أحد مؤسسي سلسلة "ألدي" الألمانية يحتفل بعيد ميلاده التسعين
١٩ فبراير ٢٠١٠عندما يدخل الشاري أحد مخازن ألدي (ALDI) يجد مباشرة على يساره رفوف عروض البن التي يقل سعر الخمسمائة غرام منها عن ثلاثة يورو، وفوق الرفوف التالية يجد عروض أنواع الشاي ثم المربيات، وبعد مسافة قصيرة تقوم على الجانب الأيمن رفوف زجاجات النبيذ والشمبانيا إلى جانب عدد كبير ومتنوع آخر من شتى العروض. وقد أصبحت هذه المخازن على مر الأيام من أنجح مثيلاتها في البلاد. وكان قد أسسها كارل وأخوه الأصغر تيو.
وهذه الأيام يبلغ الأخ الأكبر كارل التسعين من عمره، لكن لا يعرف أحد تاريخ ميلاده بالضبط، فالأخوان يعيشان بعيدين عن الرأي العام، ولا يكاد يوجد لهما أي صورة. بين الحين والآخر تكتب إحدى مجلات الشؤون الاجتماعية عنهما، فذات مرة كتبت إحداهما عن كارل أنه يحب زرع الورود الحمراء ويهوى رياضة الغولف وأنه مبالغ في التوفير مثل أخيه الأصغر تيو. لكن الشيء الأكيد الوحيد هو أن كارل وتيو ألبريشت أغنى الألمان، فثروة كل منهما تقدر ب 16 مليار يورو. ويتصدران بذلك المرتبة الأولى في قائمة مجلة مدراء الأعمال „Manager Magazin“ وهما على صعيد العالم بين أغنى عشرة أشخاص.
سر النجاح: الجودة والرخص
بدأت قصة خوض الأخوين تيو وكارل في عالم التجارة الناجحة بعد الحرب العالمية الثانية منطقة الرور وبالتحديد في حانوت متواضع للمواد الغذائية في مدينة إسن، وبعد عدة تجارب أسس الأخوان في عام 1962 مخزن ألدي، الذي يبيع المواد الغذائية بأسعار منخفضة. وكانت تلك الخطوة عندئذ الأولى من نوعها في العالم. أما سر النجاح فهو بسيط كما يقول ديتر برانديس، الذي قام طيلة سنوات بإدارة أعمال مخازن ألدي وألف عدة كتب عن إستراتيجية البيع التي اتبعها المؤسسان، يقول "الزبون ينجذب إلى الشراء في مخزن معين عندما تتوفر إمكانية الحصول على مواد ممتازة الجودة وبسعر أقل."
لقد حققت شركة ألدي نجاحات تجارية واسعة النطاق خارج ألمانيا أيضاً، إذ افتتحت في شتى أنحاء العالم 8000 فرع حتى الآن، من أمريكا إلى سويسرا ومن أوروبا الشرقية إلى استراليا. وعندما يتحدث برانديس عن هذا النجاح الكبير يقول " يعتقد البعض أنهم بحاجة إلى جهاز إداري ضخم والى قسم للرقابة ومستشارين تجاريين لكن هذا كله ليس موجوداً لدى ألدي." فالإدارة لدى مخازن ألدي صغيرة الحجم وهندستها متواضعة، وهذا كله يوفر الثروة على الأخوين المؤسسين كارل وتيو . وعلاوة على ذلك لم تنتشر عن ألدي لا فضائح ولا حوادث فساد، والحدث المثير الوحيد الذي شغل الرأي العام كان اختطاف تيو ألبريشت 1971، الذي أفرج عنه بعد17 يوماً لقاء فدية مالية بلغت 7 ملاين مارك.
تجديد في أسلوب البيع
المعروف عن مؤسسة مخازن ألدي أنها لا تدخل تغيرات سريعة إلى أسلوب عملها ونوعية عروضها. لهذا مضت سنوات عديدة قبل إدخال الثلاجات، فقبلاً لم تكن تبيع سوى المواد التي لا تحتاج إلى حفظ داخل درجات حرارة منخفضة. وفيما بعد قامت ألدي بخطوة تالية كانت بمثابة ثورة في أسلوبها، تمثلت قامت ببيع أجهزة الكومبيوتر عادية ومحمولة. في تلك الأيام احتشدت أرتال طويلة من الشُراء أمام مخازن ألدي. ومن بين التجديدات الأخرى التي أدخلها بيع رحلات سياحية وتذاكر سفر بالقطار. وفي هذه الأثناء تستخدم مخازن ألدي الماسح الضوئي لحساب الأسعار، وبات بإمكان الزبائن الدفع بالبطاقة البنكية، وقبل ذلك كان الزبائن يعجبون بالسرعة المذهلة للعاملات على صناديق الدفع، اللواتي كن يحفظن سعر كل سلعة عن ظهر قلب.
ويستمر توسع ألدي في الخارج على الرغم من أن حجم مبيعاته في السوق الألمانية تراجع في السنة الماضية بمقدار أربعة بالمائة. وعلى الرغم من الإشاعات عن اختلاف الأخوين فيما بينهما فإنهما يراقبان التطورات بكل ترقب واهتمام.
الأخ الأكبر كارل كان قد ترك في منتصف التسعينات النشاط التجاري المباشر، لكن تيو الذي يصغره بعامين، ما يزال يمارس نفوذاً حثيثاً على الحركة التجارية لمخازن ألدي. وما يزال الألمان على وفائهم لألدي، فاستناداً إلى استقصاء حديث للآراء أجراه معهد الأبحاث التجارية، عبر ثلاثة أرباع الذين سئلوا عن رأيهم بأن ألدي "أجدر مخازن المواد الغذائية في ألمانيا بالثقة".
الكاتب:هنريك بومه/منى صالح
مراجعة: عبده جميل المخلافي