"أحداث البصرة تدخل العراق مرحلة وخيمة العواقب"
٢٦ مارس ٢٠٠٨الاشتباكات التي حدثت في ميناء البصرة جنوب العراق، تدخل العراق في مرحلة جديدة وخيمة العواقب. من الناحية الرسمية، يسعى الجهاز الأمني العراقي إلى تجريد الميليشيا التابعة للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر من قوته، لكن التطورات تتجاوز هذا النزال. ومن الممكن أن تسبب المزيد من الشقاق في المعسكر الشيعي، وتؤدي إلى إلغاء وقف إطلاق النار الذي أعلنه الصدر وألزم به جيش المهدي. ولن يطول الانتظار، حتى يعود الصراع مع الميليشيات السنية، وربما أيضاً يصل الأمر إلى موجة جديدة من الهجمات الإرهابية في البلاد.
وهنا يعتبر تدخل القوات العسكرية في البصرة قرارا صائبا؛ فعاصمة جنوب العراق، والتي تعتبر الميناء الوحيد الذي يمثل "بوابة العراق على العالم"، أضحت في السنوات الأخيرة ملعباً للكثير من المجموعات السياسية والإجرامية. وأتباع التيار الصدري ليسوا على أي حال من الأحوال الوحيدين هناك الذين يعيثون فساداً. فهم يتنافسون مثلاً مع أنصار المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، أحد أعضاء التحالف الحكومي في بغداد، وكذلك مع عدد من المجموعات التي تتلقى المساعدة من إيران بشكل مكشوف.، حيث استطاعت إيران من توسيع نفوذها في البصرة في السنوات الماضية بشكل كبير.
وهناك بعض أتباع حزب الدعوة، الذي يتزعمه رئيس الوزراء المالكي، المهتمين بتسلم الدور القيادي في البصرة. ولذلك فأغلب الظن أن هذا هو السبب الذي جعل المالكي يقرر شخصيا تولي عملية تنسيق العملية العسكرية في المنطقة. وبالرغم من أن الوقت مازال طويلاً حتى الموعد المقرر للانتخابات المحلية في شهر أكتوبر/تشرين الأول، لكن رئيس الحكومة يسعى إلى السيطرة على الأمور.
أوهام تحسن الأوضاع في العراق
انفجار الصراع في البصرة وامتداده إلى بعض المناطق الأخرى من البلاد، يزيل أيضاً الانطباع الذي دأب المحتلون على الرواج له مؤخراً بأن الأوضاع تتحسن في العراق. وفي بادئ الأمر، يبدو الآن أنه قد تم دحض كون البريطانيين قد كانوا أصحاب الحظ الأوفر في قيادة المنطقة أثناء وجودهم في البصرة. فالتطورات السلبية، التي تحدث الآن في غياب سيادة القانون في البصرة كانت موجودة في وجود البريطانيين، ولم يتمكنوا من منعها. واليوم يبدو أنه قد فات الأوان لذلك، فهم موجودون فقط في مطار البصرة ويمكن إخلاؤهم من هناك بسرعة في حالة الخطر.
ويمكن أيضاً دحض المزاعم الأمريكية المستمرة حتى الآن بأنه كان من الممكن تهدئة الأوضاع عن طريق تعزيز القوات المؤقتة في العام الماضي وكذلك تنشيط الميليشيات السنية التي تتعاون مع الأمريكيين وتقوية القوات الحكومية العراقية، لكن هذه التهدئة ترجع في جزء كبير منها إلى حالة وقف إطلاق النار أحادية الجانب من قبل مقتدى الصدر، وعندما تزداد حدة هذه الاشتباكات وخاصة بدخول عدد آخر من الميليشيات على خط المواجهة الساخنة، فمن الممكن أيضاً أن يطال أثر إلغاء هذه الهدنة القوات الأمريكية.