إلى حد كبير تقف أنغيلا ميركل وحيدة فيما يتعلق بسياسة اللاجئين في أوروبا. ومن يعتقد مثلها أنه ينبغي ألا يكون هناك حد لاستقبال طالبي اللجوء واللاجئين، فقد يواجه صعوبة بالنظر الى مكانتها كرئيسة حكومة، خاصة عندما تعبر عن اعتقادها أنه على الدول الأوروبية الأخرى أن تنظر للموضوع بنفس النظرة. ولهذا السبب أيضا فشلت حتى الآن خطتها لتوزيع "عادل" للاجئين داخل الاتحاد الأوروبي بشكل ذريع. شركاؤها الأوروبيون يرون الأمر على هذا النحو: لماذا يجب علينا تحمل العواقب، إذا كانت ميركل ترسل إلى العالم إشارات مشجعة؟
يجب على ميركل ألا تهتم كثيرا ولهذه الدرجة بردود فعل اليمينيين الشعبويين من أمثال مارين لوبان أو فيكتور أوربان؛ فوجهة نظر رئيس المجلس الأوروبي، البولندي دونالد تاسك، لها وزن أقوى من ذلك بكثير. ففي إشارة إلى ميركل صرح (السياسي) الحذر والمتمعن، أن موجة اللاجئين "بلغت مستوى كبيرا جدا أعلى من إمكانية توقفها." وتابع توسك: إن محاولة إجبار كل دول الاتحاد الأوروبي على قبول حصص من اللاجئين، هي (مسألة) قريبة من "الإكراه السياسي".
دونالد توسك، صوت المعارضين لميركل
تملك الغضب بعض السياسيين الألمان، وقالوا إن رئيس المجلس الأوروبي قد تجاوز سلطاته، ويجب عليه فقط أن يسعى للحصول على إجماع. لكن الطلقة ارتدت على من أطلقها: توسك يعرف أن أغلبية كبيرة جدا من حكومات دول الاتحاد الأوروبي تقف وراءه، وميركل هي التي غردت خارج السرب .
تراكمت قبيل نهاية العام مثل هذه الانتقادات الواضحة لنهج ميركل ، حتى من قبل أشخاص دعموا ميركل في أمور أخرى. فمؤخرا قال مارك روتى، رئيس الوزراء الهولندي، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي المسيحي: "كما نعرف من الإمبراطورية الرومانية، فإن الإمبراطوريات الكبرى تنهار، عندما لا تكون حدودها محمية بشكل جيد." بل إن وزير المالية الألماني نفسه، الموالي لميركل، فولفغانغ شويبله فقد شبه الهجرة غير المنضبطة بـ"بانجراف ثلجي"، يمكن أن يتسبب عند حدوثه كل "متزلج غير حذر".
تعميق الصراعات الداخلية في أوروبا
مبدئيا بقيت ميركل على نهجها. وتسبب ذلك دون رغبة منها، في تعميق الصراعات الداخلية في أوروبا. الأحزاب اليمينية في كل مكان تتقدم للأمام في الانتخابات، كما يزداد التساؤل بشأن منطقة شنغن، الخالية من التفتيش على الحدود. وهناك ما يشير إلى وجود آثار جانبية خطيرة في بريطانيا، التي ستنظم عام 2017، على أبعد تقدير، استفتاء شعبيا حول مواصلة البقاء داخل الاتحاد الأوروبي ( أو عدم ذلك).
هناك الآن ميل نحو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي- كنتيجة مباشرة للهجرة غير المنظمة إلى الاتحاد الأوروبي. ورغم أن بريطانيا بإمكانها الانسحاب من أي نظام بشأن توزيع اللاجئين، كما أنها أيضا ليست شريكة في اتفاق شنغن، إلا أن الحسابات البريطانية تعتبر أنه "إذا كانت ألمانيا في غضون سنوات قليلة ستمنح الجنسية لملايين اللاجئين، فإنه سيصبح لهؤلاء إمكانية الاستقرار في بريطانيا، بناء على حق حرية التنقل داخل الاتحاد الأوروبي."
ليس من حل دون حماية الحدود
لقد أطلق الاتحاد الأوروبي العديد من المبادرات الصحيحة بخصوص سياسات اللجوء مثل: مكافحة أسباب الهروب، ومساعدة البلدان المجاورة لسوريا، والسماح بهجرة محدودة للأيدي العاملة. لكن حتى مع قيام كل تلك المبادرات بدور ما- رغم عدم انتظار نتائج كثيرة منها- فلا مفر من إغلاق حدود أوروبا نهاية الأمر. ويتعين على الاتحاد الأوروبي عدم الاعتماد على تركيا وحدها، من خلال قيامها بمنع اللاجئين من التوجه إلى أوروبا. أوروبا نفسها هي التي يجب عليها أن تتولى هذه المهمة الثقيلة في المقام الأول.
القضية الكبرى عام 2016 تتجلى في مسألة تأمين الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وإذا فشل ذلك فسيكون نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانز محقا في تحذيره أنه "لن تفشل شنغن فقط وإنما أوروبا". ميركل نفسها صرحت قبل سنوات نفس الكلام عند الحديث عن اليورو. وهذه المقولة تنطبق الآن أكثر على موضوع الهجرة.