وجهة نظر: فلتبتعد عن المسرح السياسي يا دونالد ترامب!
١١ يناير ٢٠٢١لا، لم تكن أحداث السادس من يناير/ كانون الثاني هفوة، ولم تكن مصادفة أيضا. وإنما كانت النتيجة الحتمية لفترة رئاسة استمرت لأربع سنوات، اعتمدت على الغضب بدلا من الحقيقة، واستطاعت أن تحول الموقف السياسي لمؤيديها إلى كراهية "للآخر".
دونالد ترامب يتحمل المسؤولية
كنت هناك وشاهدت بعيني وسمعت بأذني كيف حوّل خطاب دونالد ترامب في ذلك اليوم البارد من شهر يناير/ كانون الثاني المتظاهرين السلميين في الغالب إلى حشد غاضب. وليس هناك شك على الإطلاق في أن الرئيس هو من طالب الناس باقتحام مبنى الكابيتول. وإلا فكيف يمكن فهم جمل مثل: "لن نسترد بلدنا بالضعف، علينا أن نظهر القوة وأن نكون أقوياء". هكذا هتف ترامب في الحشود، وجاء هتافه هذا مقترنا بمطالبته للحشد السير باتجاه مبنى الكابيتول.
لقد تحدثت إلى أشخاص جاؤوا من جميع أنحاء البلاد إلى العاصمة للاحتجاج على نتيجة الانتخابات "المسروقة" زعما. كان غالبيتهم من الأمريكيين العاديين والأمريكيات العاديات المقتنعين حقا بأن الفائز الحقيقي في الانتخابات الرئاسية هو دونالد ترامب، متأثرين بأكاذيبه وأسرى فقاعات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم. ِأشعل غضبهم كبار السياسيين الجمهوريين غير المسؤولين على الإطلاق، الذين شاركوا مع ترامب في تشييد هذا البناء الخطير من الأكاذيب، والذين ضحوا بقسمهم على احترام الدستور من أجل مطامعهم الشخصية في السلطة.
الجمهوريون بحاجة للعودة إلى رشدهم
وتحديدا لأنهم ليسوا مجرد حفنة من المعتوهين، فإنه يجب على الديمقراطيين بذل كل ما في وسعهم لمنع الرئيس الحالي من الترشح مرة أخرى. إن يدي دونالد ترامب ملطخة بالدماء. فقد سقط أناس قتلى في اقتحام مبنى الكابيتول. هذا وحده سبب كاف للمطالبة بإجراءات عزل ثانية. ولكن الأكثر أهمية من ذلك بكثير هو تنظيم الأغلبية المناسبة في الكونغرس من أجل إصدار مرسوم يضمن عدم السماح لدونالد ترامب بالترشح لمنصب عام مرة أخرى. وهذا يتطلب أغلبية الثلثين، والتي لن تتحقق إلا عندما يعود أخيرا ما يقرب من 20 جمهوريا إلى رشدهم.
إنها قرارات صعبة سيتعين على الديمقراطيين اتخاذها خلال الأيام المقبلة. فإذا قاموا بإجراء على الفور، فإنهم بذلك يخاطرون بأن الأسابيع القليلة الأولى من رئاسة جو بايدن ستطغى عليها المناقشات حول مستقبل دونالد ترامب. لذلك ينادي البعض بأنه يجب الانتظار حتى تكون الحكومة الجديدة قد أثبتت نفسها واستطاعت أن تتخذ خطوات أساسية للنجاة من ومكافحة كارثة كوفيد-19، إذ يموت ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف شخص يوميا في الولايات المتحدة بسبب فيروس كورونا، وحتى مع أن هذا الأمر لم يحدث من قبل، إلا أنه سيظل من الممكن بدء الإجراءات ضد دونالد ترامب بعد أسابيع من تسليم السلطة.
وربما ستؤكد هذه الخطوات للعديد من أنصار ترامب الشعور بأن النظام السياسي في الولايات المتحدة "مخترق"، لكنه (أي شعور مناصري ترامب هذا) مسألة متوقعة ويجب القبول بها.
لقد أظهر الحزب الجمهوري مرارا وتكرارا أنه ليس بإمكانه التصدي للعبة السلطة التي يمارسها دونالد ترامب. وإذا أتيحت لترامب فرصة الترشح مرة أخرى في غضون أربع سنوات، فإنه سيظل يحتجز الجمهوريين كرهائن ويسوقهم أمامه. وليس هذا فقط، ففي عام 2020 ، صوت 73 مليون شخص لصالح دونالد ترامب. ومن المحتمل بالطبع أن يضاف إلى هذا العدد بضعة ملايين أخرى في عام 2024 إذا استمر ترامب في سعيه لإعادة تفسير الواقع في مسرحيته الخاصة على أمل العودة إلى البيت الأبيض.
يجب أن يكون واضحا لجميع المسؤولين سياسيا أن نشر الأكاذيب وإثارة الكراهية له عواقب – وأنه يتسبب في إنهاء المسيرة السياسية (للشخص) على الفور. والهجوم على مبنى الكابيتول كان مجرد عينة أولية لما يمكن حدوثه فيما بعد.
إينس بول/ ص.ش