة الألمانية أكثر من اللغة العربية.
أشعر أنني مزيج من بلدين ويمكنني أن أعرف نفسي من خلال ثقافتي وعادات هذين البلدين. أبناء كثيرين يكبرون في وسط ثقافتين، وعندما يصلون إلى نقطه معينة، يكون لديهم إحساس أنهم لا يعرفون بلدهم الأصلي جيداً. ولهذا يجدون صعوبة في الذهاب والإياب لأنهم لا يريدون أن يتركوا بلدهم الثاني الأصلي أيضاً بدون معرفته.
الأمر ليس صعباً
أما بالنسبة إلي فهذا الأمر كان أكثر سهولة، فقد أُتيحت لي الفرصة للعيش في البلدين والتعرف على نمط الحياة جيداً، هنا في ألمانيا، وهناك في مصر. أي أنني أستطيع أن أكون ألمانية وأستطيع أن أكون مصرية في الوقت ذاته، وذلك لأنني أقمت في البلدين.
لدي أصدقاء ألمان ومصريين، وعندما أكون مع الأصدقاء الألمان فأنا أكون ألمانية جداً، وكذلك مع الأصدقاء المصريين فأنا مصرية جداً. أجد لدي القدرة أن أكون على الجانبين، وأستطيع أن أرى كل جانب لدي في المواقف المختلفة مع الناس المختلفة.
أين بلدي؟
في مصر يتعلم الأبناء أن ما يقول الآباء يكون مهماً أو حاسماً. وما يقولوه يجب أن يُنفذ بلا مناقشة. أما في ألمانيا فيتعلم الأبناء أن يكون لهم رأيهم الخاص وأن يفكروا أولاً في القرارات الحاسمة. لكني تعلمت أنه من المهم أن استمع إلى والدي وأفكر أولاً، حتى أصل إلى رأيي الشخصي.
بالنسبة لي فمصر وألمانيا هما موطني الأصلي، حيث يعيش جزء من عائلتي في ألمانيا، والجزء الأكبر في مصر. لا يوجد أبناء كثيرون عندهم الشعور الانتماء لبلدين، ويستطيعون القول إن البلدين هو بيتهم في الوقت ذاته. أنا محظوظة لمعرفتي الجيدة للبلدين. فقد كبرت وسط ثقافتين وأخذت أحس ما فيهم من مشاعر وكرم واعتماد على النفس وتكوين رأيي الشخصي.