وجه آخر لكرة القدم ـ التقريب بين الأديان والثقافات!
٢٧ مايو ٢٠١٧للمرة الخامسة على التوالي، نظمت رابطة مسلمي مدينة دوسلدورف (غرب ألمانيا) هذا الأسبوع حفلاً رياضياً وعائلياً حضره الكثيرمن الجمعيات الممثلة للمسلمين في المدينة، بالإضافة إلى زوار من ديانات وثقافات مختلفة. وتجري في هذا الحفل، الذي يرعاه عمدة دوسلدورف توماس غايزل واللاعب الدولي الألماني مسعود أوزيل، بطولة في كرة القدم يتوج الفائز فيها بكأس رابطة مسلمي دوسلدورف.
يقول جواد البوجداني، العضو في إدارة رابطة مسلمي دوسلدورف، التي تضم في صفوفها 33 جمعية: "الهدف من هذا الدوري ليس مجرد إجراء مباريات في كرة القدم، بل جمع مسلمي دوسلدورف بغيرهم في فضاء واحد من أجل التعارف وتبادل الخبرات وذلك في ظل أجواء رياضية ومرحة".
جمعية الزيتونة التونسية للتواصل دأبت كل عام على المشاركة في هذا الاحتفال، وحضرت هذا العام بفريقين، واحد للكبار وآخر خاص بالناشئين. تولي هذه الجمعية أهمية كبيرة للرياضة كوسيلة للاندماج وحماية الشباب من الانحراف والتطرف، كما يوضح رئيس الجمعية وليد الباجي في حوار مع DW عربية: "لدينا في الجمعية فريق عمل خاص بالرياضة، حيث ننظم نشاطاً رياضياً كل أسبوع، لأننا ندرك أن من خلال الرياضة يمكننا الوصول للكثير من أبناء الجالية التونسية في دوسلدورف وبالتالي حمايتهم من الانجراف نحو الطريق الخاطئ".
فريق من اللاجئين
تميز دوري رابطة مسلمي دوسلدورف هذا العام بمشاركة فريق للاجئين مكون من لاعبين عراقيين وسوريين. ويرجع الفضل في تشكيل هذا الفريق لجمعية الزيتونة للتواصل، التي جمعت هؤلاء اللاعبين وبحثت لهم عن راع زودهم بالملابس الرياضية. وعن هذه التجربة يقول عميد فريق اللاجئين، أحمد جباس، في حوار مع DW عربية: "تجربة جيدة أن نشارك اليوم كفريق مكون من اللاجئين في مثل هذه المسابقات. فمثل هذه التظاهرات فرصة لنا للتعرف على أصدقاء جدد هنا في دوسلدورف وتجاوز مرحلة الفراغ التي يعيشها الكثيرون منا في فترته الأولى بألمانيا".
على هامش المباريات التي تقام في إطار كأس رابطة مسلمي دوسلدورف، تنظم عروض فنية وثقافية في هذا الحفل الرياضي الذي تحضره عائلات كثيرة. كما تقدم فيه وجبات من مختلف المطابخ العربية والتركية والبوسنية.
فريق أئمة يواجه فريق من القساوسة
وللتأكيد على الطابع الاجتماعي والثقافي لهذه التظاهرة، تقام في نهاية هذا الدوري مباراة خيرية فريدة من نوعها تجمع بين فريق لأئمة مسلمين بفريق آخر من القساوسة المسيحيين وبقيادة حكم يهودي. وترمي هذه الخطوة إلى تشجيع التقارب والحوار بين مختلف الديانات.
الحاج أحمد، إمام مسجد عمر الواقع بمدينة دوسلدوف، كان حاضراً في تلك المباراة وأثنى كثيراً على مثل هذه المبادرات التي يلتقي فيها أناس من ديانات وثقافات مختلفة. وقال في حوار مع DW عربية: "الإسلام هو دين التعارف، والله تعالى حث المسلمين على التعارف. ومن واجبنا إظهار رسالة الرحمة. ونحن أحببنا أم كرهنا سفراء لديننا قبل أن نكون سفراء لأوطاننا".
مباراة الأئمة والقساوسة جرت في أجواء رياضية وسادت فيها التنافسية بعيداً عن الخشونة، ما سهل وظيفة الحاخام اليهودي ميشائيل روبرتشتاين الذي أدار المباراة: "إذا اجتمع أناس من جنسيات وديانات وثقافات مختلفة مرة واحدة في الشهر للعب كرة القدم معاً، فإن العالم سيصبح أكثر سلاماً"، يقول هارتموت مولين، القسيس الإنجيلي السابق الذي شارك مع فريق القساوسة في هذه المباراة.
ويشبه مولين ما يحدث في كرة القدم بما يجري أيضاً في الحياة مع الناس ويوضح ذلك في حديثه لـDW عربية: "في كرة القدم نتعرض في بعض الأحيان للسقوط لكننا ننهض ونواصل اللعب معاً، وهذا شبيه بالحياة في المجتمع. فالأمور ليست دائماً جيدة لكن بفضل التعايش يمكننا أن نتطور جميعاً".
فريق الأئمة تمكن في النهاية من الفوز على فريق القساوسة. لكن في الحقيقة أن الجميع خرج فائزاً في تلك المباراة، التي شكلت فرصة لأشخاص من ديانات مختلفة للقاء والتعارف بعيداً عن الأحكام المسبقة.
هشام الدريوش - دوسلدورف