هل يتأثر التطبيع العربي-الإسرائيلي بالانتخابات الأمريكية؟
١٦ سبتمبر ٢٠٢٠اتفاقيات لتطبيع العلاقات بين دول عربية وبين إسرائيل تتم بوتيرة متسارعة للغاية. بدأت مؤخراً بالإمارات، تلتها البحرين، فيما تشير الإدارة الأمريكية ومحللون سياسيون إلى أن هناك دولاً أخرى ستنضم إلى قطار التطبيع قريباً.
يأتي ذلك في ظل اقتراب الانتخابات الأمريكية التي سيتحدد معها اسم ساكن البيت الأبيض، فيما يرى محللون ومطلعون على الشأن الأمريكي والعربي أن نتائج تلك الانتخابات قد تسهم إما في تسارع وتيرة العمل في هذا الملف إذا انتخب ترامب مجدداً، أو تهدئة تلك الوتيرة المتسارعة بل وربما تجميد الملف بأكلمه إذا انتخب جو بايدن.
دعم أمريكي لا نهائي للتطبيع.. لماذا؟
يبدو من الواضح حجم الدعم الأمريكي الكبير لإنجاز أكبر قدر ممكن من اتفاقيات السلام العربية – الإسرائيلية وذلك قبل 50 يوماً فقط من انتخابات الرئاسة الأمريكية. فهل يأمل ترامب أن تكون تلك الاتفاقيات إحدى أوراق اللعب للفوز بفترة ثانية في البيت الأبيض؟
يرى الدكتور ادموند راتكه خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كونراد أديناور في برلين أن ترامب بالفعل يحاول من خلال هذه الاتفاقيات استمالة قاعدة انتخابية مهمة تتمثل في المسيحيين الإنجيليين والتي قد تمثل حوالي ربع قاعدته التصويتية.
ويضيف في حواره مع DW عربية أن "هذه القاعدة تهتم للغاية بمسألة الحفاظ على أمن إسرائيل وتعظيم التعاون الأمريكي معها، وترى أن التوافق مع السياسات الإسرائيلية أمر مهم"، مضيفاً أن "دفع إدارة ترامب لإنجاز تلك الاتفاقيات هو جزء من الاستراتيجية الكبيرة لإدارته وهي دمج إسرائيل في المنطقة دون حل القضية الفلسطينية نفسها وثانيًا الحصول على دعم من الناخبين الإنجيليين الذين سيعجبهم للغاية ما يقوم به ترامب".
وبحسب راتكه فإن فكرة ترامب وفريقه منذ البداية هي صنع سلام إقليمي، والتي هي في الأساس فكرة قديمة كان نتنياهو يسعى لتنفيذها، "بمعنى عقد صفقات مع دول المنطقة دون عقد صفقة منفصلة مع الفلسطينيين، لتصبح الاستراتيجية: السلام مقابل السلام بدلاً من الأرض مقابل السلام، والتي من الواضح انها فعالة وقابلة للتنفيذ"، موضحاً أن تلك الاستراتيجية هي جزء من استراتيجية "الشرق الأوسط الكبير".
أوراق أخرى أكثر أهمية
ويتفق راتكه مع محللين وسياسيين يرون أن هناك أوراقا انتخابية قد تكون أشد أهمية وأخطر من اللعب بورقة اتفاقيات السلام العربية – الإسرائيلية، ومنها الفشل الذريع في إدارة ملف أزمة فيروس كورونا، الذي نتج عنه أعلى معدل وفيات في العالم لمصابين بالمرض، إذ بلغ عدد الوفيات في الولايات المتحدة نحو 195 ألف حالة وأكثر من 6 ملايين إصابة.
كما أن الفشل في التعامل مع أزمة كورونا انعكس اقتصادياً على المجتمع الأمريكي، إذ تزايدت معدلات البطالة بشكل غير مسبوق وزادت حالات الطرد من المنازل نتيجة عدم القدرة على سداد قيمة الرهن العقاري وكلها أمور أشد أهمية لدى القطاع الأوسع من المجتمع الأمريكي من قدرة ترامب على انجاز اتفاقيات سلام بين إسرائيل ودول عربية، أو تصوير نفسه على أنه صانع سلام وصفقات سياسية تاريخية.
ويعتقد البعض أن ترامب يحاول بشكل ما الحصول على جائزة نوبل للسلام برعايته تلك الاتفاقيات سواء نكاية في أوباما الذي فاز بالجائزة من قبل، أو لتكون أحد أوراق دعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة ومحاولة التوصل إلى اتفاق إقليمي لتشكيل جبهة مشتركة ضد إيران.
اتفاقيات السلام في ميزان ترامب وبايدن
يعتقد محللون وخبراء في الشان الأمريكي أنه في حال فوز بايدن بالرئاسة فلن يحوز ملف السلام بين إسرائيل والدول العربية على جانب كبير من الاهتمام، خاصة مع غياب أشخاص من نوعية غاريد كوشنر صهر ترامب الذي يتحرك في الأمر من منطلق عقائدي بصورة أكبر مما تحركه المصالح السياسية للولايات المتحدة، بحسب الخبراء.
ويرجع بعض المحللين السبب في ذلك إلى أن جو بايدن نفسه شخص كاثوليكي وأن الدائرة المحيطة به لايوجد بها الكثيرون من المسيحيين الإنجيليين كالدائرة الحالية المحيطة بترامب، كما أن بايدن نفسه أظهر غير ذات مرة أن هذا الملف ليس على قائمة أولوياته.
ويرى الدكتور ادموند راتكه خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كونراد أديناور في برلين أن هذا الأمر صحيح إلى حد بعيد، ما قد يؤثر بالفعل مستقبلاً على حجم الإنجاز في هذا الملف.
لكنه يستدرك قائلاًً "إن ذلك لا يعني التقليل من حجم الاهتمام والرعاية الأمريكية بإسرائيل، حيث ستظل تل أبيب الحليف الأهم لواشنطن ولذلك ستستمر الإدارة الأمريكية الجديدة في التعاون بشكل كبير مع القيادة الإسرائيلية، لكن بمضي الوقت لن يكون لقضية السلام العربي – الإسرائيلي الأولوية لدى إدارة بايدن".
ويقول راتكه إنه إذا فاز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية فإنه "قد يعيد التوازن إلى النهج الأمريكي في التعامل مع ملف السلام العربي – الإسرائيلي وربما سيكون الأمر على نهج أوباما بشكل أو بآخر، كما سيعمل على إشراك الفلسطينيين في الحوار وأخذهم على محمل الجدية بشكل أكبر، وقد يسعى إلى إشراك أطراف وشركاء دوليين آخرين، بما في ذلك الأوروبيين، بعكس سياسة ادارة ترامب شديدة الأحادية"، مشيراً إلى أن عهد التوافق بين إدارة ترامب وإدارة نتنياهو الذي رأيناه في العامين الماضيين لن يستمر حال فوز بايدن بالرئاسة.
عماد حسن