أسبوع الموضة العربي - ثقافة سعودية جديدة؟
٢٣ فبراير ٢٠١٨"خطوة تاريخية جديدة ترسمها السعودية"، "سبق تعيس بئيس والمملكة العربية السعودية أنقى وأرفع من هذا الانحطاط والسَخف...". هذه بعض الاختلافات التي رسمت تغريدات السعوديين على أسبوع الموضة. شأنه في ذلك شأن بعض الخطوات التي تدخل ضمن الإصلاحات التي أقرتها السعودية، والتي كان يتوق لها البعض في حين اعتبرها آخرون تعارض مبادئ البلد والدين.
الرياض بدل دبي
تستضيف الرياض أسبوع الموضة الشهير بين 26 و31 آذار/مارس المقبل. فبعد أن كان الحدث ينظم في دبي منذ سنة 2014، باتت العاصمة السعودية هي الأخرى محطة لعرض الأزياء العربية والعالمية. كما ستنظم السعودية دورة إضافية بتاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وستستمر إلى 27 من نفس الشهر، في مجمع "ابكس" للمؤتمرات والمعارض الذي صممته العراقية الراحلة زها حديد.
وقد قرر مجلس الموضة العربي تنظيم هذا الأسبوع بعد شهر من افتتاح مكتب إقليمي له في مدينة الرياض، وتعيين الأميرة نورة بنت فيصل آل سعود كرئيس شرفي للمجلس. لكن استضافة الرياض للحدث لم يمنع دبي من الاستعداد لأسبوع موضة خاص بها ابتداء من التاسع إلى 12 مايو/ أيار المقبل، حسب بيان مجلس الموضة العربي ليوم الاثنين (19شباط/ فبراير2018).
الالتزام بقواعد الزي السعودي؟
كثير من الآراء رجحت أن تكون التصميمات المعروضة في أسبوع الموضة ملتزمة بقواعد ومعايير الزي السعودي التقليدي، لكن الماجد عرفات، الإعلامية السعودية وعضو إحدى المجالس البلدية في محافظة القطيف، نفت في تصريح لـDWعربية ذلك، وقالت إن الأسبوع سيكون منفتحا على كل "الستايلات"، وأكدت فكرتها بقولها: "نلبس تحت العباءة كل ما يمكن أن تتصوريه".
وتابعت الماجد: "النساء في السعودية مهتمات بالموضة قبل الإصلاحات". فبعد أن كان من الصعب على عاشقات الموضة والعاملات في مجال الأزياء داخل السعودية الاستمتاع بما يلبسن تحت عباءتهن ويٌجبرن على اختيار ملابسهن من خارج البلد، صار الآن ممكنا أن يتمتعن بحقهن في الأزياء من خلال "أسبوع الموضة العربي". إذ يشكل المنصة الوحيدة عالميا لعرض "التصاميم الجاهزة" (Ready Couture)، وهو نمط في الأزياء قدمه للمرة الأولى، عام 2014، "مجلس الأزياء العربي" . ويضم ممثلين للدول الأعضاء في جامعة الدول العربية.
بالإضافة إلى ذلك، فهذا النمط التصميمي يجمع بين الأزياء الجاهزة والأزياء الراقية، ويركز على ملابس مصممة ومنفذة بمعايير الأزياء الراقية على أن تتوافر في الأسواق وبمقاسات مختلفة. وقد لاقى ذلك رواجا لدى السيدات العربيات.
خطوة نحو الانفتاح؟
"خطوة إضافية لتأكيد رؤية المملكة التي تقوم على تطوير قطاع الأزياء في السعودية وتحويلها إلى مقصد إقليمي ودولي (...) تماشيا مع رؤية 2030"، هكذا فسرت الأميرة السعودية نورة الهدف من احتضان الرياض للحدث العربي الخاص بالأزياء، حسب ما نقل عنها موقع "المجلس العربي للأزياء".
وفي هذا السياق، تقول ، إنها من المؤيدات لفكرة تنظيم الأسبوع كما العديد من بنات بلدها. وتضيف "هي خطوة إلى لأمام ومطلوبة جدا لنساير الأجواء العالمية".
وكان العديد من المغردين عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قد اعتبروا الحدث استكمالا لسلسلة بوادر الانفتاح الاجتماعي التي تشهدها المملكة منذ تعيين الأمير محمد بن سلمان (32 عاما) وليا للعهد منتصف العام الماضي. كما أكد آخرون على أنها تهدف إلى جذب الإستثمارات الخارجية وتنويع الاقتصاد لوقف الارتهان التاريخي للنفط.
تغييرات شكلية؟
"هذه التغييرات لها صبغة شكلية وليست تغييرا جذريا". هكذا ترى كوثر التابعي، الشاعرة والكاتبة التونسية المهتمة بشؤون حقوق المرأة، مجموع التغييرات التي تخص المرأة في السعودية، في حديثها لـDWعربية. التابعي تعتقد أن مجموع الإصلاحات التي تخص المرأة في البلد "لا يمكن أن تتم بشكل جذري في ظل وجود الفكر الوهابي". كما تؤكد، في حديثها لـDW عربية، على "عدم وجود أي طفرة فكرية عميقة في خضم الإصلاحات التي تشهدها السعودية"، وأن البلد في حاجة إلى هزة حقيقية تعيد للمرأة والرجل اعتبارهما كإنسان، عللى حد تعبيرها.
بالمقابل، تعتبر الإعلامية السعودية الماجد عرفات أن الإصلاحات تصب في العمق وأن من لا يعيش في السعودية لا يعرف معاناة النسوة هناك. وتردف مبررة: "مادام الأمر يخدم المرأة فلا أمانع من تحصيل كل ما يمكن تحصيله لأننا عشنا أكثر من 35 سنة من المنع".
في نفس السياق، لم تفوت التابعي من جهتها، الفرصة للترحيب بالخطوات التي تسير عليها الرياض قائلة: "ليست هنالك ثورة وجدانية، ومع ذلك نرحب بالتغيير على أمل أن يأتي يوما ما التغيير الحقيقي".
إصلاحات غير كافية!
مسيرة النضال النسوي في السعودي لا تزال بعيدة عن نقطة النهاية. فرغم الإجراءات التي اتخذتها الدولة منذ أشهر في مجالات عديدة، وبالخصوص فيما يهم المرأة، إلا أن المزيد من الحقوق لا يتمتع به الجنس اللطيف في ذلك البلد. ومن بين هذه الحقوق، ألا تبقى تابعة لرجل "ولي"، يسمح لها أو يمنعها من حق القيام بأشياء مصيرية. وهو ما أشارت إلية المتحدثة الماجد قائلة: "نحن سعيدات بما يحصل الآن، وسنكون أسعد إذا حصلنا على حقوق أكثر ومناصب أكبر وألغي حق الولاية"، لأن ذلك سيكون دعما لوضع المرأة السعودية لتكون سيدة طبيعية في مجتمع طبيعي.
ولأن الكثيرين علقوا على الإصلاحات بكونها "تافهة" و"مجرد تفاصيل"، ترد الماجد: "أنا لا أنفي حاجتنا لتغييرات كبيرة، ولكن مثل هذه المكملات، هي مهمة في حياة السعوديات". وفي هذا الإطار تقول أيضا:" كنا في حالة استثنائية ونسعى إلى أن نكون في حالة طبيعية. هذا كل شيء".
مريم مرغيش