هل إعادة تشكيل وظيفتك حل للشعور بالرضا والتقدم في العمل؟
٤ مايو ٢٠٢٤الكثيرون يعملون في وظائف تمنحهم شعوراً محدوداً بالرضا أو لا تشعرهم بالرضا على الإطلاق. إذ يشعر الواحد منهم بأن العمللم يعد مرضياً - وحتى إذا كان مرضياً في أي وقت من الأوقات- فهو ليس ممتعاً، بل هو ممل ومحبط، ويثير فقط شعوراً باللامبالاة. وعلى الرغم من ذلك يظل البعض في وظائفهم، ويمارسون " الإقلاع الهادئ" من خلال القيام بالحد الأدنى من العمل بلا حماس من أجل تجنب فصلهم. وهناك آخرون يفكرون بالفعل في تقديم استقالتهم. وإذا قاموا بذلك، ربما ينتهى بهم الأمر إلى التنقل من وظيفة لأخرى والاستمرار في الشعور بعدم الرضا. وهناك مسار ثالث محتمل وهو إعادة تشكيل الوظيفة.
كيف تتم عملية إعادة تشكيل الوظيفة؟
تقول المستشارة في مجال الوظائف راغنهيلد شتراوس، مؤلفة كتاب عنوانه: كيف تتعلم أن تحب عملك مجدداً من خلال إعادة تشكيل الوظيفة،"إنها عملية مستمدة من علم النفس الصناعي المؤسسي، الذي يقوم خلاله العاملون بصورة نشطة بتشكيل وظيفتهم". وتضيف أنها مقتنعة أنه بالنسبة لكل شخص هناك وظيفة" يمكنه أن يشعر فيها بأنه على طبيعته ويحقق أهدافه بسعادة ويحظى بالتقدير للقيام بذلك". ويصف المدرب في مجال الوظائف، فولكر كلارشين، من يقومون بإعادة تشكيل وظائفهم بـ " مهندسي ديكور داخلي لوظائفهم". فبدلا من التنقل من وظيفة لأخرى، فإنك تقوم بإعادة تصميم وظيفتك لتلائمك بصورة أفضل. ولكن هل إعادة صياغة الوظيفة مجرد تيار عابر؟ تقول شتراوس لا - كما أنها ليست مجرد ميزة يحظى بها قليلون- واصفة إياها بأنها كفاءة رئيسية تتعلق بمكان العمل الجديد، يمكن للجميع استغلالها.
وتقول شتراوس "العاملون الذين يشعرون بالرضا يكون لديهم حافز أكبر ويكونون أكثر إنتاجية، مما يسفر عن انخفاض نسبة التغيب عن العمل، ونسبة تغير الوظيفة، وهما عاملان اقتصاديان لا يجب التقليل من أهميتهما". وحول كيف تتم عملية إعادة تشكيل الوظيفة؟ يقول كلارشين " يتعين أن تجلس في مكان هادئ وتفكر في وظيفتك". ما هو المهم بالنسبة لك؟ وما الذي تفتقده؟ ما هي المهام التي تريد تنفيذ الكثير منها، وما هي المهام التي تريد تمريرها لشخص آخر؟
حتى التغيرات الصغيرة يمكن أن تحدث تأثيرات كبيرة. وتعطي شتراوس مثالا على ذلك: العاملون الذين يواجهون مشكلة في التركيز في العمل في مكتب كبير مفتوح، ومن ثم يشعرون بمزيد من التوتر، يمكن أن يشعروا بالراحة من خلال الانتقال لمكان عمل أكثر انعزالاً أو العمل من المنزل. وفي بعض الأحيان تكون المشكلة أعمق من ذلك، في هذه الحالة من الممكن أن يكون من المفيد النظر عن كثب لوضعك في الحياة. لنقل إن قيمك وأولوياتك تغيرت منذ أن أصبحت مؤخراً والداً، وتجد أن مهام وظيفتك ومسؤولياتك لا تلبي توقعاتك المتزايدة بشأن العمل الهادف والاستمرارية .
هل تزيد من نسبة الرضا عن العمل؟
وتشير شتراوس إلى أنه ربما يمكنك على سبيل المثال تولي مشاريع جديدة تعمل على تعزيز مبادرات الاستمرارية بشركتك بدلاً من أداء مهام في مجال واحد. وبمجرد أن يدرك المرء بالتحديد ما يريده، فإن أول ما يجب فعله هو التحدث مع مديره بشأن هذا الأمر. ويقول كلارشين "إذا توصل الجانبان لاتفاق، إذن المسألة سوف تتعلق فقط بموافقة بقية أفراد الفريق". وأوضح أنه يجب مراعاة أنه على الرغم من أن إعادة تشكيل الوظيفة تمنح حريات جديدة، فقد تصحبها مسؤوليات جديدة. وقال "كما أنه من الصعب على المرء العدول عن هذه التغييرات إذا اكتشف أن مهامه القديمة كانت أفضل من الجديدة في نهاية الأمر".
ولكن إعادة تشكيل الوظيفة ليست دائماً الحل الأفضل للتعامل مع الوظيفة التي لا تحبها. وتقول شتراوس"في بعض الحالات يكون الوضع معقداً للغاية حتى أن عملية إعادة تشكيل الوظيفة التي تم التخطيط لها وتنفيذها بعناية لن تزيد نسبة الرضا عن العمل". وحين ذاك، سيكون حلك الوحيد هو تقديم استقالتك.
مع ذلك، تشير شتراوس إلى أن هناك أحوالاً ربما يمر بها المرء وتجعله لايمتلك القوة والتركيز لإعادة تشكيل وظيفته. وتقول إن المرء قد يكون في منتصف إجراءات طلاق أو يشعر بالحزن لفقدان شخص عزيز أو يعاني من مشاكل صحية خطيرة، حين ذاك يتعين التعامل مع هذا الوضع أولًا، وبعد ذلك مع الوضع الوظيفي.
وتضيف شتراوس أنه ربما لا تكون الوظيفة سبب عدم الرضا. و"عند تقييم تغيرات العمل التي يرغب المرء القيام بها، يدرك بعض الأشخاص أنهم في حاجة لإعادة تنظيم حياتهم اليومية الشخصية، أو أن علاقاتهم تستنفد طاقتهم باستمرار" موضحة أنه يجب بدلًا من ذلك إجراء تغيرات في هذه المجالات. وأوضحت "يمكن أن يكون نوع مختلف من رعاية الأطفال أو علاج الأزواج أو هواية جديدة- أمراً يمكن أن يجلب المزيد من السعادة لحياة المرء ويوفر تغييراً مرحباً به".
إ.م/ ع.ج (د.ب.أ)