الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رجل يعرف الكثير من الأعداء. في الواقع، يجد الرئيس التركي نفسه بشكل دائم في معركة ضد مؤامرات من مختلف الأنواع: رجل دين في الولايات المتحدة يعتمد خطة واسعة النطاق لسقوطه، صحفيون عنيدون، ورجال نيابة العامة مع أجندة سرية، قوى أجنبية شريرة.هذه قائمة بأولئك الذين يزعم أردوغان بأنهم يضمرون له ولبلده السوء، وهي قائمة طويلة. الآن يجب على الرئيس أن يتحمل هجوماً أخراً، يمس كرامته الشخصية هذه المرة.
الضحك على شخص معتمد عليه من الآخرين
برنامج ساخر يبث على نورد دويتشه روندفونك يدعى (Extra 3)، تجرأ على عرض مقطع فيديو ساخر تناول شخص الحاكم التركي، وذلك على أنغام أغنية مشهورة من الثمانينيات للمغنية الألمانية نينا، حيث تم توليف الأغنية لتلاءم أوضاع حاكم تركيا وتتناول قصة صحفي كتب شيئا ما، وتم حبسه، لأنه لم يلاءم أردوغان، كما تتعرض الأغنية أيضا في هذا المقطع إلى ضرب النساء، مع مرافقة صور للشرطة التركية، وهي تعتدي على متظاهرات في يوم المرأة العالمي. الشيء المؤكد أن الرئيس التركي لم يجد هذا الأمر مضحكا، حيث تم استدعاء السفير الألماني في أنقرة من أجل تقديم الاحتجاج بهذا الصدد.
برلين في موقف صعب، لأن الحقيقة أن أوروبا وبخاصة الحكومة الألمانية، تعتمد بشكل كبير على تركيا فيما يخص سياسة اللاجئين، أو أنها جعلت من نفسها معتمدة على تركيا، أنه أمر لا يمكن إنكاره، في الوقت التي حاولت فيه تركيا إخراج الأمور عن مسارها الصحيح، منحت آلية قوة جديدة، بحيث تم استئناف مفاوضات الانضمام مع الاتحاد الأوروبي، بالرغم من أن تركيا ترمي بعرض الحائط القيم الديمقراطية. وتكمل الأغنية الساخرة كلماتها، "كوني لطيفة، أنت أصبحت في متناول يده"، ويظهر الفيديو المستشارة الألمانية أنغلا ميركل وهي تصافح الرئيس المستبد بأمره أردوغان.
أردوغان وغياب الحنكة
وزارة الخارجية الألمانية أكدت من جهتها اجتماع أردوغان بالسفير الألماني بخصوص البرنامج الساخر. حيث تم التوضيح، بأن حرية الصحافة وحرية الرأي محمية بحسب القانون. أردوغان يلحق الضرر بنفسه فقط من هذه الإجراءات التي يتبعها، الرجل الذي يحول دعابة إلى قضية دولية، فأنه يظهر مدى ضعف حنكته السياسية، ويعطي أهمية لهذا الفيديو ويجعل الآخرين مهتمين به، وهو ما كان ليحصل عليه لولا تدخله. أردوغان حاول علاج السخرية من خلال جعل نفسه أضحوكة، وغروره هذا لا يمكن من أحد أن يسبغ عليه الحماية ولا حتى من الدبلوماسية الألمانية التي لجأ إليها.
أردوغان جعل من نفسه أضحوكة، باستدعائه السفير الألماني في تركيا، من أجل الاحتجاج على مقطع فيديو ساخر، تناول شخصه، كما يقول ماتياس بولينغر.