أجواء العيد من ميدان التحرير: السياسة الحاضر الأبرز
٨ أغسطس ٢٠١٣صلاة العيد في ميدان التحرير! كثير من أهالي الشهداء والمتظاهرين حضروا إلى الميدان وبدوا حريصين على توجيه التهنئة بالعيد إلى الشعب المصري وإلى القوات المسلحة، مع رفع مطالب خاصة لهم تتعلق بمستقبل البلاد وكيفية إدارة اللحظة الراهنة.
خطبة العيد حملت رسالة إلى الشرطة وإلى القوات المسلحة، تتعلق بالتفويض الذي أعطاه الشعب للجيش في "مواجهة الإرهاب"، كما يقولون: "الشعب المصري نزل أكثر من ثلاثين مليون، نزل ليفوضكم، ليفوض القوات المسلحة ويفوض الشرطة بأن يضربوا بيد من حديد ضد الإرهاب وضد الإرهابيين، وفض الاعتصام السلمي دون إسالة قطرة دم واحدة، ولكنهم تقاعسوا الآن وقالوا أنهم بعد العيد سوف ينفذون هذا التفويض".
ثم أضاف خطيب صلاة العيد: "إذا لم تستطيعوا أن تنفذوا هذا التفويض الذي فوضكم به الشعب المصري هو الذي يستطيع بلا قتال وبلا سلاح بأن يزيل كل من أراد الإرهاب في بلادنا".
أمنيات سياسية
الجميع يركز على فكرة السلمية. جاء أحمد، الذي يعمل في شركة أغذية، لكي يصلي العيد في ميدان التحرير لأنه أراد المشاركة في الثورة. يقول لـDW عربية: "أردت أن نثبت أننا مازلنا موجودين في الميدان ولن نتركه حتى تعود الحياة لطبيعتها". عودة الحياة لطبيعتها في رأيه يعني فض الاعتصامات، بما فيها اعتصام رابعة الذي يشارك فيه مؤيدو الرئيس المعزول محمد مرسي، ولكنه يريد أن يمضي ذلك بدون دماء: "أنا لي أصدقائي وأقربائي هناك. وقد يكون الحال مقلوبا وأكون أنا الضحية لو كان محمد مرسي مازال في السلطة". لم يشعر أحمد ببهجة رمضان هذا العام: "كل عام كنت أشعر بروح رمضان، أما هذه المرة لا، بسبب أحداث العنف التي وقعت".
أما حاتم، وهو مدرس ابتدائي، فيبدو أكثر بهجة بغياب الإخوان المسلمين عن الحكم: "رمضان هذا العام كان أفضل مما سبقه، لأننا نجحنا فيه في التخلص من ديكتاتور. هذا العيد سيكون له طعم". ولكن برغم ذلك فهو يتمنى أن يتم فض اعتصام رابعة بعد العيد. يقول مبتسما: "نحن عندنا "ذوق". علينا أن نتركهم يقضون العيد في سلام ثم يتم فض الاعتصام".
محمد بركة، وهو أستاذ جامعي في مستشفى القصر العيني، أتى بأولاده معه لحضور صلاة العيد في ميدان التحرير. يقول إنه يشعر الآن بالراحة النفسية لغياب محمد مرسي عن سدة الحكم، ولكن ما تزال المشكلة برأيه وجود الاعتصامات الإخوانية في منطقة رابعة العدوية والنهضة ومناطق أخرى. يؤيد محمد فض اعتصام رابعة بمنتهى الحسم، ولكن بدون العنف المفرط، وإنما بالتدريج وخطوة خطوة.
بالإضافة لذلك كان هناك الكثيرون ممن أتوا من المحافظات الأخرى لقضاء العيد في ميدان التحرير. جاء عواد عبد الجواد، وهو صاحب ورشة أثاث في مدينة طنطا، إلى ميدان التحرير لأول مرة في حياته كي يشارك الثوار فرحتهم. يرفع لافتة في الميدان مكتوب عليها "نداء للقوات المسلحة من أبطال أكتوبر. المحاربون القدامى يرفضون إهانة مصر". يقول عواد لـDW عربية "الجيش المصري هو الجيش المتبقي من بين جميع الجيوش العربية. ولذلك لا نريد أن يمسه أحد بسوء".
بالنسبة لعواد فإن أسوأ شيء عند الإخوان المسلمين هو الكذب: "كانت لنا تجربة مع بيانات الانتصار التي أذاعتها الحكومة في هزيمة 67، ودفعنا ثمن هذا الكذب غاليا فيما بعد"، ولكنه ما يزال يرى بقية من أمل في شباب الإخوان الذين أسسوا تيارات منشقة عن الجماعة وتعارضها مثل حركة "إخوان بلا عنف": "على هذه الحركات أن تأخذ فرصتها لتصلح من نفسها".
تجاريا: تراجع عن العامين الماضيين
تجاريا، بدت منطقة "وسط البلد"، منطقة مزدهرة بالشباب من الجنسين في نهار العيد، فبعد أن كان الجميع يلتزمون بالزيارة العائلية في هذا الوقت، استطاع ميدان التحرير اجتذاب فئات عمرية صغيرة السن خلقت رواجا تجاريا في المكان، ولكن بالحديث مع البائعين يتضح أن هذا العام أقل ازدهارا مما سبقه. يقول محمد، وهو بائع ملابس يقف على الرصيف قرب ميدان طلعت حرب، لـDW عربية: "العام الماضي كان الزبائن يعتبرون ميدان التحرير مزارا سياحيا، لذا كانت تأتي بغزارة. أما الآن فقلّ عدد الزبائن قليلا، بسبب حرارة الجو ربما".
وبرغم أنه من المعتاد أن يكون الناس قد اشتروا الملابس الجديدة قبل حلول العيد، إلا أنه مازال هناك زبائن للـ"تي شيرتات" التي يبيعها: "البضاعة هنا أرخص ثمنا مما في المحلات، والزبون يجد هنا ما لن يجده في المحلات، الكتابة بالحروف العربية على التيشيرتات ورسومات عن الثورة وهكذا. المحلات تبيع القمصان المستوردة. أي أن بضاعتها غير بضاعتنا". يتذكر محمد الوضع قبل الثورة. لم يكن هناك أي زبائن يأتون في هذا الوقت إلى ميدان التحرير، الذي لم تكن الناس تعرفه أصلا: "الآن ستجد في التحرير كل شيء، سلبا أو إيجابا".
واحد من محال الملابس القليلة التي كانت أبوابها مفتوحة في هذا الوقت، كان محل سيمون في ميدان طلعت حرب. تقول منى العاملة في المحل لـDW عربية: "الناس يأتون الآن إلى ميدان التحرير للتنزه فيه، وبالتالي يأتون إلينا. ولكن بشكل عام لم يكن هناك إقبال مثل السنوات الماضية، حتى الأيام التي سبقت العيد كانت مثلها مثل جميع الأيام في الرواج. السوق الحقيقية كانت العيد الذي أتى بعد ثورة (25 يناير). حينها كان ميدان التحرير قد أصبح مزارا سياحيا حقيقيا".