نار المنافسة تجبر سيمنس على توديع إنتاج الهواتف المحمولة
أعلنت شركة سيمنس Siemens أمس أنها ستبيع فرعها المتخصص بإنتاج الهواتف الجوالة إلى شركة بنكيو BenQ التايوانية المتخصصة في صناعة الأجهزة الالكترونية أواخر العام الحالي. وسيكلف هذا القرار الشركة الألمانية، التي تعد علامتها التجارية أشهر من نار على علم، حوالي 350 مليون يورو على شكل أعباء ضريبية ناتجة عن عملية البيع. بذلك سيكون لمؤسسة بنكيو مبدئياً حق استغلال العلامة التجارية والاسم التجاري "سيمنس" لمدة خمس سنوات. وفي غضون ذلك أعلن المتحدث الصحفي باسم سيمنس أنها ستكتتب على كمية من أسهم بنكيو بقيمة 50 مليون يورو، كما أنها تسعى إلى امتلاك 2,5 بالمائة من حصة بنكيو المالية. إلا أن هذه الصفقة لن تتمم إلا بموافقة إدارات مراقبة الإنتاج والجمعية العمومية لمؤسسة بنكيو.
خلال الأعوام الماضية كان قطاع إنتاج الهواتف المحمولة منبع المشاكل المالية التي تعاني منها سيمنس، إذ بلغت خسائره 152 مليون يورو خلال العام الماضي. ولم تستطع سيمنس تقديم منتجات متميزة تنافس منتجات شركات أخرى مثل نوكيا وإركسون في هذا القطاع. وهو ما أدى إلى تراجع مبيعاتها أمام منافساتها في سوق الاتصالات الذي يتسم بالمنافسة الشديدة. وبالرغم من أن كلاوس كلاينفيلد المدير التنفيذي لشركة سيمنس قد أخد على عاتقه إجراء تغييرات عديدة على هذا الفرع منذ أوائل العام الماضي، إلا أن هذه التغييرات لم تكن مثمرة. فلقد دمج كلاينفيلد فرع إنتاج أجهزة الهواتف المحمولة مع الفرع الخاص بإنتاج الهواتف الثابتة متحدياً بذلك رغبات العاملين بالمؤسسة. كما ألزم عمالة بأداء ساعات عمل إضافية مقابل ضمان وظائفهم لمدة سنتين دون أية زيادة في الأجور. غير أن ذلك لم يساهم في تحقيق زيادة مبيعات الهواتف المحمولة. الجدير بالذكر أن حوالي ستة آلاف شخص يعملون في فرع إنتاج الهواتف المحمولة لسيمنس في العالم، منهم ثلاثة ألاف في ألمانيا وحدها.
سيمنس وشريكها الجديد
من أجل طمأنة زبائن الشركة يشدد لوتر باولي، أحد أعضاء إدارة شركة سيمنس على أنها "سوف تمضي قدماً في تزويد عملائها بكل ما يحتاجونه من تقنيات في مجال الاتصالات". باولي الذي لا يخفي تفأوله بشأن التطورات الجديدة التي طرأت على المؤسسة يرى في بنكيو شريكاً جديراً بالثقة يمكنه إمداد سيمنس بتقنيات عالية الجودة. "و بجانب ذلك سوف نكثف نشاطنا مع شريكنا الجديد في مجال البحث العلمي وتطوير المنتجات، بالإضافة إلي التعاون المزمع في مجالات التسويق والتوزيع بين سيمنس وبنكيو" على حد قول باولي.
تفأول بنكيو...
انفصلت بنكيو منذ أعوام عن مؤسسة أيسر (Acer) لصناعة أجهزة الحاسوب. وبعد ذلك اعتمدت على إنتاج الكاميرات الرقمية وآلات المسح الالكتروني وشاشات الحاسوب المسطحة، بالإضافة إلى تصنيع الهواتف النقالة. إلا أن منتجاتها لم تحظى بشهرة كبيرة مثل منتجات سيمنس. وتطمح بنكيو من خلال هذه الخطوة في عضوية مجموعة العمالقة بمجال صناعة أجهزة الهواتف المحمولة، والتي تضم كل من نوكيا وموتورولا وسامسونج وسوني اريكسون. أما عن تفاؤل عمال بنكيو في تحقيق أرباح جراء ذلك فهو كبير جداً، لدرجة أن إدارة المؤسسة صرحت اليوم أن: "عدد أجهزة المباعة لبينكو سيتعدى الـ 50 مليون قطعة سنوياً. وسنكون بذلك إحدى العلامات التجارية الكبرى في مجال صناعة الهواتف المحمولة. وسيتضاعف حجم المعاملات التجارية لشركتنا ليصل إلى ما يزيد عن 10 مليار يورو." وفقاً لتصريحات المتحدث باسم بنكيو.
...وترقب العمال
أما الموظفون في فرع الهواتف المحمولة بشركة سيمنس فلا يتحدثون بمثل هذه النشوة. فبالرغم من إعلان بنكيو عن عزمها الاحتفاظ بعمالة سيمنس القديمة، إلا أن عمال سيمنس متخوفون بعض الشيء نظراً للتطور العام الذي يشهده الاقتصاد الألماني بصورة خاصة والعالمي بصورة عامة حيث تتبنى الشركات الكبرى إستراتيجيات قائمة على خفض تكاليف الإنتاج على حساب تسريح العمالة. لذلك سيبحث مجلس عمال سيمنس الصفقة التي أبرمتها شركتهم مع بنكيو بمنتهى الدقة. أما بنكيو فعليها الإنصات إلى أربعة مطالب رئيسية للعمال تتمثل في: ضمان الإبقاء على وظائفهم وأماكن عملهم والاعتراف بالعقود المبرمة التي تحدد أجور العمالة إضافة إلى صياغة إستراتجية سليمة لمستقبل العمل في الشركة الجديدة. وفي حالة تحقيق هذه المطالب فسيكون لانفصالهم عن مؤسسة سيمنس مغزى علي حد تعبير أعضاء مجلس العمال.
علاء الدين سرحان