وجهة نظر: هل ينهار البنك الألماني أم يتعافي؟
٤ يوليو ٢٠١٦أخيرا استعاد البنك الألماني عنفوانه: لكن للأسف على الجانب السلبي. إنه المؤسسة المالية التي قد ينطلق منها حاليا أكبر خطر على النظام المالي العالمي. هذا ما ورد في التقرير الأخير بشأن الاستقرار المالي الصادر عن صندوق النقد الدولي. وليس ذلك عجبا إذا ما تأملنا في قائمة الهموم الحالية للبنك الذي يعاني من متاعب واسعة كالسعر المتهاوي لسهمه وقيمته المسجلة حاليا في البورصة بمبلغ 17 مليار يورو ـ وهذا لا يكفي حتى لاحتلال مرتبة بين المتألقين الـ 100 في مؤشر البنوك لدى وكالة بلومبيرغ المالية.
ما يجعل من البنك الألماني إشكالية للنظام المالي العالمي هو أن البنك يملك في الدفاتر أرصدة بقيمة 1.7 بليون يورو. وهذه القيمة تفوق نصف قيمة مردودية الاقتصاد الألماني. وقد لا يتصور المرء ما قد يجلبه هذا البنك من طوفان جارف في حال انهياره.
لا أحد يعرف ما قد يحدث
المؤسسة المالية الأكبر في ألمانيا يترأسها منذ سنة تحديدا جون كراين الذي خلف أنشو جاين الخلف السابق ليوزيف أكرمان الذي كان يُنتظر منه تحقيق حلم أكرمان المتمثل في الرفع من نسبة العائدات حتى مستوى 25 في المائة. وقد عمل على القيام بذلك، لكن ليس دوما بطرق سليمة.
البنك يعاني حتى يومنا هذا من العديد من التبعات : 7800 دعوى قضائية على مستوى العالم. وقد يمكن التحكم فيها غالبيها بسهولة، لكن هناك دعاوي أخرى مثقلة بمليارات اليورو، وأخرى تحمل في طياتها متاعب قوية قد تتسبب في زعزعة البنك ومستقبله. هناك مثلا اتهامات بغسيل الأموال في روسيا أو التحقيقات الرقابية للبورصة الأمريكية حول إجراءات مشتبهة فيها عند المتاجرة بالسندات المعتمدة على رهون عقارية. كلها أشياء غير جيدة.
رئيس البنك جون كراين يحاول بذل الجهود خطابيا، فهو يظهر تارة في شكل المنقذ وتارة أخرى في مظهر المخطط. وقد غير طاقم القيادة برمته تقريبا، كما يتخلص من التبعات القديمة بكناسة من حديد متحملا خسائر قياسية تتعدى ستة مليارات يورو. لكن النجاح لا يحالفه فعلا. فسعر الأسهم انخفض في هذا العام إلى نصف قيمته، والأجواء بين الموظفين كارثية. مطلع يونيو/حزيران حصل عطل فني في التجهيزات وتم حجز أموال مضاعفة من حسابات الملايين، وتوقفت ماكينات صرف الأموال الآلية عن إصدار الأوراق، كما توقف التعامل بالبطاقات البنكية. وماذا كان رد البنك على ذلك: تحدث ببساطة عن "مشكلة في العرض".
بصيص أمل
قد يتدهور الوضع أكثر. ويمكن لجون كراين أن يؤكد مرارا أن مؤسسة البنك ليست مرشحة للاستيلاء عليها. وبالتأكيد سيمعن مجلس المراقبة النظر في ذلك، خصوصا إذا كان أحد المنافسين من الولايات المتحدة الأمريكية أو من الصين قادرا على اقتناء المؤسسة المالية الألمانية، إلا أنه لا أحد يود تحمل مسؤولية هذه المؤسسة في وضعها الراهن.
ورغم ذلك فإن هناك بصيص أمل: فباستكمال الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي ستحتاج أوروبا إلى مركز مالي جديد، وقد يكون في فرانكفورت. المؤسسة البنكية الألمانية القوية في لندن وفي فرانكفورت قد تستفيد من ذلك، ولكن إلى حين تحقيق ذلك، هناك الحاجة الى وجود ثلاثة أشياء: المال والصبر وحسن الحظ.