نصر مرحلي للمعارضة المحافظة يرافقه مخاوف من هالة شرودر الإعلامية
٥ أغسطس ٢٠٠٥
بعد مفاوضات صعبة استغرقت عدم أيام بين الحزبين الكبيرين المتنافسين على الفوز في الانتخابات البرلمانية الألمانية المقبلة في الشهر القادم، نجح الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض في فرض إرادته على الحزب الاشتراكي الحاكم الذي وافق أخيراً على إجراء مناظرة تلفزيونية واحدة فقط بين زعيمته ومرشحته لمنصب المستشارية أنجيلا ميركيل وبين المستشار غيرهارد شرورد. ويأتي هذا التطور في ظل احتداد المنافسة بين الأحزاب السياسية الألمانية وميل شرودر إلى "شخصنة" الحملة الانتخابية والابتعاد عن التركيز على برامج الأحزاب السياسية المجردة.
كاريزما شرودر كورقة إستقطاب للناخبين
إصرار المعارضة المحافظة على إجراء مناظرة تلفزيونية واحدة فقط يعود إلى تخوفها من قدرة شرودر على توظيف هالته الجذابة وقدرته على التعامل مع وسائل الإعلام، التي تعد بمثابة "السلطة الرابعة" في منظومة الديمقراطية التمثيلية، لإستقطاب أصوات الناخبين الألمان. فعلى الرغم من أن الأعوام الماضية شهدت تراجعاَ ملحوظاً في شعبية الحزب الاشتراكي الديمقراطي بسبب سياسته الإصلاحية، وتعرض حكومته الاتحادية إلى نقمة شعبية شديدة نظراً لازدياد نسبة البطالة بصورة لم يسبق لها مثيل وما رافقها من تنفيذ لإصلاحات "هارتس 4" وتقليص قدر الإعانة الاجتماعية، إلا أن المستشار شرودر لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة لدى غالبية الناخبين الألمان.
كما أن قراره بوضع مستقبله السياسي في يد الناخب الألماني يعود إلى ثقته بأنه لا يوجد بديل لسياسته الإصلاحية الحالية في ظل افتقار ميركل إلى الكاريزما الإعلامية وجاذبية الشخصية وهو ما دفع مستشاريها إلى الإكتفاء بمناظرة تلفزيونية واحدة.
اختلاف حول تأثير المنظرات التلفزيونية
وعلى الرغم من الإختلاف السائد بين المختصين في دراسات الإعلام وأبحاث الرأي العام حول التأثير الفعلي للمناظرات التلفزيونية على توجهات الناخبين، حيث يشير عدد كبير من هؤلاء الباحثين إلى أن التأثير الحقيقي يعود إلى ردود الفعل الإعلامية التي تساهم بصورة مباشرة في توجيه الرأي العام، إلا أن "مستشار الإعلام" شرودر يعول على الإطلالة التلفزيونية ليعوض نقص المؤيدين له حاليا كما تشير مؤسسات استطلاع الرأي في ألمانيا معتمداً على ميله إلى "شخصنة" العمل السياسي. فعلى أرض واقع عملية صناعة القرار السياسي يتوجب على المستشار الألماني أن يراعي اتفاق البرنامج الحكومي مع حزب الخضر المشارك في الإتلاف الحكومي، وأن يقنع تكتل الأغلبية داخل البرلمان بسياسته (أغلبية المستشار). غير أن شرودر نجح في فرض رؤيته السياسية الخاصة على عملية صناعة القرار السياسي الألماني. هذه "الشخصنة" الجديدة من نوعها ظهرت بصورة جلية حين رفض شرودر، الساعي إلى دور ألماني أكبر وأكثر فاعلية في حلبة السياسية الدولية رغم إدراكه التام لحقائق واستحقاقات التاريخ الألماني، الحرب على العراق بصورة قاطعة منذراً بولادة سياسية ألمانية خارجية مستقلة عن وصاية "الأخ الأمريكي الأكبر".
تقرير: لؤي المدهون