أدب ضد الاستبداد .. أدباء سوريون يشقون طريقهم في المهجر
٤ نوفمبر ٢٠١٨احتضن مبنى قناة WDR في مدينة كولونيا الألمانية ندوة ثقافية بعنوان "الأدب ضد الاستبداد" استمرت ليومين متتاليين من 16 إلى 17 أكتوبر 2018. ونظم الندوة مهتمون في الأدب العربي من السوريين والألمان وذلك بالتعاون مع راديو كوزمو، حيث تم مناقشة قضايا الحرب والإرهاب، الهروب والطرد في سوريا وتأثير ذلك على حياة السوريين بشكل متواصل وكيفية إقحام هذه القضايا في الأدب. كما تم مناقشة الحلول المطروحة لحل الأزمة في سوريا لا سيما عن طريق الأدب والشعر. وعما إذا كان يوجد هناك أي ضوء داخل النفق.
ضيوف الحوار كانوا من الأدباء اللاجئين والمهاجرين السوريين وهم ياسين الحاج صالح هو كاتب وناقد وباحث ومترجم سوري معارض، وسجين سياسي سابق، ولد في مدينة الرقة عام 1961، واعتقل عام 1980 بتهمة الانتماء إلى تنظيم شيوعي ديمقراطي معارض. وينشر في العديد من الصحف والمجلات العربية، منها الحياة، السفير، الآداب وغيرها. ويعتبر من أهم الكتاب والمنظرين السوريين في قضايا الثقافة والعلمانية والديمقراطية وقضايا الإسلام المعاصر، وله تأثير واسع في الساحة الثقافية السورية والعربية.
والأديب الشاب حامد عبود من مواليد عام 1987 في دير الزور والذي نشر مجموعته الشعرية الأولى المطر من السحابة الأولى عام 2012، كما نشر عام 2017 مجموعته "الموت يخبز كعكة الميلاد". والتي رشحت لجائزة " الأدب العالمي" الشهيرة، "دار الثقافات العالمية" Haus der Kulturen der Welt في برلين.
والشاعر والكاتب السوري عمر قدور ، الذي ظهرت له مجموعتان شعريتان وأربعة روايات، وتم نقل مقتطفات من كتاباته إلى الألمانية، كما يكتب عمر قدور بانتظام في العديد من الصحف والمجلات العربية.
والأديب الفلسطيني السوري غياث المدهون الذي ولد عام 1979 في مخيم اليرموك للاجئين في دمشق ونشر أربعة كتب شعرية باللغة العربية. وهو منذ عام 2008 ، ينتج أفلامًا شعرية وله العديد من الأعمال المشتركة مع أدباء أوروبيين أبرزهم الكاتبة السويدية ماري سيلكة بيرغ وله نصوص مترجمة إلى العديد من اللغات.
الأدب وسيلة حوار أم سلاح
في أوقات الأزمات، تزدهر الأدبيات، في كل مكان، ويحاول البعض أن ينقلوا تجربتهم وحياتهم إلى العالم الخارجي عن طريق الكلمات، وفي سوريا لم يكن الحال مختلفا حيث لجأ الأدباء السوريين إلى البحث عن وسائل أدبية وفنية لجعل ذلك واقعا ملموسا لمن لم يعايشه في الخارج، حيث جاءت هذه الندوة "الأدب ضد الاستبداد" لتقدم لمحة عن هذه التجارب عبر اللغتين العربية والألمانية.
الكاتب عمر قدور نفى أن يكون الأدب سلاحا، فهو يعتبر أن الأدب هي وسيلة من أجل التنوير، من أجل لفت العالم إلى ما يجري على الأرض من أحداث، إلا أنه أكد أيضا على قدرة الأدب على التغيير وقدرة الكلمات على إحداث فرق حتى في الجانب السياسي.
من جهته أكد الأديب غياث المدهون أن "الأدب حتى ولو اعتبره البعض هو مرآة للواقع ولما يعايشه الكاتب على أرض الواقع إلا أنه بالحقيقة انعكاس للواقع على مرآة متكسرة، بحيث يكون هذه الانعكاس متفرقا ومتشتتا ويأتي من اتجاهات مختلفة لذلك يخال لنا أحيانا أن هذه الانعكاسات نابعة من أعماقنا".
قصة الشهيد عمر قدور
وخلال الجلسة الثانية من الندوة قرأ عريف الحفل يورغ هوستيك مقتطفات باللغة الألمانية ترجمتها المترجمة الألمانية لاريسا بندر من قصيدة "الشهيد عمر قدور" للكاتب عمر قدور والتي يروي فيها عن قصة ضحية وجد نفسه شهيدا بالصدفة، وروت القصيدة على لسان الشهيد ملابسات وفاته والأحداث التي حصلت، وهو ما أثار تعاطف الجمهور وإعجابهم. وعن أسباب كتابة هذه القصيدة يروى الكاتب أنه كان يبحث عن اسمه في الانترنت للوصول إلى مواد منشورة باسمه فوجد بالصدفة نعي للشهيد عمر قدور ثم وجد من مدينة أخرى نعيا مشابها لشخص آخر يحمل الاسم ذاته، فاعتبر نفسه النسخة الثالثة المحظوظة من شخصية "عمر قدور".
ألماس الدم وتحور القصيدة
فيما استمع الحاضرون إلى مقتطفات باللغة الألمانية من قصيدة "ألماس الدم" للكاتب المدهون، والتي أراد الكاتب من خلالها التحدث عن سرقة الألماس من أفريقيا وبيعه وتمويل الصراعات الأهلية هناك من خلال ثمنه، إلا أن الأحداث في سوريا وغرق العديد منهم في مياه البحر المتوسط حورت قصيدته لاتجاه آخر.
ولعل تعاطف الجمهور كان واضحا من خلال ختام شعره الذي يخاطب الشاعر به حبيبته عبر رسالة يرسلها إليها، ويقول: "بت أغرق في عينيك مثل ما يغرق السوريون في مياه المتوسط.. ثم يستدرك يا للهول أي زمن أصبحنا به لنقارن الحب بغرق السوريين في المتوسط".
الناشرة الألمانية لاريسا بندر أكدت في ختام هذه الندوة على الأهمية الكبيرة للأدب لواجهة الاستبداد وقالت بندر من الضروري أن نذكر هنا الكاتب زكريا تامر والذي حاول من خلال سخريته مواجهة التعسف، وهو ما يحاول العديد من الأدباء تقليده أيضا، إلا أنها رأت أيضا أن العديد من الأدباء السوريين في المهجر بدأ بشق طريقه الخاص وإيجاد أنماط أدبية مختلفة.
الحضور العربي والألماني كان واضحا خلال هذه الندوة، حيث عبرت إحدى الحاضرات وتدعى بيرت باوم بيرغ لمهاجر نيوز عن فرحتها لحضور هذه الندوة والتي قربت للألمان ثقافة أخرى كانت بعيدة عنهم. وقالت باوم بيرغ إن النص الجميل هو نص عالمي يتذوقه الجميع باختلاف مشاربهم لذلك فأن هذه النصوص بالرغم من نقلها لواقع مختلف وبعيد عنها ألا أنها أحست أنه قريب منها واستطاعت تذوقه.