هولندا نجحت في تقنين استهلاك المخدرات من خلال تنظيم بيعها
١٠ فبراير ٢٠٠٧من بين جميع دول الإتحاد الأوروبي تنفرد هولندا بنهج سياسة ليبرالية حيال المخدرات الخفيفة مثل الحشيش والماريجوانا، حيث يتم غض النظر عن بيع كميات صغيرة من المخدرات الخفيفة وفقا لشروط منها عدم بيعها لغير البالغين وعدم وجود شكاوى من قبل الجيران في أماكن تداولها، مع استمرار حظر البيع بكميات كبيرة. تنبع هذه السياسة البراجماتية من فشل سياسة الحظر التي تتبناها معظم الدول في القضاء على مشكلة الإدمان، لذلك عمدت هولندا إلى تقليل الأضرار الممكنة دون التركيز على القضاء نهائيا على الإدمان.
بدأت هولندا سياستها الليبرالية عام 1976 وسط اندهاش وتشاؤم من قبل المراقبين الخارجيين، واليوم تثبت هذه السياسة الشجاعة نجاحها. فمن خلال المقاهي Coffe-Shops التي يُقدم فيها الحشيش والماريجوانا نجحت الإدارة الهولندية في وقاية الشباب من التعامل مع البؤر الإجرامية ومخالطة المجرمين للحصول على المخدرات، وبالتالي حفظتهم من الانحدار إلى إدمان المخدرات الخطيرة مثل الهيروين والكوكايين.
برامج إعادة تأهيل مجانية
تهدف هذه السياسة الليبرالية إلى إبعاد الشباب عن المخدرات الأكثر خطراً كما يقول خبير المخدرات جييس فون بروكسل، ويضيف أن الشبان يبدؤون بتجربة تدخين الحشيش، وعندما يبلغون سن الثامنة عشرة يتحررون من وصاية أولياء أمرهم ويمارسون حياتهم بعيداً عن هذه الوصاية. في هذه السن يسهل عليهم الوقوع في أسر المخدرات الأكثر خطرا كالهيروين والكوكايين.
وقد أدى الفصل بين المخدرات الخفيفة والخطيرة إلى استقرار عدد المدمنين الذي بقي بحدود 25 ألفاً في هولندا. كما أن عدد الذين يموتون من ضحايا الإدمان متدنٍ بالمقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، إذ يصل عددهم إلى حوالي 42 سنوياً. ويصنف المدمنون في هولندا كمرضى وليس كجناة. وعليه فإن استهلاك المخدرات الخطيرة يعد مشكلة صحية تتم معالجتها عن طريق تقديم جرعات مخدرات مجانية. ويرافق ذلك تنفيذ برامج إعادة تأهيل خاصة بالمرضى وممولة من قبل الدولة، إذ يتم من خلالها مساعدتهم للاستغناء عن هذه الجرعات بشكل تدريجي.
سياحة ذات طابع خاص
وعلى غير المتوقع لم تؤدي السياسية الليبرالية تجاه المخدرات إلى جعل الهولنديين شعباً مدمناً. على العكس تزيد نسبة المدمنين في فرنسا وبريطانيا على نظيرتها في هولندا. ويبدو أن سياسية كل ممنوع مرغوب تنطبق على الحالات المذكورة. ففي هولندا يعد تناول المخدرات أقل جاذبية مقارنة ببلدان عديدة تحظر تناولها.
غير أن سياسة المخدرات الهولندية فشلت على الحدود مع ألمانيا وبلجيكا. فعلى مقاهي المدن الحدودية يتدفق ألمان وفرنسيون وبلجيكيون، ما يُطلق عليهم سياح المخدرات بأعداد كبيرة لتناولها هناك. وعلى ضوء ذلك قرر بعض رؤوساء البلديات أمثال رئيس بلدية فينلو استقبال هؤلاء بالبضاعة التي يبحثون عنها عندما يدخلون الحدود. هناك على الحدود تم افتتاح أول مقهى لشراء المخدرات دون النزول من السيارة رغم احتجاجات قوية من ألمانيا وبلجيكا. وقد أعلنت بلدية مدينة ماسترخت الهولندية عن رغبتها بافتتاح مقهى مماثل، غير أن الحكومة لم تعطي الضوء الأخضر لذلك حتى الآن. ويعود السبب في ذلك إلى حرصها على عدم تهديد علاقاتها مع دول الجوار ومع هيئات الاتحاد الأوروبي.