أمريكا بعيون عربية وإسلامية: "العم سام ـ العدو المحبوب!"
١٧ مارس ٢٠٠٦هل نعاني جميعا من الشيزوفرينيا؟ الخبير بشؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز، يرى أن العالم العربي الإسلامي يعاني من الشيزوفرينيا أو الانفصام في الشخصية. فمن ناحية ينظر المسلمون إلى الإنجازات الغربية بعين الإعجاب ويطمحون الى طريقة حياة أمريكية، ومن ناحية أخرى يرفضون كل نقد موجه لقيمهم الثقافية وأنظمتهم السياسية.
وبحسب ميشائيل لودرز فإن الناس في العالم الإسلامي يفتقدون الى الرؤية الحقيقية إلى الواقع. لكن لودرز ينتقد أيضا التصورات الثقافوية في الغرب التي تخلط بين الاسلام وبين القراءة المتشددة لهذا الدين. وفي نظره فإن الغرب بدون وعي يردد نفس الرواية الأصولية للقرآن التي يتبناها المتطرفون.
سياسة الكيل بمكيالين
ينظر الكثيرون في العالم الإسلامي بعين الشك إلى أمريكا، وكثيرون هم أيضاً الذين يتهمونها بانتهاج سياسة إمبريالية. لقد بدأ الصراع بين أمريكا والعالم الإسلامي مع نهاية الحرب الباردة، لكن هذا الصراع ازداد تأججا بعد عمليات الحادي عشر من سبتمبر2001 وحرب العراق الأخيرة.
وتتهم الولايات المتحدة الأمريكية بانتهاج سياسة الكيل بمكيالين في الشرق الأوسط، هذا ما تؤكد عليه عالمة الاجتماع الألمانية ايرمغارد بين التي اعتنقت الإسلام قبل 25 عاماً والتي تعتقد "أن هذا النقد في خطوطه العريضة شرعي، لكن لم يتم تناوله وتحليله بالشكل الكافي. وتضيف العالمة الألمانية أن "العالم الإسلامي يفتقد إلى المعرفة السياسية والاجتماعية والتاريخية الكافية التي تمكنه من عرض هذا النقد بطريقة مقبولة على الأقل لدى الأوساط الغربية التي تطمح في بناء نظام عالمي عادل. الأمر إذن يتعلق بالمضمون والذي يجب أن يكون على مستوى عالي ليصل صداه الى الأوساط الغربية.
الفجوة بين القيم والسياسة
الرفض العربي الإسلامي للولايات المتحدة قد يكون رفضا سياسيا قائما على حجج موضوعية. ففي العالم العربي مثلا، يرى الكثير من المثقفين بأن الولايات المتحدة دعمت ولعقود طويلة أنظمة جائرة، الشيء الذي يتناقض مع القيم التي تدعو إليها علنا. لكن هذا الرفض قد يتخذ شكلا إيديولوجيا، كما نصادفه في الخطاب الأصولي المتطرف. النوع الأول من الرفض يدعونا الى ممارسة النقد والنقد الذاتي، وهو نقد نصادفه أيضا عند العديد من المفكرين الغربيين الذين يرون أن صورة أميركا في العالم تتأثر بشكل خاص بالمسافة الشاسعة القائمة بين القيم الأمريكية والسياسة الأمريكية.
وفي هذا السياق تقول عالمة الاجتماع إرمغارد بين أن " كل شخص يمتلك قيما يقدرها لكنه نادراً ما يتقيد ويعمل بها. هذا الشيء هو حاصل ليس لدى الأفراد فحسب، بل لدى الجماعات والدول أيضاً. لكن ما يجعل قضية الولايات المتحدة صعبة، هو أن أنها قوة عظمى، وهي بسياستها تخلق شروطا وعلاقات في جميع أنحاء العالم لها تأثيرها على الملايين من البشر. والأسوء من ذلك هو أن أميركا لا تتصرف أحيانا ضد قيمها ولكنها ترفض كل الأصوات المنتقدة التي تشير إلى هذا التناقض بين القيم الأمريكية والسياسة الأمريكية، والتي تطالبها بتصحيح هذه الأخطاء.