أسبوع بعد هجوم برلين - لا يزال الغموض سيد الموقف!
٢٧ ديسمبر ٢٠١٦هل كان أنيس عامري، المتهم الرئيسي في الهجوم بالدهس على سوق أعياد الميلاد في برلين، "ذئبا وحيدا" أم كان جزءا من شبكة إرهابية متفرعة؟ وكيف تمكن من الهرب إلى إيطاليا دون صعوبات؟ وماالذي حدث قبل عملية الدهس في برلين والتي أسفرت عن مصرع 12 شخصا وجرح 48 آخرين. وفيما ما تزال السلطات الأمنية تتحفظ عن الإدلاء بأجوبة إزاء الكثير من هذه الأسئلة، تتعالى الأصوات في صفوف السياسيين إلى الكشف عن ملابسات العملية.
كيف هرب من مسرح العملية إلى ايطاليا؟
وبعد ملاحقته لأربعة أيام في أنحاء أوروبا، قتل العامري بالرصاص قرب مدينة ميلانو في إيطاليا في الساعات الأولى من صباح الجمعة بعدما أشهر مسدسا في وجه رجال الشرطة الذين طالبوه بإبراز أوراق هويته. ولا يزال من غير الواضح كيف تمكن المتهم الرئيسي في تنفيذ عملية الدهس في برلين من التنقل إلى مدينة ليون الفرنسية قبل أن يحط به الرحال في ايطاليا؟ وفي سياق متصل، قال مصدر قضائي فرنسي أمس الاثنين إن العامري قد مر على ما يبدو بمدينة ليون الفرنسية لدى فراره إلى إيطاليا.
وقال المصدر إن لقطات كاميرات مراقبة أظهرت أنيس عامري في محطة قطارات ليون بار ديو يوم الخميس ويعتقد مسؤولون أنه اشترى من المحطة تذكرة إلى شامبيري بين ليون والحدود الإيطالية. ويحقق المسؤولون الفرنسيون في كيفية وصوله إلى ليون بعد هجوم 19 ديسمبر كانون الأول في برلين والذي أعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" مسؤوليته عنه.
ووفقا للمعلومات التي حصل عليها المحققون، فإن العامري، الذي عرف بأنه من العناصر "الخطرة"، قد قام في 19 من ديسمبر/كانون الأول باختطاف شاحنة نقل ثقيلة قبل أن يستخدمها في عملية دهس حشد في سوق لعيد الميلاد في ساحة برايتشايد في برلين.
غموض حول ما حدث بين الإرهابي وسائق الشاحنة
وقد أسفرت عملية الدهس عن مصرع 11 شخصا في سوق أعياد الميلاد، فيما عثر على لوكاس أوربان، السائق البولندي، قتيلا على مقعد الراكب الأمامي في قمرة القيادة. وذكرت صحيفة "بيلد" الألمانية في عددها الصادر أمس الاثنين (26 ديسمبر/ كانون الأول) أن تشريحا للجثة كشف عن أن أوربان، وهو رب أسرة لم يتجاوز عمره 37 عاما، قد تعرض لإطلاق نار في رأسه في 19 كانون أول/ديسمبر بين الساعة 16.30 و 17.30 مساء (بالتوقيت المحلي) وأنه قد فقد الكثير من دمه.
ووفقا لرب عمله، فقد تعذر الحصول على أوربان هاتفيا بداية يوم الاثنين 19 من ديسمبر/كانون الأول من الساعة الرابعة مساء. كما لا تعرف ملابسات مصرع سائق الشاحنة ولا دوره. وقد ساد لفترة طويلة الاعتقاد بأن الرجل كان قد حاول انتزاع عجلة القيادة من المهاجم المشتبه به، ليحد بذلك من عدد الضحايا جراء الهجوم.
وفي عريضة إلكترونية دعا الآلاف إلى منح الرجل وسام الاستحقاق الألماني. وقد كتبت المرأة التي أطلقت المبادرة على موقع جينج.اورغ (change.org) بأن الرجل البولندي "بطل" لأنه من خلال محاولته انتزاع مقود الشاحنة من الإرهابي الذي نفذ الهجوم لاحقا قد يكون ربما قد أنقذ حياة الكثيرين الذين ربما كانوا سقطوا ضحايا هذه العملية. وقد وصل عدد المؤيدين لهذه العريضة حتى صباح اليوم الثلاثاء إلى نحو 40 ألف شخص.
وكان العامري، الذي رُفض طلبه في اللجوء في ألمانيا، قد تمكن من الاختفاء من تحت رادار الأجهزة الأمنية على الرغم من تصنيفه من أنه من العناصر "الخطرة"، أي الأشخاص الذين يمكن أن يرتكبوا عمليات إرهابية. الأمر الذي دفع العديد من السياسيين إلى المطالبة بتشديد قوانين اللجوء والتسريع في ترحيل من رفضت طلباتهم في اللجوء. يذكر أن الشرطة وأجهزة المخابرات الألمانية قد صنفت 549 شخصا ضمن الأشخاص "الخطرين".
مطالب بتشديد الإجراءات الأمنية
وفي سياق متصل، طالب الحزب المسيحي الاجتماعي، حليف الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم، بتوسيع صلاحيات الشرطة وهيأة حماية الدستور(جهاز الأمن الداخلي) وتشديد إجراءات ترحيل من رُفضت طلباتهم في اللجوء. كما اقترح سياسيو الحزب المسيحي الاجتماعي مراقبة المتشددين الذين تمت إدانتهم من خلال قيود الكترونية في أرجلهم. كما دعت إلى ضرورة تدخل هيأة حماية الدستور بداية من سن الرابعة عشر.
وتعالت الأصوات في ألمانيا بالمطالبة بزيادة الرقابة عبر كاميرات الفيديو في الأماكن العامة. وانتقد رئيس نقابة الشرطة الألمانية راينر فينت موقف الحكومة المحلية في ولاية برلين إزاء الرقابة عبر كاميرات الفيديو معتبرا إياه غير مسؤول. وقال فينت في تصريحات لصحيفة "باساور نويه بريسه" الألمانية الصادرة اليوم الثلاثاء: "الحكومة المحلية تطلب من المواطنين فيديوهات سجلوها عبر الهواتف المحمولة ليلة الهجوم، لكنها لا تريد أن تتولى الرقابة بنفسها. هذا أمر سخيف".
يذكر أن السوق، الذي وقع فيه الهجوم أمام كنيسة الذكرى في برلين، لم يكن مراقبا بالكاميرات. ولا تخطط حكومة ولاية برلين لتوسيع الرقابة عبر كاميرات الفيديو حاليا، رغم تمهيد مجلس الوزراء الألماني الطريق لذلك. كما دعا وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزير حكومة ولاية برلين مطلع الأسبوع الجاري في تصريحات لصحيفة "بيلد آم زونتاج" الألمانية إلى إعادة النظر في موقفها.
من جهتها، أكدت نقابة المحامين الألمانية أنه ليس هناك ضرورة لزيادة المراقبة بالفيديو من أجل التصدي للإرهاب، وأوضحت النقابة اليوم الثلاثاء أن زيادة كاميرات المراقبة لا تؤدي بالضرورة إلى زيادة الأمن. وأضافت أن تثبيت كاميرا على عمود الإنارة لا يحول بباسطة دون تنفيذ عمليات إرهابية، لافتة إلى أنه يظل هناك حق المواطنين في تقرير المصير المعلوماتي في الطرق عند "التخزين الاحترازي للبيانات" بدون داع.
ش.ع/ ح.ع.ح (DW، د.ب.أ، أ.ف.ب)