آفاق وعوائق أمام مؤتمر جنيف 2 للسلام في سوريا
٤ ديسمبر ٢٠١٣الهدف من محادثات جنيف هو التوصل إلى حل سياسي للحرب الأهلية الدائرة في سوريا، ولذلك حرصت كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة على جمع ممثلين عن الحكومة السورية وعن المعارضة على طاولة المفاوضات. وسيشكل الإعلان الختامي لمؤتمر جنيف 1 الذي انعقد في يونيو/حزيران 2012 أرضية لتنطلق منها هذه المفاوضات. لذلك يتوقع المراقبون أن يسفر مؤتمر جنيف 2 عن ميلاد حكومة انتقالية في سوريا، غير أن احتمال تنحي الرئيس بشار الأسد يبدو أمراً غير وارد.
الأطراف المشاركة في المفاوضات
وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الرئيس الأسد لن يحضر شخصيا فعاليات مؤتمر جنيف 2 ولاشك، فإنه من المحتمل أن تنوب عنه في هذه المفاوضات لجنة تضم كلا من وزير الخارجية وليد المعلم ووزير المصالحة علي حيدر.
وتنقسم المعارضة السورية بخصوص المشاركة في مؤتمر جنيف. فبينما أبدى الائتلاف الوطني السوري المدعوم من الغرب ودول الخليج العربي استعداده للمشاركة في المفاوضات، أعلن الجيش السوري الحر مقاطعته لها. كما عبر قائده الجنرال سليم إدريس عن تحفظاته من الاقتراح الخاص بوقف إطلاق النار، وقال إن قواته لن تتوقف عن القتال سواء خلال المؤتمر أو بعده. ويحظى الجيش الحر أيضاً بدعم الغرب ودول الخليج العربي كما هو الأمر بالنسبة للائتلاف الوطني السوري:
بدورها ستغيب المجموعات الإسلامية المقاتلة في سوريا عن مؤتمر جنيف 2 حيث إنها ترفض التفاوض مع النظام وترى في ذلك اعترافاً ضمنياً بأعمال العنف التي يرتكبها الأسد. كما أعلنت هذه المجموعات بأنها ستعتبر كل من يتوجه إلى سويسرا للمشاركة في مؤتمر جنيف شخصاً خائناً.
الخلافات بهذا الشأن أدى أيضاً إلى خلق عداء داخلي بين أطراف المعارضة السورية وهو ما جعل الائتلاف الوطني السوري ينأى بنفسه عن المجموعات الإسلامية المسلحة.
من جهة أخرى وضع رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد جربا شروطاً للمشاركة في مؤتمر جنيف 2 حيث ربط إمكانية مشاركة إيران في المؤتمر بتقديم وعد منها بعدم التدخل في الصراع السوري، كما طالب طهران بسحب مستشاريها العسكريين من سوريا.
ولم تتأكد بعد مشاركة إيران في المؤتمر. فبينما تعارض الولايات المتحدة هذه المشاركة يؤيد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي موقف إدماج إيران في المفاوضات المرتقبة.
هدف نظام الأسد
البقاء في السلطة هو أكثر ما يسعى إليه الأسد الذي يعتبر نفسه الرئيس الشرعي لسوريا. وقد أعرب الأسد عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها عام 2014. كما أعلن ممثل عن وزارة الخارجية السورية بأن " الوفد السوري الرسمي لن يتوجه لجنيف من أجل التنازل عن السلطة"، وأن مطالبة الغرب والمعارضة السورية بتنحي الأسد "مسألة لا تقبل النقاش". علاوة على ذلك أكد النظام السوري عدم استعداده لتوقيع اتفاق مع من أسماهم "بالإرهابيين" ويقصد بذلك كل المتمردين ومؤيديهم.
القوات السورية تمكنت في الأشهر الأخيرة من استرجاع مناطق كانت خاضعة لسيطرة المتمردين، وهو ما يجعل الأسد يشعر بأنه في موقع قوة. كما إن موافقة الأسد على تدمير الأسلحة الكيميائية السورية حولت صورته في المجتمع الدولي من شخص غير مرغوب فيه إلى طرف أساسي في عملية التفاوض. ومن المتوقع أن يقترح الأسد احتواء أطراف من المعارضة في حكومته.
هدف المعارضة
من جانب آخر تسعى المعارضة السورية بالأساس إلى هدف واحد وهو تنحي الأسد، غير أن هذا المطلب صعب المنال فبسببه تأجل عقد مؤتمر السلام مراراً لأن المعارضة تحفظت على التفاوض مع ممثلي نظام الأسد.
وتهدف المعارضة إلى تشكيل حكومة انتقالية بدون الرئيس الأسد وأعوانه المشاركين في قمع الانتفاضة السورية. وينتظر مراقبون أن تتولى الحكومة تمهيد الطريق لانتخابات حرة وإصلاحات ديمقراطية. إضافة إلى ذلك يتعين عليها إدخال إصلاحات على جهازي المخابرات والجيش، لكي يصبحا "مستقبلاً في خدمة الشعب وليس النظام". حسب صادق الموصلي، العضو في الائتلاف الوطني السوري.
فرص التوصل لاتفاق
ليس من المرجح التوصل إلى حل شامل للأزمة السورية في مؤتمر جنيف 2 وذلك بسبب الاختلاف الكبير في وجهات النظر بين أطراف النزاع. ويذهب خبير الشرق الأوسط في معهد تشاثام هاوس البريطاني للأبحاث، نديم شحادة إلى حد اعتبار المؤتمر مجرد إضاعة للوقت. فالسبيل الوحيد لتجاوز الأزمة السورية في رأيه يكمن في "إيجاد مرحلة انتقالية يتخلى فيها الأسد عن السلطة لتشكيل حكومة جديدة بعيدة عن حزب البعث وأجهزة الاستخبارات". ويرى شحادة بأن النظام فقد مصداقيته وشرعيته. غير أن نظام الأسد يرفض كل فكرة مرتبطة بالتنحي عن السلطة.
من جهته عبر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن تخوفه من عدم نجاح مؤتمر جنيف 2. فهو يرى فيه " فرصة جيدة" لإيجاد مخرج من الأزمة الدامية في سوريا، لكنه يحذر في نفس الوقت من صعوبة تحقيق ذلك. وقال بهذا الخصوص:" نحن ندرك وجود عقبات كثيرة في طريق الحل السياسي".