DW تتحقق: مفاهيم خاطئة حول تخطيط "مدن الـ 15 دقيقة"
١٥ أبريل ٢٠٢٣تروق للكثيرين فكرة مدن الخمس عشرة دقيقة التي تهدف إلى تقليل مدة توافر الحركة اليومية إلى ربع ساعة سواء سيرا على الأقدام أو ركوب الدراجة أو استقلال وسائل النقل العامة بهدف تقليل الانبعاثات وحماية البيئة ومساعدة الناس على تلبية الاحتياجات الأساسية بشكل أفضل.
لكن هل يمكن أن تجد فكرة "مدن الخمس عشرة دقيقة" طريقها للتطبيق على أرض الواقع؟
يقول كارلوس مورينو، أستاذ التخطيط الحضري في جامعة السوربون في باريس والذي يُنسب إليه الفضل في صياغة مصطلح "مدن الخمس عشر دقيقة"، إننا في حاجة إلى إنشاء "مدن يمكن المشي والتجول داخلها ويمكن الحصول على المزيد من الخدمات الطبية والأنشطة التعليمية ويمكن تلبية احتياجات الحياتية اليومية بما يعني جعل المدن أكثر ملائمة للعيش بها".
حملات تضليل
طبقت عدد من المدن مثل باريس وبرشلونة وشنغهاي مفهوم مدن الخمس عشرة دقيقة بشكل ما، لكن هذا المفهوم تعرض للكثير من حملات التضليل المعلوماتي على مستوى العالم.
إدعاء..فكرة مدن الخمس عشرة دقيقة تمهد الطريق أمام تقييد السكان؟
زعمت قناة "إل تورو تي.في" الإسبانية اليمينية "يجرى حبس السكان في الأحياء بهدف تقليل انتقالاتهم من أجل الحد من الانبعاثات" (يمكن مشاهدة الفيديو)
DW تتحقق: ادعاء مضلل
في مقابلة مع DW، قال الكاتب كريس برونتليت وأحد أنصار التنقل الحضري أن مفهوم مدن الخمس عشرة دقيقة لا يتعلق بطرق تصميم الأحياء داخل المدن وإنما يتعلق بتوفير الاحتياجات الأساسية في غضون 15 دقيقة.
وقام برونتليت بتأليف كتاب عن ثقافة ركوب الدراجات في هولندا حمل اسم "بناء مدينة الدراجات".
أوترخت ..مدينة الخمس عشرة دقيقة
تمكنت مدينة أوتريخت الهولندية بالفعل من تطبيق مفهوم مدينة الخمس عشرة دقيقة إذ أظهرت الأبحاث التي تستند إلى بيانات بين عامي 2019 و 2021 أن ما يقرب من 100٪ من سكانها يمكنهم الحصول على تسعة من احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية والتعليم والرياضة في غضون 15 دقيقة عن طريق ركوب الدراجات الهوائية.
وفي ذلك، قال مورينو في حوار مع DW إن مفهوم مدن الـخمس عشرة دقيقة يتسم بالإنسانية من أجل "محاربة التفرقة الحالية للقضاء على تردي الخدمات في المناطق المهمشة".
وأضاف "نرغب في تعزيز مفهوم المدن متعددة المراكز والمدن المقاومة لظاهرة تغير المناخ مع خلق مساحات كبيرة خاصة بالبشر وليس للسيارات."
إدعاء: مدن الـ 15 دقيقة.. إغلاق مناخي
في مقطع نشر على تطبيق "تيك توك"، زعم مقطع مصور على "تيك توك" أن "سكان أوكسفوردشاير سوف يحتاجون إلى تصاريح لمغادرتها اعتبارا من العام المقبل" فيما قالت الكاتبة اليمينية البريطانية كاتي هوبكنز، إن قيود الانتقال بالسيارات تمهد الطريق أمام تدشين إغلاقات مناخية.
DW تتحقق: ادعاء مضلل
يتعين التفريق بين مفهومين الأول يتمثل في خطة تقليل حركة السيارات في مدينة أكسفورد حيث من المقرر البدء في المرحلة التجريبية العام المقبل وبين خطة مدينة أكسفورد لأن تنضم إلى مدن الخمس عشرة دقيقة كجزء من إستراتيجية " خطة أكسفورد لعام 2040."
فيما يتعلق بالخطة الأولى فقد جرى تمريرها في نوفمبر / تشرين الثاني العام المقبل من قبل مجلس بلدية أوكسفوردشاير من أجل إنشاء مسارات مرورية على ستة طرق في مدينة أكسفورد.
تهدف الخطة إلى تقليل حركة المرور من خلال فرض قيود على استخدام السيارات الخاصة في هذه المناطق خلال ساعات الذروة مع استثناء السير على الأقدام وركوب الدراجات واستخدام وسائل النقل العامة وسيارات الأجرة.
لكن يمكن لسكان المدينة التقدم للحصول على تصريح للقيادة عبر هذه المسارات لمائة يوم سنويا فيما أكدت سلطات اكسفورد أن السكان سيكون بمقدورهم الوصول إلى كل جزء من المدينة بالسيارة في أي وقت لكن عن طريق استخدام طرق بديلة.
وستتم مراقبة تنفيذ الفكرة بواسطة الكاميرات، لكنها غير مرتبطة بخطة أكسفورد لأن تصبح ضمن مدن الخمس عشرة دقيقة.
إدعاء: مدن الـ 15 دقيقة.. مناطق معزولة
زعم أحد مستخدمي منصة "تيك توك" أن خطط إنشاء مدن الخمس عشرة دقيقة في الصين ترمي إلى "فصل الأحياء بسياج مع وجود بوابات تحت حراسة. وفي حالة الرغبة في الدخول إلى منطقة أو الخروج منها، فهناك حاجة إلى إذن بما يشمل تحليل صورة الوجه".
DW تتحقق: ادعاء لا يستند على دليل
يشير المقطع إلى أنه مفهوم مدن الخمس عشرة دقيقة يُجرى تنفيذه بالفعل في الصين بطريقة صارمة فيما يُظهر أن الأحياء يتم فصلها بسياج ولا يمكن لسكانها مغادرتها إلا من خلال تقنية التعرف على الوجه، لكن ما صحة هذا الزعم؟
تبين أن هذا الزعم يخلط بين ثلاثة أمور هي قيود كورونا وتدابير المراقبة التي تقوم بها الحكومة الصينية وأيضا مفهوم مدن الخمس عشر دقيقة.
بدوره، قال لي شيتاو، الصحافي من القسم الصيني في مؤسسة دويتشه فيله، إن أنظمة التعرف على الوجه والمجتمعات المغلقة وتدابير المراقبة الجماعية تعد ممارسات شائعة في الصين، لكن الأمر ليس بالضرورة مرتبط بمفهوم مدن الخمس عشرة دقيقة.
وأضاف "هناك الكثير من التدابير الحكومية تتعرض للانتقادات، لكن مفهوم مدن الخمس عشرة دقيقة لم يثير أي انتقادات حتى الآن."
وفي إطار التحقق من هذا المقطع، يتضح أنه عبارة عن محاولة لجمع مشاهد مختلفة إذ يُظهر المشهد الأول سياجا من الأسلاك الشائكة يقسم الشارع فيما يبدو الأمر يعود إلى تدابير الحماية من كورونا في مدينة شنجن الصينية.
يُظهر الفيديو لافتة في مبنى كُتب عليها عبارة "شقة شا هي"، لكن دون تحديد المبنى فضلا عن يوجد منطقة في شنجن تحمل اسم "شا هي" ومبنى يحمل الاسم نفسه، لذا فإن المشهد من المرجح أنه تعود للمدينة فضلا عن السيدة التي تظهر في المقطع تتحدث بلهجة صينية خاصة بمدن جنوب البلاد مثل مدينة شنجن.
كذلك قام مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي بإعادة نشر الفيديو في سياق التدابير التي فرضتها السلطات الصينية في مدينة شنجن إبان خلال فترات ذروة تفشي فيروس كورونا.
توافر الخدمات المحلية
وفي إطار تعزيز تطبيق مفهوم المدن خمس عشرة دقيقة، تخطط سلطات مدينة شنجن إلى تعزيز ما يسمى بـ "دوائر الخدمات المحلية في غضون 15 دقيقة" لكن الأمر لم يحمل في طياته أي إشارة إلى إنشاء أسوار أو بوابات.
وبشكل عام، فإن قضية إقامة أسوار حول الأحياء تتعارض مع مفهوم مدن الخمس عشرة دقيقة فيما أكد ليو دايزونغ، مدير برنامج المدن الصينية المستدامة في معهد الموارد العالمية، إن تقسيم المناطق يضر بالمشهد الحضري ويعقد برامج تخطيط المدن.
بدورها، أكدت إيفا هاينن، الأستاذة في جامعة دورتموند الألمانية، وكارلوس مورينو على أن مفهوم مدن الخمس عشرة دقيقة يتعارض مع إنشاء أسوار حول الأحياء أو استخدام تقنيات التعرف على الوجه.
وقالا إن مدن مثل أوترخت وباريس وبرشلونة التي قامت بتطبيق مفهوم مدن الخمس عشرة دقيقة، لم تستخدم مثل هذه التدابير.
ومن خلال مشاهدة الجزء الثاني من المقطع المصور الذي نُشر على تطبيق "تيك توك"، يمكن مشاهدة قيام شخص بالسير عبر بوابة عن طريق استخدام تقنية التعرف على الوجه من أجل الدخول إلى منطقة مترامية الأطراف في الهواء الطلق ثم يقترب من بوابة أخرى من أجل مغادرة المجمع مرة أخرى باستخدام تقنية التعرف على الوجه.
ويزعم الشخص الذي قام بنشر المقطع بأن هذا الأمر يأتي في إطار مفهوم مدن الخمس عشرة دقيقة، بيد أن حقيقة الأمر تشير إلى أن المشهد يعود إلى مدخل حرم جامعة "نورث وست للقوميات" في مدينة لانتشو أكبر مدن مقاطعة قانسو في شمال غرب الصين.
وخلاصة القول أن هذا المشهد لا يمت بأي صلة إلى تطبيق مفهوم مدن عشر خمسة دقيقة في أي مدينة صينية.
راشيل بايغ ونادين ميشولك /م .ع
ساهم في إعداد التقرير خافيير بيريز دي لا كروز وإينيس إيزيل وشيتاو لي وتوماس سبارو وكاثرين فيسولوفسكي وسيلغا تومس