مواجهة الدعاة المتطرفين بتأهيل الأئمة في ألمانيا
٢٧ فبراير ٢٠١٠تبذل الأجهزة الألمانية جهودا كبيرة لدمج الأعداد المتزايدة من المواطنين الألمان ذوي الأصول الأجنبية والذين يعتنقون العقيدة الإسلامية، خاصة عندما يمارس الدعاة المتطرفون أسلوب إثارة القلاقل والكراهية في بعض المساجد. ولكي تقاوم ألمانيا المؤثرات الخارجية التي يتأثر بها المسلمون المقيمون فيها، فإنها تراهن على تأهيل أئمة المساجد بنفسها، حيث سيتم إنشاء أول معهد لتأهيل الدعاة في ألمانيا في مدينة أوزنابروك الواقعة في ولاية سكسونيا السفلى غرب ألمانيا.
وينتهي اليوم السبت في جامعة أوزنابروك أكبر ملتقى دولي حتى الآن بخصوص تأهيل الأئمة في ألمانيا والذي استغرق ثلاثة أيام. ويقول أوفه شينيمان وزير داخلية سكسونيا السفلى الذي ألقى كلمة أمام المؤتمر "نأمل أن نؤسس من خلال عملية تأهيل الأئمة انفتاحا داخل الجاليات الإسلامية وأن يكون ذلك سببا لتحسين مستوي دمجهم في المجتمع الألماني بصورة مستديمة". ورأى شينيمان أن الأئمة يتحملون مهمة الربط بين أبناء الجالية المسلمة والمؤسسات ذات الصلة في المجتمع الألماني. ولكي تؤدى هذه المهمة على أكمل وجه فإن الأئمة "يحتاجون إلى معرفة وافية بالهياكل المؤسسية وطريقة عملها في ألمانيا". وقال الوزير الألماني إن التخصص الدراسي الذي افتتح في جامعة أوزنابروك سيسهم في تحقيق ذلك في المستقبل بصورة فاعلة تماما.
معظم أئمة مساجد ألمانيا من تركيا
ويتم إيفاد الأئمة في الوقت الحالي من بلادهم الإسلامية الأصلية إلى ألمانيا حيث يتبع 750 من بين 2500 مسجد في ألمانيا للاتحاد المركزي للشئون الدينية "دي آي تي آي بي" وهو قريب الصلة بشدة من هيئة الأوقاف الرسمية التركية. ويتم تأهيل الأئمة التابعين لهذا الاتحاد في مدارس دينية تركية كما أن قسما من الأئمة صار منذ عام 2002 يتأهل أيضا في الجامعات التركية، ويتم إرسالهم إلى ألمانيا للعمل لمدة أربعة أعوام. كما تتولى الحكومة التركية دفع رواتبهم حيث يتبعون مباشرة للملحق الديني بالسفارة التركية في ألمانيا.
وكل هذه الأمور تحظى باهتمام متزايد على المستوى السياسي في ألمانيا. ويقول علي أوزديل رئيس معهد العلوم والثقافة الإسلامية في هامبورج، والذي يقوم منذ 2007 بتقديم الدراسات العليا والتكميلية للأئمة، "المشكلة أن الأئمة يقومون هنا بكل المهام، رغم أنه لم يتم تأهيلهم بصورة حقيقية للقيام بهذا العمل فعلا". ويضيف أوزديل أن إتقان اللغة واحدة من أكبر العقبات، حيث أن الدورات التي يتعلم الأئمة خلالها اللغة الألمانية في معهد غوته والتي يصل عدد ساعاتها إلى 400 ساعة لا تسهم في تمكين الأئمة من القيام بعمل فاعل داخل الجالية المسلمة في ألمانيا، حيث إنهم بهذا المستوى لا يستطيعون إجراء حوار أو الإسهام في اندماج الجالية. ومع ذلك يغلق الاتحاد المركزي التركي أبوابه دون أي تغييرات و لا يرى ضرورة لتأهيل الأئمة من جديد في ألمانيا، كما يقول أوزديل. أما الجاليات التي لا تنضوي تحت لواء اتحاد الشئون الدينية التركي فإنها تلجأ للاستعانة بأئمة كانوا من قبل تابعين للاتحاد وعملوا معه في ألمانيا.
أول معهد لتأهيل الأئمة في ألمانيا
وفي الوقت الحالي تقوم اتحادات أخرى بتأهيل الأئمة كما يفعل اتحاد المراكز الإسلامية في ألمانيا أو جماعة "ميلي غوروش" التي تخضع للمراقبة من قبل هيئة حماية الدستور في ألمانيا. ونظرا لأن 70 في المائة من المسلمين في ألمانيا هم من أصل تركي فإن نسبة الثلاثين في المائة المتبقية تنحدر من 41 قومية أخرى. ويقول البروفيسور بولنت أوكار من جامعة أوزنابروك وهو عالم متخصص في العلوم الإسلامية وأحد منظمي المؤتمر"كان المسلمون حتى وقتنا هذا بلا تنظيم، متفرقين ويسود بينهم العداء ".
وستصب نتائج هذه الجهود في"البرنامج الجامعي للدراسات العليا" الذي يستغرق فصلين دراسيين ويبدأ التدريس به في الخريف المقبل بجامعة أوزنابروك. وتقول نائبة رئيس الجامعة البروفيسورة مارتينا بالسبيرج كونكه "إن البرنامج الجامعي موجه من جهة إلى الأئمة التابعين للاتحاد المركزي للشئون الدينية التركي والذين سبق لهم دراسة الفقه الإسلامي، ومن جهة أخرى إلى المسلمين الذين ولدوا في ألمانيا ويزاولون الآن في ألمانيا وظائف دنيوية مختلفة". وأضافت إن هذه الجهود تمثل خطوة أولى لتأهيل الأئمة في مدينة أوزنابروك، من المقرر أن يتبعها خطوة أخرى تتمثل في مسار جامعي ينتهي بشهادة البكالوريوس في العلوم الإسلامية. ويقول البروفيسور بولنت أوكار معلقا على توصيات المجلس العلمي المنوط به تأسيس أقسام للعلوم الإسلامية بالجامعات الألمانية "نحن ننطلق من أننا سنحصل على معهد للدراسات الإسلامية في أوزنابروك ".
(ع.ع. / د ب أ)
مراجعة: عبده المخلافي