لقد توصلوا إلى اتفاق. فبعد 17 ساعة من المفاوضات توافق ممثلوا دول مجموعة اليورو على برنامج دعم لليونان. ولم تحدث المواجهة الحاسمة التي كانت متوقعة بين المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء اليوناني.
في الكلمة التي ألقتها بعد ليلة طويلة من المفاوضات، بدت أنغيلا ميركل على أفضل ما يرام: بدت مرتاحة بسبب التوافق بالإجماع والتراضي الذي توصلت إليه الأطراف المعنية. "حين تكون الإيجابيات أكثر من السلبيات" فأكدت على التضامن وتحمل المسؤولية وأضافت: "أهم شيء هو الثقة". لقد لعبت المستشارة دوراً حاسماً في التوصل إلى تسوية.
وهنا يجب الإشارة إلى أن دور ألمانيا لا ينبع من قوة اقتصادها ولا من عدد سكانها الكبير. أنغيلا ميركل تتربع الآن للسنة العاشرة على رأس الحكومة الألمانية، وقد عايشت أزمة البنوك في عام 2008. واثنان فقط من ممثلي مجموعة دول اليورو التسعة عشر يحكمون بلادهم منذ ما قبل عام 2010، أما الزعماء الباقون فتعرف غالبيتهم المجموعة منذ عام 2013 أو 2014 وبعضهم منذ شهور فقط. وهذا يعني أن مسؤوليات محددة تقع على عاتق ميركل.
وقد ظهر موقف برلين ومسارها واضحاً في المصطلحات المستخدمة. صحيح أن وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله استخدم كلمات إنجليزية بلكنة جنوب ألمانيا، إلا أن موقف برلين كان التشديد على المناقشة والتوافق. وأحد تفاصيل اتفاقيات صباح اليوم الاثنين له صبغة ألمانية، لأن حزمة المساعدات، التي سيتم الاتفاق عليها خلال الأيام القليلة القادمة، مقررة للسنوات الثلاث القادمة. وحتى ذلك الحين فقد يتغير الكثير، بما في ذلك في ألمانيا. إذ ستشهد ألمانيا عام 2016 انتخابات هامة في بعض ولاياتها وانتخابات برلمانية اتحادية على الأغلب في خريف عام 2017.
وإذا ما انتهت الدراما اليونانية وأعطت حزمة المساعدات أُكلها لمساعدة المواطنين والبلاد، وإذا لم تتعثر دولة أخرى، فإن الحملة الانتخابية الألمانية ستخلو من المزايدات اللاعقلانية.
قد يأسف المرء لذلك، لأن القضايا الأوروبية تشغل الألمان أيضا. وكل جدل ساخن في ألمانيا يثير اهتماماً في أوروبا. وحين تتناحر أحزاب الائتلاف الحاكم في ألمانيا حول موضوع أوروبا، فإن دول شرق وجنوب وغرب أوروبا وبريطانيا ستقوم بمراقب ذلك وتعلق عليه.
الائتلاف الحكومي الكبير ليس بالضرورة ائتلافاً جيدا بالنسبة لدولة مثل ألمانيا. ففي الحياة السياسية هناك تيار عريض، لكنه يفتقر إلى الإبداع. ورغم ذلك، فإن الفضل في التغلب على الأزمة المالية يعود إلى التوجه المشترك لهذا الائتلاف الكبير.
لذا، لا بأس إذا كانت هناك توقعات. ويجب إثارة جدل ونقاش داخل البرلمان الألماني على حزمة المساعدات لليونان، لكن على هذا البرلمان دعم الحزمة، بصفته برلماناً واعياً لدوره في قلب أوروبا. وعلى الألمان أيضا أن يلعبوا دورهم في المجالات الأخرى بشكل أكثر جدية وبثقة أكبر بالنفس اتجاه الولايات المتحدة، وليس فقط فيما يتعلق بقمة المناخ في باريس، بل أيضا فيما يتعلق باستيعاب اللاجئين ومعاملتهم معاملة إنسانية. وهذا على سبيل المثال لا الحصر.