أعادة العقول العراقية المهاجرة: مهمة وطنية عاجلة
٦ فبراير ٢٠١٤تواجه عمليه التطور في الوقت الحاضر مرحله تحول جوهريه أصبح فيها رأس المال البشري مصدراَ للخدمات اكثر منه مصدراَ للطاقات الانتاجيه الماديه، وقد شهدت السنوات التي اعقبت الحرب العالميه الثانيه بدايه لهذا التحول في البلدان المتطوره اقتصادياَ، مما ترك اثره على هيكل القوى البشريه، وقد كانت من نتائج هذا التحول تغيرات هاله في القطاعات التي تستخدم القوى البشريه في عمليه الانتاج، اذ اصبحت تتطلب أنواعاَ ومستويات من المهارات تختلف عما سبق. ومع تحول العالم بشكل سريع نحو المجتمع المدني،الذي يرافقه تصاعد ونمو وتنوع حاجات الانسان، يطلبه التحول الى اقتصاد مبني على المعرفهknowledge – baded economy، مما يتطلب معه الامر توسيع قاعده خدمات التكنلوجيه ذات المستوى العالي .هذا التحول في عمليه بناء النمو والتطور الاقتصادي ذو النوعيه يتطلب معه الامر عماله بشريه مختلفه،من حيث مستوى التعليم والتدريب والخبره في مجالات التخصص، ومن الامثله على تلك النوعيات الجديده من العماله المطلوبه في العالم اليوم هم: مهندسو الالكترونيات، والفنيون الطبيون وأساتذه الجامعات ومصممو نظم البرامج للحاسبات الالكترونيه، كل هؤلاء يعتبرون أفراد خدمات على مستوى عال، وبناء على ذلك يتحول الانتاج المبني على كثافه اليد العامله الى اقتصاد الخبره والمعرفه والفنيه.
بمعنى ان تحول المجتمعات من مرحله التخلف الى مرحله النمو والتطور تعتمد بالدرجه الاولى على نمو وتطور العنصر البشري.باعتباره الثروه الحقيقيه التي يسعى العالم المتحضر لإمتلاكها، ومن خلالها امتلاك ناصيه المعرفه والتقدم.ولذلك حرصت المجتمعات المتطوره على امتلاك هذا العنصر مدركه ان امتلاكه هو امتلاك الاستقرار الاجتماعي والرفاهيه الماديه, مستنده على حقيقه مفادها ان المجتمعات قادره على وضع افضل البرامج والخطط الاقتصاديه، لكنها غير قادره على تنفيذها دون وجود العنصر البشري الذي يلائم مستوى هذه البرامج والخطط. وقد اكون اكثر علميه حينما اشير الى ان في العباره الاخيره تكمن حقيقه الفرق بين الشعوب والامم في مقياس الحضاره والنمو. ومن هذه الحقيقه جاءت حكمه العرب الشهيره لا خير في امه لاتحترم علمائها. هذه الحكمه هي الاكثر تداولاَ في البلدان العربيه على الالسن والاقل ممارسه، من لدن كافه الاطراف حكوماتاَ و احزاباَ، فهي مخصصه فقط للمقابلات الاعلاميه او للوجاهه.
العالم الثالث: " تزداد اهميه وحوافز العنصر البشري حسب الولاء للحاكم"
هذا هو الوضع بالنسبه للدول المتقدمه التي تسعى ليس فقط للمحافظه على ثروتها البشريه وتطويرها بمختلف السبل والامكانات ، وانما تحاول بصوره تنافسيه بعضها مع البعض الاخر على تقديم الحوافز والمغريات من اجل استقطاب العنصر البشري المميز. اما في بلدان العالم الثالث بعامه والبلدان العربيه بخاصه فان الوضع ينحو منحى مغايراَ، حيث تزداد اهميه وحوافز العنصر البشري حسب الولاء للحاكم او الافراد المقربين له، والصوره تزداد بشاعتاَ وسواداَ اذا كان النظام شمولياَ، كما هو الحال والحاله العراقيه ابان حكم حزب البعث الفاشينازي. الذي حكم العراق منذ 17 تموز 1968ولغايه 9حزيرن 2003 فقد كانت الحاله اقل ما يمكن للمرء ان يصفها بانها مزريه حقاَ.حيث خسرت الجامعات العراقيه اعتباراَ من منتصف السبعينات للقرن المنصرم وحتى بدايه الثمانينيات من نفس القرن اول وجبه من خيره اساتذتها المعروفين بخبراتهم وكفاءتهم العلميه المميزه وذلك بسسب قرار تبعيث التعليم، الذي شمل ايضاَ كافه موسسات التعليم الاخرى. بالاضافه الى نخبه مميزه من خبراء التعليم في الموسسات التابعه للوزارت غير المرتبطه بوزارتي التربيه والتعليم العالي ، من الذين رفضوا الانتماء الى حزب البعث الحاكم انذاك. ثم بعد قرار تبعيث كل العراق وحتواء القوى والحزاب الوطنيه العراقيه واعتبار كل من ينتمي الى حزباَ غير حزب البعث في العراق من اعداء الثوره والوطن حسب مفاهيم وتنظيرات البعث البائد، وكما اعتبر كل مستقل خائن.لهذا جرت حمله شرسه استهدفت مئات الالاف من المواطنيين العراقيين وجلهم من حمله الشهادات والكفاءت العلميه المرموقه التي خسرها العراق اما موتاَ اوهرباَ خارجه.
"طواحين الموت طردت الكفاءات"
ثم استمرت طاحونه الموت للعراقيين جميعاَ وبدون توقف في حرب النظام ضد ايران واحتلاله لدوله الكويت الشقيقه والالاف الذين اعدموا في انتفاضه شعبان المجيده في عام1991 او الذين قتلوا من الكرد او القوميات الاخرى نتيجه حرب النظام المستمره ضدهم اما قتلاَ باسلحه تقليديه او اسلحه محرمه دولياَ . ثم جاء الحصار الاقتصادي الجائر على الشعب العراقي الذي استغل من قبل النظام المقبور ابشع استغلال ليضيف اعداد جديده من الموتى او المهاجرين في بقاع المعموره بحثاَ عن العيش الكريم. وفي خضم هذه الرحله الماْساويه للشعب العراقي كان قد خسر مايقارب ثمانيه مليون عراقي بين من مات منهم في حروب صدام او بالاعدامات الفرديه والجماعيه اوالموت جوعاَ او الهروب خارج الوطن.ومن ضمن هذه القوائم المليونيه هناك 250 الف عراقي من مجموع 4 مليون خارج الوطن يحملون ارقى وافخر الشهادات العلميه والاكاديميه النادره، و يعتبر العراق في هذه المرحله بامس الحاجه اليهم ، من منطلق ان هذه النخبه من العقول العلميه هي جزء من ثروه الوطن ، والتي يجب ان يستعيدها . ولكن السوال المهم هنا كيف السبيل لذلك...؟ بعد سنوات طويله من خروج العديد منهم واستقرارهم في دول مختلفه من دول العالم، وقد انشأ معظمهم مواقع اجتماعيه ومهنيه جيده بالاضافه لحصول بعض الكثير منهم على جنسيه بلد الاقامه ، ناهيك عن الامتيازات الاجتماعيه المتوفره لهم وبكل سخاء كالتامين الصحي وضمان الاجتماعي والتعليم والسكن المجاني ، وغيرها من الامتيازات التي كان لايتحقق منها الا نسبه ضئيله ، اضافه الى كل ذلك فهناك الامن والديمقراطيه التي حرم منها في موطنه الاصلي، كل هذه الاسباب وغيرها تجعلنا مدعوين بدون استهانه التفكير الجدي بالطرق والوسائل لعوده ابناء العراق من ذوي الكفاءات والخبرات للمساهمه في بناء الوطن.
ومن هذا المنطلق ادعو الحكومه او السلطه القادمه او الاداره المدنيه ان تستقطب العقول العراقيه بالتنسيق مع الاحزاب والقوى الوطنيه وموسسات المجتمع المدني الاخرى الاسراع بتشكيل لجنه خاصه لحصر هذه الكفاءات وتخصصاتها ، وتوفير كل الامكانات الماديه والمعنويه لعوده هذه الثروه.التي هي ملك للعراق واهله ، فمن الجريمه ان يخسرها الوطن