1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أصداء حرب غزة تخيم على مهرجان برلين السينمائي "برلينالة"

٢٣ فبراير ٢٠٢٤

يُنظر إلى مهرجان برلين باعتباره أكثر المهرجانات الأوروبية ذات الطابع السياسي. وفي نسخته الحالية أثارت الحرب بين حماس وإسرائيل توترات ومظاهرات. في الوقت نفسه شهد المهرجان مشاركة أفلام وصناع أفلام فلسطينيين وإسرائيليين.

https://p.dw.com/p/4ch6E
فيلم "لا أرض أخرى" - هو إنتاج فلسطيني-إسرائيلي مشترك - أحد الأفلام المشاركة في مهرجان برلين
فيلم "لا أرض أخرى" - هو إنتاج فلسطيني-إسرائيلي مشترك - أحد الأفلام المشاركة في مهرجان برلينصورة من: Berlinale

يُعرف عن مهرجان برلين السينمائي (برلينالة) بأنه الحدث الذي يتناول القضايا السياسية ويدافع عن القيم الإنسانية، لذا كان يُتوقع أن تلقى الحرب بين حماس وإسرائيل بظلالها على المهرجان في نسخته الرابعة والسبعين من خلال تزايد وتيرة النقاشات والاحتجاجات خلال الفعاليات.

وخلال حفل الافتتاح في الخامس عشر من فبراير / شباط، رُفعت بعض اللافتات على السجادة الحمراء كُتب عليها "غزة حرة"، ورغم عدم توقف المراسم، إلا أن الصخب زاد خلال الأيام التالية.

بشكل غير متوقع، نظم حوالي 50 شخصا من المؤيدين للفلسطينيين احتجاجا الأحد (18 فبراير / شباط) في سوق الأفلام الأوروبية، الذي يمثل أحد أبرز فعاليات المهرجان حيث يقتصر التواجد فيه على محترفي صناعة السينما.

المطالبة ببيان قوي

لم تقتصر الانتقادات  على الحضور بل جاءت بعض المواقف الغاضبة من داخل المهرجان إذ وقع 60 مقاولا يعملون في المهرجان على رسالة مفتوحة تُطالب بيان رسمي يسلط بيان رسمي للمهرجان الضوء على الأزمة الإنسانية الحالية في غزة.

قال المدير الفني كارلو شاتريان والمديرة التنفيذية ماريت ريسينبيك إن المهرجان يهدف إلى خلق "مساحة للحوار حول الحرب في غزة."
قال المدير الفني كارلو شاتريان والمديرة التنفيذية ماريت ريسينبيك إن المهرجان يهدف إلى خلق "مساحة للحوار حول الحرب في غزة."صورة من: Jens Kalaene/dpa/picture alliance

وفي ذلك، أعرب المدير الفني كارلو شاتريان والمديرة التنفيذية ماريت ريسينبيك عن تعاطفهما مع "جميع ضحايا الأزمات الإنسانية في الشرق الأوسط" وأنهما يريدان "الاعتراف بمعاناة الجميع وفتح برنامجنا لوجهات النظر المختلفة الأكثر تعقيدا في العالم".

بيد أن هذا الموقف لم يلب طموحات الموقعين على الرسالة حيث قالوا: "ننضم إلى حركة التضامن العالمية المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار والدعوة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن". وأضافت الرسالة "نحن في حاجة إلى مواقف مؤسسية قوية في الوقت الذي يشهد العالم فيه خسائر في أرواح المدنيين في  غزة  لا يمكن تصورها بما في ذلك خسائر في أرواح صحافيين وفنانين وعاملين في مجال السينما فضلا عن تدمير التراث الثقافي الفريد."

"قاطعوا ألمانيا" 

ووقع أكثر من 100 شخص من المشاركين في قسم عروض المنتدى الموسع الذي يُعرف بطابعه المستقل، على رسالة مفتوحة أعربوا فيها عن تضامنهم مع أربعة من صناع السينما أقدموا على سحب أعمالهم التي كانت من المفترض أن تشارك في المهرجان.

وأعرب الفنانون الأربعة في بيان عبر موقع إنستغرام عن تضامنهم مع حركة "قاطعوا ألمانيا" التي تدعو إلى مقاطعة المؤسسات الثقافية التي ترعاها الدولة في ألمانيا، احتجاجا على إحجام البلاد عن الدعوة إلى وقف إطلاق النار.

وبسبب ماضيها النازي، ترى ألمانيا أنها تتحمل مسؤولية تاريخية في الوقوف إلى جانب إسرائيل.

استند فيلم "شيكون" على مسرحية "وحيد القرن" للكاتب أوجين يونسكو التي تسرد الصعود المفاجئ للفاشية قبل الحرب العالمية الثانية.
استند فيلم "شيكون" على مسرحية "وحيد القرن" للكاتب أوجين يونسكو التي تسرد الصعود المفاجئ للفاشية قبل الحرب العالمية الثانية.صورة من: Agav Films

"شيكون"

واللافت في المهرجان أنه شهد مشاركة عدد من صُناع السينما الإسرائيلية ممن انتقدوا حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

يعد المخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي من أبرز الأصوات الإسرائيلية التي انتقدت حكومة نتنياهو حيث يشارك في المهرجان  بعرض أحدث أفلامه والذي جاء تحت عنوان "شيكون" الذي يعد عملا ذا طابع سياسي حيث يستند على مسرحية "وحيد القرن" للكاتب أوجين يونسكو التي تسرد الصعود المفاجئ للفاشية قبل الحرب العالمية الثانية.

وُلدت فكرة فيلم "شيكون" إبان فترة الاحتجاجات الحاشدة في إسرائيل ضد الإصلاح القانوني المثير للجدل الذي أجراه نتنياهو واعتبرته المعارضة بأنه يعد هجوما على ديمقراطية إسرائيل.

وتدور أحداث الفيلم في مجمع "شيكون" السكني الإسرائيلي، حيث يتعاظم الفكر الاستبدادي لدى بعض السكان، فيما يقرر آخرون المقاومة، بحسب تقرير لفرانس برس.

ومن خلال الفيلم، يتحدى غيتاي المشاهدين ببنية سردية غير تقليدية وهو ما برز من حديثه عن أنه يشعر بالملل من هيمنة تطابق السرد القصصي في الأفلام التي تنتجها منصات البث المباشر الرئيسة في العالم.

ويتضمن الفيلم اقتباسات من بعض كبار المفكرين في العالم من أمبرتو إيكو إلى روبرت موزيل بالإضافة إلى مقتطفات من مقال للصحافية الإسرائيلية أميرة هاس بعنوان: "كنت أنفذ الأوامر فقط": ماذا ستقول لأطفالك؟ ". وكتبت هاس، وهي ابنة أحد الناجين من الهولوكوست، هذا المقال إلى زملائها الإسرائيليين لرفع مستوى وعيهم تجاه محنة سكان غزة.

وانتقدت هاس بشدة موقف ألمانيا تجاه إسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي حيث نشرت بعد أيام قليلة من الهجوم مقال رأي في صحيفة هآرتس الإسرائيلية بعنوان "ألمانيا! لقد خنتي مسؤولياتك منذ فترة طويلة".

قال المخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي إن إسرائيل باتت "رهينة لائتلاف نتنياهو الأكثر يمينية".
قال المخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي إن إسرائيل باتت "رهينة لائتلاف نتنياهو الأكثر يمينية".صورة من: Ottavia Da Re/Sintesi/Photoshot/picture alliance

ويختتم فيلم "شيكون"باقتباس من قصيدة "فكر بغيرك" التي كتبها الشاعر الفلسطيني محمود درويش في أواخر تسعينيات القرن الماضي.

غيتاي: نتنياهو يشكل تهديدا لإسرائيل

وخلال مشاركته في مائدة مستديرة نُظمت على هامش المهرجان، أقدم غيتاي على استخدام مصطلحات واضحة جدا للتعبير عن آرائه بشأن الحكومة الإسرائيلية الحالية.

وبعد تأكيده على أن هجمات حماس الإرهابية لا مبرر لها، قال غيتاي إن إسرائيل باتت "رهينة لائتلاف نتنياهو الأكثر يمينية"، مضيفا أن نتنياهو "يعد شخصية تجيد التلاعب على أعلى المستويات".

وفي مقابلة مع DW، قال غيتاي إن نتنياهو ربما "يدمر إسرائيل،" مضيفا أن رئيس الحكومة الحالية "جمع أسوأ مكونات المجتمع الإسرائيلي من العناصر القومية المتطرفة والشخصيات العنصرية المتشددة والرجعية الأرثوذكسية المتطرفة التي تقف ضد  حقوق المرأة  والمثليين. لذا يمكن القول بأن (نتنياهو) يعد عنصرا هاما في هذه المأساة."

دعوات للحكومة الألمانية

وليس "شيكون" الفيلم الوحيد المشارك في المهرجان ويتناول الصراع في الشرق الأوسط  إذ في قسم البانوراما، يشارك فيلم "لا أرض أخرى" وهو إنتاج فلسطيني-إسرائيلي مشترك.

ويسرد الفيلم الوثائقي نضال الناشط الفلسطيني باسل عدرا، أحد مخرجي العمل، منذ سنوات ضد خطط تهجير سكان قريته الواقعة في "مسافر يطا" بهدف بناء ساحة تدريب للجيش الإسرائيلي. وتقع "مسافر يطا" في الجزء الخاضع أمنيا وإداريا لإسرائيل في الضفة الغربية أو ما يسمى (منطقة ج).

ويوثق الفيلم انضمام الصحافي الإسرائيلي يوفال أبراهام إلى جهود عدرا بعد أن أصبح ناشطا عقب تعلمه اللغة العربية ومعاصرته الظلم الذي يُقدم عليه  الاحتلال الإسرائيلي.

صورة لأعضاء فريق إخراج فيلم "لا أرض أخرى" وهم من اليسار إلى اليمين يوفال أبراهام وحمدان بلال وراشيل سزور وباسل عدرا
صورة لأعضاء فريق إخراج فيلم "لا أرض أخرى" وهم من اليسار إلى اليمين يوفال أبراهام وحمدان بلال وراشيل سزور وباسل عدراصورة من: Monika Skolimowska/dpa/picture alliance

ويرى الناشطان أن القمع يؤدي حتما إلى ردود فعل عنيفة وهو ما دفعهما إلى دعوة الدول الغربية إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء الاحتلال.

وفي مقابلة مع DW، قال إبراهام "أعلم أن الألمان يشعرون بالذنب كثيرا لما حدث إبان الحرب العالمية الثانية"، مضيفا أن العديد من أقاربه قتلوا خلال الهولوكوست.

وفي مناشدته، قال إبراهام: "لا تحولوا هذا الشعور بالذنب الآن إلى سلاح من خلال رفض الدعوة إلى وقف إطلاق النار. الأجدر استخدامه لمساعدتنا في التوصل إلى حل سياسي والضغط على  دولة إسرائيل  لإنهاء الاحتلال".

وأضاف "أرى أن هذا سيكون الموقف الأكثر اخلاقيا الذي يتعين على الحكومة الشروع فيه".

 أعده للعربية: محمد فرحان