أليس فايدل: يمينية غير تقليدية وترى في ترامب مثالا يُحتذى به
١٤ نوفمبر ٢٠٢٤إنَّها جزء من أقلية صغيرة جدًا: أليس فايدل واحدة من تسع نساء في كتلة حزب البديل من أجل ألمانيا في البرلمان الألماني (بوندستاغ). أما بقية أعضاء كتلتها فهم 69 رجلًا. إذ تبلغ نسبة النساء في هذه الكتلة: 11.5 بالمائة. وهذه النسبة غير منخفضة إلى هذا الحد في الكتل البرلمانية الأخرى. حيث تتراوح بين 25.4 بالمائة (الاتحاد المسيحي الديمقراطي/ الاتحاد المسيحي الاجتماعي) و59.3 بالمائة (حزب الخضر).
وتعتبر أليس فايدل من الناحية السياسية شخصية قوية داخل حزب البديل من أجل ألمانيا الذي يهيمن عليه الرجال: فهي تتقاسم مع تينو شروبالا الرئاسة في الحزب وكذلك في الكتلة البرلمانية. كانت هذه الصورة نفسها في الانتخابات الألمانية الاتحادية 2021، والتي كان فيها الاثنان أبرز مرشَّحين عن حزبهما. وقد كانت نتيجتها من وجهة نظر حزب البديل من أجل ألمانيا مخيبة للآمال: فقد حصل فيها على نسبة 10.3 بالمائة مقارنة مع حصوله على 12.6 بالمائة في انتخابات عام 2017.
نتائج قياسية في انتخابات الولايات
ولكن منذ ذلك الحين، أصبحت الأمور تسير تقريبًا في اتجاه واحد فقط: نحو الأعلى. ففي انتخابات الولايات، حقق حزب البديل من أجل ألمانيا مؤخرًا نتائج تراوحت بين 18.4 بالمائة (في ولاية هيسن) و32.8 بالمائة (ولاية تورينغن). وهذا الحزب الذي يصنفه المكتب الاتحادي لحماية الدستور (BfV) على أنَّه حالة مشتبه بها يمينية متطرفة، حصل في استطلاعات الرأي على المستوى الاتحادي على نسب تصل إلى 20 بالمئة.
وهذا النجاح على جميع المستويات السياسية، دفع الآن حزب البديل من أجل ألمانيا إلى ترشيح مرشح لمنصب المستشار في الانتخابات الألمانية الاتحادية في أيلول/سبتمبر 2025: أليس فايدل، التي يبلغ عمرها 45 عامًا وقد تقرَّر إعلان انتخابها في المؤتمر الاتحادي لحزبها في آذار/مارس 2025. ولكن هذه الخبيرة الاقتصادية الحاصلة على درجة الدكتوراه، لا توجد لديها أية فرصة لتصبح رئيسة للحكومة الألمانية الاتحادية. فحتى لو أصبح حزب البديل من أجل ألمانيا أقوى قوة سياسية فمن غير المحتمل أن يعثر على حزب يشاركه في تشكيل حكومة ائتلافية.
مارغريت تاتشر: قدوة المرشحة لمنصب المستشار
وأليس فايدل لا يمكنها إلا أن تحلم بالسير على خطى قدوتها: مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا من عام 1979 إلى عام 1990، التي قالت عنها زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا في مقابلة مع صحيفة "بيلد" الشعبية الألمانية: "تعجبني سيرتها الذاتية، السباحة عكس التيار حتى عندما يصبح ذلك متعبًا".
لقد كانت تاتشر تعرف بلقب "المرأة الحديدية"، لأنَّها كانت تصر على تمسكها بمسارها الاقتصادي الليبرالي الراديكالي بالرغم من جميع الصعوبات. وعقيدتها هي: "خفض الضرائب، وتقليل الإعانات الحكومية، والخصخصة". وهذا الاتجاه يتوافق مع أفكار المستشارة الإدارية السابقة أليس فايدل. "تاتشر تولت حكم بريطانيا عندما كان اقتصادها في الحضيض وأعادتها إلى المسار الصحيح".
ولم تخف زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، إعجابها بشخصية دونالد ترامب وهي تعتبره نموذجا يحتذى به لألمانيا. وبسؤالها في إذاعة "دويتشلاندفونك" الألمانية عما إذا كان ترامب وحركته "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، مثالين لحزب البديل من أجل ألمانيا، قالت فايدل "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى- اجعل ألمانيا عظيمة- نعم بالتأكيد! وبررت ذلك قائلة: "إننا كحزب البديل من أجل ألمانيا، ندافع عن المصالح الوطنية والشعب في جمهورية ألمانيا الاتحادية. بالطبع، هو نموذج يحتذى به".
"نحن نحاول إصلاح الاتحاد الأوروبي"
وعندما انضمت أليس فايدل في عام 2013 إلى حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي كان قد تأسس قبل بضعة أشهر، كان هذا الحزب في برنامجه حزبًا ليبراليًا قوميًا متشككًا في أوروبا. ولم يتغير شيء في ذلك من وجهة نظر مرشحة حزب البديل لمنصب المستشارة. فقد قالت في آب/أغسطس الماضي في مقابلة مع صحيفة "فيلت أم زونتاغ": "نحن نحاول إصلاح الاتحاد الأوروبي". وأضافت: إذا فشل إصلاح الاتحاد الأوروبي، فيجب أن تُمنح كل دولة فرصة التصويت في استفتاء شعبي حول البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وفي هذه المقابلة، ادعت أليس فايدل أنَّها لا تعرف شيئًا عن التحوُّل إلى اليمين. وحتى أنَّها دافعت عن زعيم الجناح المتطرف في حزب البديل، السيد بيورن هوكه. وهو زعيم حزب البديل من أجل ألمانيا في ولاية تورينغن وقد حكم عليه عدة مرات بسبب استخدامه شعارات نازية. وعلى الرغم من ذلك، تدعي أليس فايدل أنَّ: "العنصر الاستفزازي جدًا لديه قد ضعف. وهو يقوم بعمل ممتاز في تورينغن. والمحاكمات الجنائية أجدها سخيفة ومشكوك فيها".
فايدل أرادت ذات مرة استبعاد بيورن هوكه من الحزب
هكذا تتحدث أبرز سياسية في حزب البديل من أجل ألمانيا حول رجل يمكن وصفه بحسب حكم قضائي بأنَّه "فاشي". والأكثر من ذلك: فقد اتهمه حزبه في عام 2017 بأنَّ لديه "طبيعة مشابهة للنازية". ولهذا السبب كان حزب البديل يريد استبعاده بموافقة أليس فايدل. ولكن هيئة التحكيم رفضت هذا الطلب المقدم من المجلس التنفيذي الاتحادي.
وأليس فايدل تعترف صراحة بأنَّها تحب الاستفزاز. فقد شهَّرت في عام 2018 داخل البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) باللاجئين وطالبي اللجوء كلهم ووصفتهم بأنَّهم "رجال يحملون سكاكين ويحصلون على دعم"، والأطفال المسلمين بأنَّهم "بنات محجبات". ولذلك قام رئيس البرلمان الاتحادي آنذاك، فولفغانغ شويبله، بتوبيخ زعيمة كتلة حزب البديل من أجل ألمانيا البرلمانية.
زعيمة حزب البديل تبرر عبارة "بنات محجبات"
"الاستقطاب وسيلة أسلوبية لبدء النقاشات"، كما بررت أليس فايدل عبارتها بعد بضعة أيام في مقابلة مع صحيفة "نويه تسورشَر تسايتونغ". وقالت إنَّها أرادت بعبارة "بنات محجبات" لفت الانتباه إلى أنَّ ألمانيا لديها مشكلة مع الإسلام المحافظ، الذي يتعارض من وجهة نظرها مع القانون الأساسي (الدستور الألماني).
أليس فايدل، المرأة المستفِّزة؟ التي قد تواجه داخل صفوف حزبها أحكامًا مسبقة وتحيُّزات بسبب حياتها الخاصة؟ وذلك لأنَّها على علاقة بامرأة أصلها من سريلانكا ولديهما طفلان بالتبني. وهذا بعيد كل البعد عن الصورة المثالية التي يتبناها حزب البديل من أجل ألمانيا. إذ يلتزم الحزب في برنامجه بالأسرة التقليدية كمثل أعلى: "في الأسرة يتحمل دائمًا كل من الأب والأم مسؤولية مشتركة عن أطفالهما".
إنَّ مرشحة حزب البديل من أجل ألمانياالمستقبلية لمنصب المستشارة، والتي تعيش في ألمانيا وسويسرا، لا تجسد بأي شكل عقيدة حزبها ونظرته إلى العالم. ولكن هذا لا يشكل أية مشكلة بالنسبة لأليس فايدل، كما قالت في عام 2017: "من الممكن أن يكون لدى هذا أو ذاك استياء، ولكن هذا موجود في أحزاب أخرى أيضًا".
أعده للعربية: رائد الباش