ناشطات سعوديات يروين تفاصيل تعذيبهن في جلسة محاكمتهن الثانية
٢٨ مارس ٢٠١٩قالت مصادر مطلعة إن ناشطات سعوديات بارزات أبلغن محكمة بتعرضن للتعذيب خلال احتجازهن المستمر منذ أكثر من تسعة أشهر، في قضية زادت من حدة الانتقادات الغربية للمملكة. واجتذبت المحاكمة، التي تواجه خلالها النساء تهما تتعلق بعملهن في مجال حقوق الإنسان واتصالهن بصحفيين ودبلوماسيين أجانب، اهتماما دوليا بعد قتل الصحفي جمال خاشقجي العام الماضي.
ومن بين المتهمات، الناشطة الحقوقية لجين الهذلول والأستاذة الجامعية هتون الفاسي والمدونة إيمان النجفان والأكاديمية عزيزة اليوسف وهي في الستينيات من عمرها. وقالت المصادر إن بعض النساء تحدثن، وهن يجلسن بالقرب من أسرهن داخل قاعة المحكمة الجزائية في الرياض، ووصفن أمام لجنة من ثلاثة قضاة سوء المعاملة التي تعرضن لها.
وتقول جماعات حقوقية إن ثلاث نساء على الأقل، بينهن الهذلول، وضعن في الحبس الانفرادي لشهور وتعرضن للتعذيب الذي شمل الصعق الكهربائي والجلد والتحرش الجنسي. ويزعم إخوة الهذلول أن سعود القحطاني وهو مستشار سابق كبير لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كان حاضرا أثناء بعض جلسات التعذيب وهدد باغتصابها وقتلها.
وقال النائب العام إن مكتبه حقق في هذه المزاعم وخلص إلى أنها كاذبة. ولم يتسن لرويترز الوصول إلى القحطاني منذ فصله من عمله في أكتوبر تشرين الأول بعد مقتل خاشقجي. وقال وليد الهذلول لشبكة (سي.إن.إن) بعد جلسة أمس الأربعاء "هو من يستحق أن يكون في المحكمة اليوم وليس شقيقتي".
وأضاف وليد أن لجين طلبت شهرا آخر للرد على الاتهامات حيث لم تُمهل سوى ساعتين فحسب مع محامٍ للتحضير للرد. ولم ترد المحكمة بعد على طلبها.
وتدهورت الحالة الصحية لامرأة أخرى هي نوف عبد العزيز في الآونة الأخيرة، حسبما أفادت مجموعة القسط الحقوقية السعودية ومقرها لندن هذا الأسبوع، رغم أن السبب لم يتضح. وقال أحد المصادر إنها لم تمثل أمام المحكمة.
ومنع دبلوماسيون ووسائل إعلام غربية، من حضور الجلسة وجرى اصطحابهم خارج المبنى رغم أنهم قدموا طلبا للسماح لهم بالدخول في ظل عملية التدقيق الدولية في القضية.
ودعت أكثر من 30 دولة، بينها دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين، وكندا وأستراليا، الرياض إلى الإفراج عن الناشطات. وأثار وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت ونظيره الأمريكي مايك بومبيو المسألة خلال زيارات للمملكة في الآونة الأخيرة.
وكتب تسعة أعضاء بارزين من مجلس الشيوخ الأمريكي خطابا علنيا الأسبوع الماضي يطلبون فيه من العاهل السعودي الملك سلمان الإفراج الفوري عن السجناء المحتجزين "بتهم مشكوك فيها تتعلق بنشاطهم"، مشيرين إلى العديد من النساء اللواتي يحاكمن في الوقت الراهن.
ولم يعرف بعد إن كانت الرياض ستذعن أمام الضغط الدولي، إما بتبرئة النساء أو العفو عنهن، أم ستسعى لاستصدار أحكام قاسية في قضية يقول المنتقدون إنها كشفت عن حدود وعود ولي العهد بتحديث المملكة.
وتقول جماعات حقوقية إن بعض التهم الموجهة إلى النساء تندرج تحت قانون جرائم الإنترنت الذي تصل عقوبته إلى السجن خمس سنوات. وقال وليد الهذلول إن الاتهامات ضد شقيقته تشمل التواصل مع ما بين 15 و20 صحفيا أجنبيا في السعودية ومحاولة الحصول على وظيفة في الأمم المتحدة وحضور دورة تدريبية عن الخصوصية الرقمية.
من جهته أكد النائب العام في مايو/ أيار الماضي أن بعض النساء، إلى جانب العديد من الرجال، اعتقلوا للاشتباه في إلحاق الضرر بالمصالح السعودية وتقديم الدعم لعناصر معادية في الخارج. وصفت وسائل الإعلام الرسمية بعضهم بأنهم خونة و"عملاء للسفارات"، مما أغضب الحلفاء الغربيين.
وحدثت الاعتقالات قبل أسابيع من رفع الحظر على قيادة النساء للسيارات في المملكة في إطار الجهود المبذولة لتخفيف القواعد الاجتماعية وتعزيز الاقتصاد.
وتكهن النشطاء والدبلوماسيون بأنه ربما كان المقصود توجيه رسالة إلى النشطاء بعدم الدفع بمطالب لا تتماشى مع أجندة النظام، لكن ولي العهد نفى ذلك، متهما النساء بالعمل لصالح المخابرات القطرية والإيرانية.
واعتقل العشرات من الناشطين والمفكرين ورجال الدين بشكل منفصل في العامين الماضيين في محاولة فيما يبدو للقضاء على أي معارضة محتملة.
ولجأ ولي العهد إلى الغرب لدعم الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الطموحة، لكن سمعته تشوهت بعد مقتل خاشقجي في قنصلية المملكة بإسطنبول، الأمر الذي فجر غضبا دوليا.
ح.ز/ و.ب (أ.ف.ب / رويترز)