أسبوع الحسم في مفاوضات تشكيل التحالف الكبير في ألمانيا
تواصلت المفاوضات بين الحزبين الكبيرين، الاشتراكي الديمقراطي والمسيحي الديمقراطي، حول سياسة الحكومة الائتلافية المقبلة، رغم التطورات المفاجئة التي شهدتها الحياة السياسية الألمانية خلال الأسبوع المنصرم. واستطاع الحزبان الكبيران تجاوز تلك التطورات ومواصلة مفاوضاتهما حول النقاط الخلافية العالقة. وكانت عملية إعادة تشكيل قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي التي نجم عنها إعلان رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والتراجع المفاجئ لرئيس الحزب المسيحي الاجتماعي، إدموند شتويبر، عن المشاركة في الحكومة الائتلافية المقبلة قد وضعت المفاوضات على المحك. المفاوضات تدخل أسبوعها الأخير كما هو مخطط لها ومن المزمع، في حالة الانتهاء من المفاوضات، أن تعقد الأحزاب المشاركة في الائتلاف مؤتمراتها الحزبية للموافقة على نتائج المفاوضات. مسؤولون من كلا الطرفين أعربوا عن رضاهم عن سير المفاوضات وتفاؤلهم بتوقيع الاتفاق النهائي خلال هذا الأسبوع. ولا يخلو الأمر من بعض التشاؤم وامتعاض داخل صفوف أعضاء الحزببين.
مفاوضات الحلول الوسط
التفاوض يجري حاليا حول السياسة الضريبية والمالية وسوق العمل وابرز نقاط الخلاف الجدلية في هذا الصدد تتمثل في "الضريبة على الأغنياء" و"ضريبة القيمة المضافة". هذان الموضوعان يمثلان في الوقت الحالي تكتيكا تفاوضيا لكلا الحزبين من أجل الخروج بشي ما يقنع أعضاء الحزب، لا سيما ان الحزب الاشتراكي الديمقراطي كان ينادي دائما بفرض ضريبة إضافية على الأغنياء، في حين نادى الحزب المسيحي الديمقراطي في حملته الانتخابية برفع ضريبة القيمة المضافة. وبتحقيق كلا الأمرين، يكون الحزبان قد التقيا في منتصف الطريق. هذه الحلول الوسطية تثبت أن كلا الحزبين على استعداد من حيث المبدأ للتنازل عن قضايا كانت قبل فترة بسيطة من المبادئ الثابتة.
ضريبة القيمة المضافة
كانت مرشحة الحزب الديمقراطي المسيحي، أنجيلا ميركل، قد خاضت حملتها الانتخابية على أساس برنامج وعدت بموجبه ـ من ضمن ما وعدت ـ برفع ضريبة القيمة المضافة وهو ما أثار عليها آنذاك الرأي العام وأعدائها السياسيين وحتى رفاقها في الحزب. مرة أخرى يعود الحديث عن ضريبة القيمة المضافة في إطار المفاوضات الجارية. ويقترح الحزب المسيحي الديمقراطي رفع هذه الضريبة إلى 20% بدلا من 16%. ومن المعروف أن هذه الضريبة يتحملها المستهلك مباشرة عند اقتناء السلعة وهو ما يعني أن المُصَنِع وتاجر الجملة لن يتأثر بها مباشرة، الأمر الذي يعني وفقا لنقاد هذه السياسة التراجع عن السياسة الاجتماعية وتحميل المستهلك أعباء سد العجز في ميزانية الدولة على حساب ذوي الدخل المحدود. ومعروف عن الحزب المسيحي الديمقراطي انه يتبنى تقليديا سياسة اقتصادية ليبرالية ويحظى بالتالي بدعم وتأييد أصحاب المال والأعمال.
الضريبة على الأغنياء
على العكس من ذلك يبنى الحزب الاشتراكي الديمقراطي تقليديا عقيدة اقتصادية ذات بعد اجتماعي ترجح من خلالها مصالح العمال والنقابات وذوي الدخل المحدود على مصالح أرباب العمل. وفي إطار المفاوضات التي تتم حاليا بين ما كان في السابق يعتقد أنهما طرفي نقيض، يطرح الحزب الاشتراكي الديمقراطي ما يعرف بالضريبة على الأغنياء كشرط أساسي مقابل الموافقة على ضريبة القيمة المضافة التي كان يرفضها. وكان الحزب الاشتراكي قد ضمًن برنامجه الانتخابي هذا النوع من الضريبة على الأغنياء وان كانت الحكومة الاشتراكية المنتهية دورتها قد رفضت فرض الضريبة على الأغنياء.
عبده جميل المخلافي