هل تنجح "أوبك" في إقناع كل أعضائها بتطبيق خطة خفض الإنتاج؟
٢٨ أكتوبر ٢٠١٦سجلت أسعار النفط تراجعا منذ عام 2014 من 100 دولار للبرميل الخام إلى أقل من 40 دولار في بعض الأحيان، وهو ما أثقل كاهل الكثير من الدول التي تعتمد ميزانياتها بشكل كبير على أسعار النفط.
ولتجاوز هذا الضيق توصلت الدول الأعضاء في منظمة "أوبك"، (الدول المصدرة للبترول) الشهر الماضي في الجزائر لاتفاق على خفض الإنتاج لتعزيز الأسعار. ووفقا لذلك يتوقع تخفيض الإنتاج بمعدل 750 ألف برميل وهو أقوى تخفيض منذ الأزمة المالية في 2008. وسيتم تحديد مساهمة كل عضو في هذا التخفيض خلال اجتماع منظمة أوبك الشهر المقبل.
لكن يبدو أن إقناع كل أعضاء منظمة أوبك بضرورة تخفيض الإنتاج لن يكون سهلا. وقد ظهر ذلك في رد فعل العراق، ثاني أكبر منتج للخام في أوبك، الذي رفض تخفيض إنتاجه وطالب بإعفائه من أي خفض نظرا لحاجته للأموال لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية". ويؤكد خبراء المواد الخام في مصرف "كوميرس بنك" الألماني أن موقف العراق هذا سيصعب من تطبيق التخفيض المنشود، في وقت أشارت فيه مصادر من أوبك إلى أن موقف بغداد سيواجه بمعارضة من جانب الرياض وحلفائها الخليجيين.
الموقف الروسي
روسيا ليست عضوا في منظمة أوبك، إلا أنها من أهم الدول المنتجة للنفط. ففي شهر سبتمبر لوحده أنتجت روسيا كمية من النفط هي الأكبر منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. كما أن موسكو تعتبر ورقة رابحة لمنظمة أوبك.
وكان لإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أسبوعين "انضمام بلاده لمبادرة تخفيض الإنتاج" أثر جيد على بلدان الخليج وأيضا على أسواق النفط التي ارتفعت لأعلى معدل لها هذا العام والذي تجاوز بقليل سعر 50 دولار للبرميل.
لكن بعد يوم واحد من ذلك أدلى رئيس أكبر شركة نفط في روسيا بتصريح يرفض فيه مساهمة بلاده في مبادرة أوبك لتخفيض الإنتاج وهو ما أكده أيضا وزير الطاقة الروسي أليكساندر نوفاك. إلا أن بوتين أصر على رأيه السابق وهو ما دفع بوزير الطاقة فجأة إلى القول بأن أهم شركات النفط في روسيا مستعدة لتخفيض الإنتاج.
وتعاني روسيا بدورها من تراجع أسعار النفط ومن العقوبات الغربية المفروضة عليها. لذلك يرى هارالد هيكينغ، مدير شركة كولونيا لبحوث الطاقة، وهي فرع تابع لمعهد دراسات الطاقة بجامعة كولونيا أن "روسيا لن توافق على خفض الإنتاج إلا إذا التزمت جميع دول أوبك بذلك". والغاية من ذلك هي أنه عندما يتفق الجميع على خفض إنتاج النفط سترتفع الأسعار وهو ما يعوض تراجع الإيرادات التي يسببها خفض الإنتاج.
رحلات مكوكية للرئيس الفنزويلي
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يأمل أيضا في ارتفاع أسعار النفط. فبلاده تأثرت كثيرا بتراجع أسعار النفط بحكم اعتماد ميزانيتها بشكل كبير على عائدات النفط . وبالرغم من أن فنزويلا تتوفر على أكبر احتياطي للنفط في العالم إلا أن شركة فنزويلا للبترول باتت على وشك الإفلاس. أمام هذا الوضع قام مادورو بزيارات مكوكية لأذريبجان وإيران. وقال عند تواجده بأذريبجان نهاية الأسبوع الماضي "نحن نعمل على وضع أسس جديدة لضمان الاستقرار في العشر سنوات المقبلة".
من جهته شهد الموقف الإيراني تغيرا بخصوص خطة أوبك. ففي السابق أعلنت طهران عن رفضها لمبادرة التخفيض لرغبتها في استعادة مكانها في أسواق النفط الدولية بعد رفع العقوبات عليها. لكن نهاية الشهر الماضي أبلغ الرئيس الإيراني حسن روحاني نظيره الفنزويلي بأن "إيران تدعم أي إجراء يتماشى مع استقرار سوق النفط وسعر عادل ونصيب عادل (من الإنتاج)."
وبالرغم من أن الاتفاق بين دول أوبك لم يحسم بهذا الخصوص، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما مدى حجم التأثير على أسعار النفط الذي لا زالت تتحكم به منظمة أوبك بالتعاون مع روسيا؟. حسب الخبير هارالد هيكينغ فإن "مثل هذه الشراكة قد تؤدي على المدى القصير فعلا إلى ارتفاع في أسعار النفط، لكن فقط إلى حدود نقطة معينة، بعدها قد يصبح النفط الصخري القادم من أمريكا مصدرا للربح ويمكن طرحه بوفرة في الأسواق".
مارتن نيكولاس/ هشام الدريوش