ألمانيا ملاذ مستحيل للاجئين السوريين
٣٠ نوفمبر ٢٠١٣إنها خفر السواحل اليونانية التي تضع حدا لحلم سوريين كثيرين بدخول الاتحاد الأوربي، وتوقف معظم زوارق اللاجئين أمام الجزر في شرق بحر ايجه لإجبارها على العودة إلى تركيا. ومنذ إغلاق الحدود البرية بين تركيا واليونان في صيف عام 2012 يحاول اللاجئون السوريون الوصول من تركيا إلى الاتحاد الأوربي بحرا.
لكن، من يحاول ذلك، يخاطر بحياته؛ فمنذ آب/ أغسطس عام 2012 لقي حسب منظمة برو أزيل المدافعة عن حقوق اللاجئين نحو 149 شخصا مصرعهم غرقا بين تركيا واليونان، معظمهم من السوريين الذين "اختاروا هذا الطريق، لأنهم لم يجدوا فرصة أخرى أمامهم"، كما يقول بيرند ميسوفيتش نائب مدير أعمال منظمة برو أزيل.
من ينجح في الوصول إلى الاتحاد الأوربي عن طريق اليونان، ومنها إلى ألمانيا، يُسمح له غالبا البقاء فيها. ووفق المكتب الفيدرالي للاجئين والهجرة، حصل أزيد من 95 في المائة من السوريين الذين تقدموا بطلب اللجوء، على إذن للإقامة في ألمانيا، ذو صلاحية لن تنتهي إلى حين انتهاء الحرب في سوريا على الأقل. لكن، من يصل إلى ألمانيا عن طريق دولة أخرى من دول الاتحاد الأوربي مثل بلغاريا أو إيطاليا، فعليه العودة إليها، لأن القوانين الأوربية تلزم اللاجئ على طلب الحماية في أول دولة عضوة في الاتحاد الأوربي، دخل أراضيها. ويستثني القانون اليونان بسبب الظروف السيئة التي يواجهها اللاجئون هناك.
معظم اللاجئين يأتون بطرق غير شرعية
ومنذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا قبل سنتين ونصف، فرّ ما يزيد عن 2,2مليونمواطن سوري خارج البلاد، بينهم 24 ألف شخص هربوا إلى ألمانيا، غالبا للالتحاق بأفراد أسرهم. "ومن يدخل ألمانيا، فغالبا بطرق غير شرعية"، كما يوضح ميسوفيتش من منظمة برو أزيل.
وهناك طرق شرعية تمهد باستقبال السوريين، لكنها نادرة، كبرنامج الحكومة الألمانية الذي ينص على استقبال خمسة آلاف لاجئ. وتقوم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين باختيارهم، مع إعطاء فرص أكبر لمن لديه أقرباء في ألمانيا أو للأطفال أو المصابين بجروح خطيرة. وقد وصلت الدفعة الأولى منهم إلى ألمانيا، وشملت حوالي ألف لاجئ. ومن المقرر اختيار بقية العدد حتى ربيع عام 2014.
شروط قاسية
وإلى جانب برامج الحكومة الاتحادية، أطلقت الولايات الألمانية أيضا برامج خاصة بها لاستقبال اللاجئين السوريين. وهي موجهة فقط إلى أولئك الذين يعيش أقرباء لهم في ألمانيا والذين هربوا إلى دول الجوار مثل لبنان أو الأردن أو العراق أو تركيا. إلا أن بيرند ميسوفيتش اعتبر أن شروطها مجحفة، مستبعدا "أي إمكانية للاستفادة منها"، لأن معظم الولايات تطالب الأقرباء المقيمين في ألمانيا بتحمل جميع تكاليف إقامة اللاجئ المعني. ولهذا تشترط أن يكون لهم دخل شهري صافي لا يقل عن 2000 يورو وأن يدفعوا تكاليف التأمين الصحي الخاص بأقربائهم. وهي شروط لن تسمح حسب ميسوفيتش، إلا لفئة قليلة جدا من السوريين المقيمين في ألمانيا، من استقبال أقرباءهم. ولهذا السبب لم ينجح منذ عام 2011 إلا 140 لاجئا سوريا في الوصول إلى ألمانيا بناء على برامج الولايات الألمانية، كما يقول العامل في المنظمة المدافعة عن حقوق الاجئين.
ضرورة التحرك
ونظرا للعدد الهائل للاجئين السوريين في دول الجوار، تطالب أحزاب المعارضة الألمانية (حزب الخضر وحزب اليسار) باستقبال المزيد منهم وبفتح حدود الاتحاد الأوربي أمام اللاجئين السوريين. وهو ما أكدته كاترين غورينغ- إكارت رئيسة كتلة حزب الخضر في البرلمان الاتحادي.
بدوره، يرى وزير الداخلية الألماني هانز بيتر فريدريش ضرورة التحرك، لكن ليس على الصعيد الألماني، وإنما الأوربي؛ موضحا "أن استقبال المزيد من اللاجئين أمر ضروري". وطالب الوزير بعقد مؤتمر أوربي بهذا الشأن، لأنه معالجته "لا بد وأن تتمّ على هذا النطاق".
ومادامت هناك معوقات تحول دون دخول اللاجئين السوريين إلى دول الاتحاد الأوروبي بطرق شرعية، فإن هؤلاء سيحاولون شق طريقهم بطرق غير شرعية أيضا. ومن وجد المال الضروري لتقديمه للمهربين، فإنه سيختار الهرب عن طريق البحر، آملا ألا يلحظه خفر السواحل اليونانية.